بالرغم من صغر سنه وحداثة تخرجه في تخصص الصحافة والإعلام فإنه ترك بصمة مؤثرة في مجال التصميم والمونتاج جعلت عدداً من المؤسسات والصحفيين في الداخل والخارج يستعينون به للحصول على أفضل التصاميم وأكثرها تأثيرًا، فلم يكن يرفض لأحدهم طلبًا، لينشغل ليلًا ونهارًا في تلبية متطلبات عمله الصحفي الذي عشقه منذ نعومة أظفاره، ما جعل عائلته تدعمه في مشواره الذي اختاره باقتناع.
وكما كانت بداياته في الصحافة مبكرة ومؤثرة في الوقت ذاته، فإن نيله الشهادة كان في أثناء أدائه عمله الصحفي، لترحل معه معداته الصحفية التي كانت رفيقه الدائم أينما حل وارتحل.. "حرمتنا صواريخ الاحتلال حمزة ومقتنياته التي أحبها من كاميرا ومعدات صحفية، لكن ذكراه ستبقى في قلوبنا شابًا أفنى عمره في عمله الذي اختاره بقناعة كاملة"، يقول والده الإداري في كلية الطب بالجامعة الإسلامية لـ" فلسطين أون لاين".
وكما هو نهجه في تربيته لجميع أبنائه لم يقف أبو سلمية حجر عثرة أمام حلم الصحافة لحمزة" ٢٥ عامًا"، بل دعمه بكل قوة؛ لأنه لمس حبه لها، ولا سيما مجال التصميم منذ صغره، فلم يترك دورة تدريبية في هذا المجال إلا التحق بها، كما استغل الإنترنت ليفتح له نوافذ كثيرة في هذا المجال، " فقد استبق حمزة الدراسة في الجامعة بخطوات عدة، إذ كان له العديد من التصاميم التي رفد بها مؤسسات عدة قبيل التحاقه بتخصصه الجامعي"، يضيف والده.
وكان أبو سلمية سعيدًا بسرعة خطوات ابنه المهنية، على الرغم من عدم حبه الظهور، فقد كان يؤمن بأن توصيل الرسالة أهم من الشهرة، " لذا فوجئت عند استشهاده بأنه كان معروفاً أنه صحفي مبدع أكثر مما توقعت ، وقد تلقيت التعازي من الداخل والخارج يهنئونني فيها بتربيته الصالحة واجتهاده في عمله، وعدم كون الأمور المادية مطلبه الأول، بل إتقان العمل وتوصيل الرسالة".
وكان أبو سلمية يطمح أن يؤسس شركة إنتاج إعلامي مع اثنين من أصدقائه المقربين، "لكن الأقدار كانت أسرع من الأمنيات" وفقًا لوالده.
ويتابع: "عزائي أنه كان بارًّا بوالديه ، واصلًا لأرحامه الذين هم أكثر الناس افتقادًا له، وكان دائم البشاشة والابتسام في وجوه الجميع، حتى أن أصدقاءه كانوا يستغربون تفاؤله الدائم حتى في أحلك الظروف".
هذا التفاؤل جعله يقف سدًا منيعًا أمام مخاوف أشقائه الأصغر منه، ورغبتهم في الانتقال لجنوب القطاع، حيث كان يطمئنهم أنه لا مفر من قدر الله، وأن الموت إذا كان مكتوبًا عليهم سيأتيهم حتى لو نزحوا، " فقد كان مرتاحا نفسيا، ومقبلا على عمله الصحفي بشكل يفوق ما قبل الحرب، ما جعلنا أنا ووالدته نستودعه الله في ذهابه وإيابه، فقد كنا نخشى أن تأتي اللحظة التي نفقده فيها".
ويتابع بالقول: "لم يكن استشهاده مفاجئاً، لكن الفقد مؤلم، ولا سيما لقلب والدته التي لا تفتأ تتمنى أن تكون أول اللاحقين به، لكن ما يعيننا ويصبر قلوبنا أننا أقل بلاء وفقدًا من كثيرين من أبناء شعبنا الذين عانوا ويعانون الأمرين خلال هذه الحرب".
وترك حمزة وراءه طفلته ماريا "عام ونصف " التي كان يدللها كثيراً ، كان يجوب شوارع غزة بحثًا عن مستلزماتها في وجود المجاعة ونقص السلع الذي تعانيه المدينة المحاصرة، ليأخذ الجدان عهدًا على نفسيهما أن يدللاها ويربياها كما تمنى حمزة وأكثر.