بعد أن قطعت شوطاً طويلاً في مشروعها الخاص "فتفوتة" سواء على صعيد تجهيز المطبخ وما يحتويه من أدوات ومعدات، أو فيما يتعلق بالزبائن الذين باتوا على علاقة به جاءت الحرب اللعينة لتهدم كل ما بنته ورسمته، وتجد نفسها في خيمة لا تصلح للحياة الآدمية، ومع ذلك استطاعت أن تعيد الحياة لفتفوتة..
الشابة الثلاثينية إسلام الخالدي، صحفية سابقة وصاحبة مطبخ فتفوتة، أم لطفلين، نازحة من غزة إلى جنوب القطاع.
ففي عالم مليء بالتحديات، نجد الخالدي مثالًا ملهمًا للصمود والإصرار على النجاح، حيث بدأت مسيرتها المهنية في مجال الإعلام، واستطاعت أن تبرز بتميزها وشغفها الكبير في هذا المجال.
ولكن طموحها دفعها لاتخاذ قرار جريء بترك الإعلام والبدء في مشروع خاص بها أسمته "فتفوته"، كان المشروع يهدف لتقديم خدمات جديدة ومبتكرة، ولقي إقبالًا واسعًا ساعدها على بناء سمعة قوية ونجاح ملحوظ.
تقول لموقع فلسطين أون لاين: "منذ ٤ سنوات تقريبا راودتني فكرة فتح مشروع ليكون مصدر دخل بديل عن عملي الذي أتقاضى منه راتبي، والحمد لله حققت فيه نجاح كبير من خلال وصول اسم وشعار مطبخ فتفوتة لأغلب الزبائن عبر كل قنوات التوزيع والتواصل التي كنت من خلالها انشر مأكولاتي أو التعامل المباشر".
ولكن كما يحدث أحيانًا في الحياة، تقف العقبات في طريق الطموحات الكبيرة، مع اندلاع الحرب، اضطرت الخالدي إلى النزوح جنوبًا، تاركة وراءها كل ما بنته من مشروع وأحلام وأمل ومنزلها الذي جهزته بالأدوات والمعدات الخاصة في صناعة المأكولات، "لم يكن قرارًا سهلًا، إذ وجدت نفسي فجأة في خيمة، محاطة بأجواء من الصعوبة والمعاناة وافتقار لأبسط مقومات الحياة، وتوقفت عن العمل مدة سبعة أشهر"، وفق قولها.
وفي ظل هذه الظروف القاسية، لم تتمكن الخالدي من متابعة مشروعها "فتفوتة" بالشكل الذي اعتادت عليه، فقد كانت الأدوات والموارد التي بحوزتها محدودة للغاية. إلا أن إرادتها القوية ساعدتها على الوقوف مجددًا، ولم تستسلم للوضع الصعب.
وتضيف: "لكن بحمد الله استطعت شيئا فشيئا بالوقوف مجددا ومواجهة كل التي تتحدى أي امرأة ريادية وأي مشروع".
بدأت الخالدي بنشر منشورات عبر صفحة الفيس بوك، والعمل مجددا على صنع وجبات بسيطة تتناسب مع الأدوات البسيطة التي تتوفر لديها كالمعجنات. والمشروبات، مما أثار إعجاب واهتمام المحيطين بها، وأعاد الأمل في قلبها للبدء من جديد.
وكأي مشروع غزي يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، أولها يتعلق الكهرباء والماء وعدم استقرار الحياة الطبيعية، بما في ذلك إغلاق المعابر وبالتالي عدم توفر كافة المواد الغذائية بالأسواق أو انقطاعها لأسابيع وأشهر متتالية بالتزامن مع ارتفاع الأسعار بشكل فادح.
وتتابع حديثها: "إضافة للنزوح الإجباري المفاجىء بعض الأحيان حيث تدهور الأوضاع في الساحة المحلية يؤدي أحيانا إلى الفرض الإجباري والقسري للنزوح ما يؤدي لترك الخيمة التي اسكنها بما فيها من أغراض وأدوات مما يؤدي إلى تدهور قوة المشروع وانهياره في بعض الأحيان".
ولذلك تحاول الخالدي قدر الإمكان تجاوز كل الصعاب بوضع حلول بديلة مثلا في فترة انقطاع اللحوم والخضروات تتوجه لصنع المعجنات والحلويات من كعك ومعمول وخلافه حتى لا تضطر إلى اغلاق المشروع فترة طويلة.
وكان الدافع الأول من وراء إعادة فتح المشروع، الدافع المالي من اجل الحصول على المال لإعالة أسرتها التي تتكون من ٢٥ فرد داخل خيمتها التي تعيش فيها.
وتكمل الخالدي: "بما فيهم الرقي بذاتي وباسم مشروعي كي اصل لافضل محطات الحياة في ظل الظروف قدر الإمكان".
من جديد منذ شهرين استطاعت فتح محل صغير باسم مطبخ فتفوتة والعمل من جديد بطريقة اوسع، حيث تمكنت من تحدي الواقع واستغلال المتاح بأقصى ما يمكن.