لم يدر بخلد الشابة ديما البحيصي عندما توجهت لافتتاح مشروعها الخاص بصناعة " الكيك" قبيل ثلاثة اعوام من الان، أنها ستمر بظروف بالغة الصعوبة بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة لعامها الثاني على التوالي ، تجعل من الاستمرار بمشروعها الذي كان من المفترض أن يكون مصدراً للدخل والبهجة لكنه أصبح صراعا للبقاء.
استئناف بعد توقُّف
فقد كانت الظروف بالغة الصعوبة في بداية الحرب "الاسرائيلية" سببًا في توقف البحيصي عن مشروعها لفترة قبل أن تقرر استئنافه مرة اخرى، لكن هذه المرة بـ"شق الانفس" حيث البحث عن مكان يتوفر لديه طاقة شمسية بجانب البحث عن المواد الخام وغيرها من المستلزمات.
وتقف الإخلاءات المستمرة والقصف العشوائي عقبة أخرى امام انتظام العمل بالمشروع حيث يمكن أن تشرع البحيصي في صناعة كعكة فتجد نفسها قد تركت مكانها وعملها فجأة ونزحت لمكان آخر.
وترى البحيصي في حبها الشديد لمشروعها وحلمها بالتطور فيه " قوة دافعة" للتغلب على كل العقبات التي تواجهها خلال هذه الحرب الاستمرار فيه.
ويشهد المشروع تغيرا في نوعية الزبائن فبعد أن كانت أعياد الميلاد والافراح هي التي تمثل الطلب الأكبر لدى البحيصي، أما الآن في ظل عزوف الناس عن احياء تلك المناسبات السعيدة أو إقامتها على استحياء وبدون تكاليف فإن أغلب الطلبات التي تقوم بتلبيتها هي عبارة عن تبرعات من الخارج لمخيمات النزوح.
وتضيف:" فأغلب ما أنجزه من طلبيات هو ما يطلبه مغتربون أو متبرعون من الخارج بان اصنع الكيك واوزعه في مخيمات النزوح لإدخال الفرحة على الأطفال والنازحين".
وتشير إلى أن الطلبيات لمناسبات سعيدة كالأفراح واعياد الميلاد في ظل الأوضاع الحالية نادرة جدا وقد تخفي وراءها ألما خفيا، فقد طلبت مني سيدة أن أعد لها كعكة عيد ميلاد لبناتها الثلاثة فأخبرني بأنها لم ترد أن تقطع عادة عودهن عليها أبيهم المعتقل حاليا في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يومٌ شاق
ويبدأ يوم عمل البحيصي خلال الحرب عند الساعة العاشرة صباحاً حيث تصبح الطاقة الشمسية قوية، فتبدأ بالتواصل مع المتبرعين والتنسيق مع إدارات مخيمات النزوح التي ستوزع فيها منتجاتها.
ولا يمضي اليوم بسهولة فالماء ليس دائما متوفرا لكي تقوم البحيصي بجلي الأواني وتعقيم ادواتها حيث يكون توفيره أمرا صعبا، كما أن الطاقة الشمسية لا تعطي قوة الكهرباء العادية حيث أن جهاز العجانة والثلاجة يحتاجان لتيار كهربائي قوي ومنتظم.
وفي ظل الاسعار الفلكية المواد الخام وعدم توفرها غالبا فإن البحيصي تبحث عن بدائل للمكونات، فقد استبدلت البيض بالخل وتستعمل الطنجرة كبديل عن قواعد الكيك.
وتمر بـ" البحيصي" مواقف صعبة تؤثر على نفسيتها كان أحدها عندما اوصتها إحدى السيدات بإعداد كعكة لتاخذها هدية لصديقتها وعند تجهيزها للطلب اتصلت بها السيدة لتخبرها بأنه لم يعد هناك داع لتسلم الطلب لأن الاحتلال الإسرائيلي قصف بيت صديقتها واستشهدت.
أما الموقف الاكثر صعوبة فهو فقدها لصديقتها المقربة تسنيم التي هي أكثر الداعمين لها في مشروعها، " يوم عملية النصيرات كنت أتحدث معها وانقطعت عنها لساعتين فقط لأتفاجأ بعد أن انتهت المقابلة أنها قد استشهدت.