في خضم حرب الإبادة وما رافقها من حصار مشدد منعت بواسطته (إسرائيل) إدخال غاز الطهي لأكثر من نصف مليون مواطن بغزة؛ كان البحث عن بدائل أخرى أمرًا ضروريًا.
وتركز اهتمام هؤلاء الصامدين في مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع، على البحث عن بدائل مستدامة لفقدان غاز الطهي ومصادر الطاقة منذ بدء الحرب يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبالفعل كانت الحاجة أم الاختراع بالنسبة لهم؛ حيث استطاع مواطنون صنع جهاز بإمكانه الاشتعال وطهي الطعام بواسطته وتسخين المياه أيضًا.
وهذا الجهاز يطلق عليه في أسواق مدينة غزة "بديل الغاز"، وقد لاقى استحسان شريحة ليست قليلة من المواطنين، ما دفعهم إلى شرائه.
وعلى مدار أيام الحرب التي تجاوزت 400 يوم، استخدام المواطنون وسائل عديدة لطهي الطعام أكثرها الأخشاب.
إلا أن هذه الأخشاب بأحجامها وأنواعها المختلفة لم تعد تتوفر في أسواق مدينة غزة كما كانت من قبل بسبب الطلب المتزايد عليها وقد ارتفعت أسعارها ليتجاوز ثمن الكيلو جرام الواحد، 3 شواقل.
في سوق الصحابة بحي الدرج وسط مدينة غزة، يقف الشاب رمزي مشتهى، أمام بسطة يعرض عليها أحجامًا مختلفة من بديل الغاز.
وقال مشتهى لـ "فلسطين أون لاين": إن صنع بديل الغاز يمثل حلاً مبتكرًا لتلبية احتياجات السكان لطهي الطعام وقضاء حاجياتهم.
وتقوم فكرة بديل الغاز على استخدام إناءيْن حديديْن مفرغيْن ذو حجميْن مختلفيْن مع وضعهما داخل بضعهما على أن يفصل بينهما طبقة من الطين أو الاسمنت، ومن ثم تزويدهما بمصدر هواء متجدد للمساعدة في عملية الاشتعال.
أما عن المادة المشتعلة، فهي تعتمد على البلاستيك وخاصة "البرابيج"، حيث يتم تحويلها إلى قطع صغيرة وعند وضعها في حوض بديل الغاز فإن الهواء الذي يضخ إليه يساعد في الاشتعال.
وعند أشعل مشتهى بديل غاز ذو حجم كبير بدت ألسنة النيران قوية وهي تندفع إلى الأعلى.
وكان هذا الجهاز الذي رصده مراسل "فلسطين أون لاين" عبارة عن بديل غاز مخصص للتكيات والمطاعم بسبب حجمه الكبير ويبلغ ثمنه 650 شيقلاً، بحسب مشتهى.
أما بديل الغاز المخصص للاستخدام المنزلي يبلغ ثمنه 250 شيقلاً، وهو أصغر حجمًا من الجهاز المخصص للتكيات والمطاعم.
وأضاف مشتهى: إن الإقبال على شراء بديل الغاز في ازدياد مستمر بسبب قلة الأخشاب وارتفاع ثمنها.
وكانت عائلة الشاب محمود سالم تعتمد تمامًا على الأخشاب لطهي الطعام طيلة أيام الحرب، وتسخين المياه للاستحمام أيضًا. لكنه قرر مؤخرًا شراء بديل الغاز لاستخدامه في الطبخ وتسخين المياه.
وقال لـ"فلسطين أون لاين": إن تجربته ليست سيئة، وهي أوفر من الخشب وأسهل في الاشتعال.
وينتشر بديل الغاز حاليًا في أكثر من سوق في مدينة غزة.
ويتعرض قطاع غزة ومساحته 365 كيلومترًا مربعًا، بتعداد سكاني يزيد عن مليوني نسمة، لحصار مشدد رافق حرب الإبادة الإسرائيلية منذ بدئها، ولا تسمح سلطات الاحتلال إلا بإدخال المساعدات الإغاثية وكميات قليلة من الخضروات.