فلسطين أون لاين

"ومناشدات بتحويلها للعلاج بالخارج"

غارةٌ تقلبُ حياةَ الطّفلة المُصابة "سحر "وأسرتها رأسًا على عقب

...
دير البلح/ فاطمة حمدان

فتاةٌ في مقتبل العمر تمتاز بالحيوية وعشق الحياة، تمتاز بصوت جميل وتجيد " الدبكة" الفلسطينية، تتنقل بين مخيمات النزوح لتدخل الفرح على قلوب الاطفال والأهالي الذين يذوقون مثلها مرارة التشرد والنزوح، هكذا كانت حياة الطفلة سحر عيسى الاسمر " ١٤ عاما" قبيل قرابة الشهر فقط.

انقلاب تام 

فالعاشر من أكتوبر الماضي كان موعدًا مع انقلاب حياة سحر وأسرتها رأسًا على عقب، حيث لم تكن تدرك أن مشوارها اليومي من مخيم النزوح " أسرتها نازحة من غزة إلى دير البلح" إلى " التكية" في مدرسة رفيدة لتجلب ما يسد رمق أسرتها سيكون نقطة تحول في حياتها. 

فقد حملت سحر أوانيها وانتظرت أن يتم ملؤها بالطعام، لترى الأم في المخيم صاروخًا يمر من فوق رأسها إلى مكان قريب، لتدخل في صراخ هستيري " سحر..سحر". 

تروي الأم تلك اللحظات الأليمة التي مزقت قلبها وحياتها، " شعرت بأن مكروهًا أصاب ابنتي، هرولت تجاه المدرسة، أخذتُ أبحث بين جثث الشهداء وأشلائهم عن سحر فلم أجدها". 

وتضيف: "علمت لاحقًا أن الإسعاف قد نقلها لمشفى شهداء الأقصى حيث كان قلبها ما زال ينبض، وهناك فوجئت بإصابة ابنتها الخطيرة حيث كان وجهها محروقًا ورأسها قد شج، وخرج جزء من المخ خارجه". 

وقد قام الأطباء بتقطيب رأسها لكنها منذ ذلك اليوم وهي طريحة الفراش، لا تتحرك ولا تتكلم ولا تسمع ولا ترى، فقد دخلت في حالة صدمة عصبية، فقط تبكي وتتشنج من الخوف. 

هذا الحال ضاعف معاناة الأسرة النازحة التي تعاني من أوضاع بالغة الصعوبة من حيث الوضع المادي الصعب الذي كانت تعيشه قبل النزوح حيث الأب يعمل كعامل باليومية ثم تعيش الآن في خيمة لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، في أوضاع مادية سيئة جدا. 

وتضطر الأم لمرافقة ابنتها ليلًا ونهارًا بالمشفى تاركة وراءها أربعة من الأبناء، أصغرهم تبلغ من العمر عامًا وشهرين فقط، فيما كبرت الابنة الكبرى سيرين ١١ عاما قبل أوانها حيث تتحمل مسؤولية الاسرة في غياب الأم. 

فهي تتحمل مسؤوليات الأسرة الشاقة وتعتني بأشقائها جميعًا يعاونها في ذلك والدها الذي يقتله العجز عن تلبية متطلبات أسرته في ظل عدم قدرته في أحيان كثيرة على البحث عن عمل حيث يضطر لأخذ دور زوجته في العناية بـ" سحر" لعدة ساعات، كي تتمكن من رؤية أبنائها الآخرين. 

وفي أحيان أخرى يجد ابنته سيرين وقد فاض بها التعب من تحمل مسؤولية أشقائها فيضطر لمساعدتها في جلب المياه والجلي وغيرها من المهام، وفي ظل حاجة سحر لأدوية لا تتوافر بالمشفى فإن الأعباء المادية الملقاة على عاتق والدها تفوق احتماله. 

ولا تريد الأم التي يتقطع قلبها حزنا لما آل إليه حال ابنتها التي كانت تنبض بالحياة وتتنقل بين خيام النزوح بصوتها العذب وإتقانها للدبكة في عروض فنية مع الفرق الموجودة هناك، لتصبح جسدًا هامدًا بلا حراك ولا علامات حياة. 

" لم تكن سحر تعشق الفن فقط بل أيضا كانت يدي اليمنى في أعمالي المنزلية، والعناية بأشقائها، كانت متفوقة في دراستها حتى لقبتها إحدى معلماتها بالمعلمة الصغيرة، كنا نعلق عليها آمالا كبيرة فهي فرحتنا الأولى". 

ولا يوجد لوالدي سحر سوى رجاء واحد أن تحصل على فرصة علاج بالخارج كي تتمكن من الوقوف على قدميها مجددا ، حيث لا أمل بالتحسن في ظل ضعف الإمكانيات الطبية في قطاع غزة والعجز عن التعامل مع الحالات الصعبة كحالتها، فهل تجد تلك المناشدة آذانًا صاغية تمد يد العون لها ؟.