فرض مواطنون غاضبون في سوق النصيرات بوسط قطاع غزة على أصحاب المحال والبسطات الشعبية إغلاقًا كاملًا، احتجاجًا على الارتفاع الشديد في أسعار السلع الأساسية.
التصعيد يأتي في ظل تدهور الأوضاع المعيشية بفعل الحرب المستعرة، والتي ألقت بظلالها الثقيلة على قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم اليومية، ويتهم المواطنون كبار التجار بالاحتكار والتلاعب بالأسعار، مستغلين أجواء الحرب وغياب الرقابة.
سبق هذه الخطوة احتجاجات مماثلة في دير البلح وسط القطاع، التي تؤوي عددًا كبيرًا من النازحين، ويرى كثيرون أن هذه الاحتجاجات تعكس حالة الغضب الشعبي المتزايد جراء ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية في الأسواق، وسط مناشدات بإيجاد حلول عاجلة تخفف من وطأة الأزمة.
لقيت خطوة الإغلاق دعمًا من العديد من المواطنين الذين يعتبرونها وسيلة فعالة للضغط على التجار لتخفيض الأسعار، حيث يقول سمير العزازي، "الإغلاق رسالة قوية لوقف جشع بعض التجار، فقد أصبحوا يستغلون الحرب للتلاعب بالأسعار وفرضها على المواطنين وفق أهوائهم".
في المقابل، يرى آخرون أن إغلاق المحال قد يزيد من معاناة الأسر، إذ تقول أم حيدر، وهي ربة منزل: "نحن بحاجة إلى وقفة ضد الغلاء، لكن إغلاق المحال يجعل من الصعب علينا توفير احتياجاتنا اليومية، أتمنى أن تكون هذه الخطوة كافية لإقناع التجار بخفض الأسعار، وإلا فقد نشهد المزيد من الإغلاقات في الأيام المقبلة، مما سيزيد من معاناتنا".
رصدت متابعة ميدانية للأسعار ارتفاعًا كبيرا في أسعار المواد الأساسية، وخاصة الخضروات، فقد بلغ سعر كيلو البندورة 55 شيقلًا، بعدما كان لا يتجاوز 5 شواقل قبل الحرب، فيما وصل سعر البصل إلى 33 شيقلًا، بعد أن كان يُباع بسعر 2 شيقل فقط.
كما تشهد الأسواق نقصًا حادًا في سلع أساسية مثل السكر والزيت، وسط اتهامات للتجار بإخفائها بهدف رفع أسعارها لاحقًا.
ولم يقتصر الارتفاع على المواد الغذائية، بل شمل الملابس والأحذية وحتى الملابس المستعملة، التي تضاعفت أسعارها بشكل ملحوظ.
من جانبهم، يشعر أصحاب المحال التجارية بالقلق من تداعيات الإغلاق المتكرر وتأثيره على مداخيلهم، فعبد الحي الدمياطي، صاحب بسطة لبيع المواد الأساسية، يعبر عن مخاوفه قائلًا: "الإغلاق ليوم واحد يعني خسارة كبيرة بالنسبة لي، فكيف إذا تكرر؟ أخشى أن يؤثر ذلك على مصدر رزقي ويجعلنا أمام أزمة اقتصادية أكبر".
ويعبر العديد من التجار عن قلقهم من أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى تقليل الإقبال على الشراء، ما يهدد استمرارية أعمالهم ويزيد من صعوبة تغطية تكاليفهم التشغيلية.
وتعمدت قوات الاحتلال نشر الفوضى في الأسواق عبر استهداف طواقم الرقابة الاقتصادية، حيث قتلت عدة مرات أفراد يعملون على ضبط الأسواق ومراقبة المخازن، في محاولات متعمدة لإضعاف قدرة الجهات المحلية على تنظيم السوق والحد من احتكار السلع.
تضاف إلى الأزمة تحديات مالية أخرى، إذ يرفض العديد من أصحاب المحال والبسطات الشعبية التعامل بالعملات التالفة، خاصة فئة العشرة شواقل، مما يزيد من صعوبة التعاملات اليومية للمواطنين الرفض يجعل من الصعب على الأفراد استخدام النقود التي يملكونها في ظل محدودية الخيارات المتاحة.
يجدر الإشارة إلى أن الوضع في قطاع غزة ينذر بتصعيد أكبر للأزمة الاقتصادية والمعيشية مع استمرار ارتفاع الأسعار ونقص السلع، بيد أن الحاجة الماسة هنا لآلية لضبط الأسعار وضمان توفر السلع الأساسية بأسعار معقولة.