في الوقت الذي كان يسعى فيه الاحتلال "الإسرائيلي" لتنفيذ خطة عسكرية شاملة في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، باتت هذه المنطقة ساحة استنزاف متواصلة، تزداد فيها خسائره اليومية أمام صمود المقاومة الفلسطينية.
ومع استمرار المعارك الضّارية هناك، يجد الاحتلال نفسه مضطرًا لتعزيز قواته بإرسال لواء جديد، في محاولة لإعادة الزخم إلى عمليته العسكرية، وسط اعترافات من خبرائه بفشل خطة "الجنرالات" التي وضعها لتهجير سكان شمالي القطاع، وتزايد التحديات أمام الجيش.
ووُضعت خطة الجنرالات التي اقترحها الجنرال السابق في جيش الاحتلال "غيورا آيلاند" على بنيامين نتنياهو، الجيش في سبتمبر/أيلول 2024، بهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة قسرا، وذلك بفرض حصار كامل على المنطقة، بما في ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية، لتجويع من تبقى من المدنيين، وكذلك المقاومين ووضعهم أمام خيارين إما الموت أو الاستسلام.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن لواء "كفير" انضم إلى لواءي "جفعاتي" و"401" في جباليا. وبذلك تكون هناك 3 ألوية تعمل في جباليا التي تواجه فيها قوات الاحتلال مقاومة شرسة.
عجز "إسرائيلي"
وقال الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، اللواء متقاعد واصف عريقات، إن تعزيز جيش الاحتلال لقواته يدل على مواجهته صعوبات في تنفيذ مهامها أو الدفاع عن نفسها، خاصة في ظل العمليات العسكرية اليومية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية.
وأوضح عريقات لموقع "فلسطين أون لاين"، أن هذا التعزيز يعكس عجز جيش الاحتلال، مما يشير إلى نقص في القوات وتدني المعنويات، وتراجع أداء الجنود "الإسرائيليين"، مؤكدًا أن هناك عمليات تصدٍ واستبسال من قبل المقاومة، مما دفع جيش الاحتلال إلى استقدام مزيد من القوات.
وأشار إلى أن سقوط أعداد من القتلى في صفوف جنود الاحتلال بشكل يومي يثبت أن المقاومة الفلسطينية ما زالت موجودة وفعّالة، وأنه بالرغم من محاولات الاحتلال القضاء عليها، إلا أن الواقع الميداني يفرض نفسه.
واستدل عريقات، بتصريحات الجنرال "الإسرائيلي" المتقاعد إسحاق بريك، المقرب من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي اعترف بوجود أنفاق لا تزال تُستخدم من قبل المقاومين، مما يجعل من الصعب على جيش الاحتلال السيطرة على شمالي قطاع غزة كما أكد أن المقاومة الفلسطينية تواصل إلحاق خسائر كبيرة بجيش الاحتلال.
وكان "إسحاق بريك" قال في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، الخميس الماضي، إن "إسرائيل" بعيدة عن تحقيق النصر، مؤكدًا أن معظم الأنفاق في غزة ما زالت بيد حماس، والجيش يكذب بخصوص تدميرها، مشيرًا إلى أن الجيش يجد صعوبة في السيطرة بغزة لفترة طويلة لأن قوامه تقلص كثيرًا.
الخسائر ترتفع
ومن جهته، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، أنّ ضم لواء جديد الى قطاعات جيش الاحتلال التي تقاتل شمال قطاع غزة يأتي في إطار ادامة زخم العملية العسكرية التي يهدف منها الاحتلال تنفيذ، "خطة الجنرالات" التي فشلت لغاية الآن في تحقيق أهدافها.
وأوضح أبو زيد لموقع "فلسطين أون لاين"، أن الزج بلواء "كفير" الذي سبق وأن قاتل في غزة، يأتي بعد سحب لواء 460 المدرع، الذي تكبد خسائر كبيرة تجاوز نسبة 35% من حجم قوته، لذلك أصبح الاحتلال مجبرًا على سحبه والدفع بلواء "كفير" مكانه.
ويعتقد الخبير العسكري، أن لواء "كفير" لن ينجح في تحقيق تفوق عملياتي لأنه من ألوية المشاة، مما يعني أن الخسائر في القوى البشرية لقوات الاحتلال في شمال غزة قد ترتفع خلال الفترة القادمة.
وأمس، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل عدد مقتل 4 من جنوده خلال المعارك مع المقاومة في شمال قطاع غزة، في الـ24 ساعة الماضية. وكانت كتائب القسام قد أعلنت إيقاع قوة "إسرائيلية" بين قتيل وجريح في تفجير منزل مفخخ غرب معسكر جباليا، واستهداف جرافتين للاحتلال. كما قنصت سرايا القدس جنديًا "إسرائيليًا" في محيط الإدارة المدنية شرق المعسكر.
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن قرار جيش الاحتلال بإرسال لواء كفير يعكس تعثر عمليته العسكرية هناك.
وأوضح الدّويري، أنّ استمرار سقوط قتلى في صفوف "الجيش الإسرائيلي" يعود إلى فعالية الكمائن التي تنفذها قوات المقاومة، مشيرًا إلى أن لواء غفعاتي، المكلف بعمليات التطهير، لم يحقّق النتائج المرجوة رغم محاولاته لاختراق مخيم جباليا.
وأضاف "القوات المدرعة "الإسرائيلية" بدأت المعركة لكنها فشلت في تنفيذ مهامها بشكل كامل، رغم تحقيقها بعض الاختراقات الأولية، مما اضطر القيادة لسحب لواء 460 وإعادة نشر لواء 401 ولواء غفعاتي، غير أن هذا الإجراء لم يسفر عن نتائج إيجابية".
وأضاف، أن ذلك دفع جيش الاحتلال لتعزيز قواته بضم لواء كفير إلى اللواءين 401 وغفعاتي في محاولة لاستعادة السيطرة.
وأشار الدويري إلى أن الدفع بلواء كفير يعكّس توجه جيش الاحتلال نحو دخول قلب مخيم جباليا، لافتًا إلى أن لواء كفير ليس لواء تقليديًا، إذ يتألف من 6 كتائب مشاة، بما يعادل فرقة ناقص، كما يملك دعما لوجستيا وإسنادا عملياتيا قويا.
وأوضح أن تعزيز الاحتلال لقوات المشاة يهدف إلى تعويض فشل القوات المدرعة في التوغل، إذ إن قوات المشاة يتمثل دورها الأساسي في اختراق الأنفاق والمباني المهدمة والمناطق المستهدفة.
ويرى الدويري أنّ المقاومة أثبتت قدرتها الفائقة على الاستمرار في القتال وإلحاق الخسائر بجيش الاحتلال، من خلال استخدام الأنفاق والتحصينات في المباني المهدمة.
يذكر أن جيش الاحتلال بدأ في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عملية عسكرية في مخيم جباليا للمرة الثالثة منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد اجتياحين في ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024.