عبر لاجئون فلسطينيون عن خشيتهم العميقة تجاه مستقبل الخدمات الإنسانية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، خاصة بعد قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر عملها في القدس المحتلة.
يُعزز من مخاوفهم غياب بدائل كافية، سواء كانت رسمية أو أهلية، تسد الفراغ الذي ستتركه الوكالة في مجالات حيوية مثل الدعم الغذائي، الصحة، التعليم، والبنية التحتية، والتي تتطلب جميعها دعماً مالياً كبيراً.
اللاجئون الذين استطلعتهم "فلسطين أون لاين" ، يخشون من أن يؤدي القرار إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في المناطق التي يعيشون فيها، فبينما كانت الأونروا تقدم المساعدات الغذائية والعلاج والتعليم لأكثر من 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، فإن إمكانية العثور على بدائل لهذه الخدمات تبدو شبه معدومة في الوقت الحالي، مما يزيد من قلقهم حيال مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم.
في أواخر أكتوبر الجاري أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً يقضي بحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) داخل دولة الاحتلال.
يفرض القرار، الذي حظي بدعم واسع داخل الكنيست، قيودا مشددة على أنشطة الأونروا، خاصة في القدس المحتلة والمناطق التي تسيطر عليها دولة الاحتلال، حيث لن يُسمح لأي جهات حكومية إسرائيلية بالتواصل مع الأونروا.
عبر اللاجئ سمير شحرور، من مخيم الأمعري في الضفة الغربية المحتلة، عن قلقه العميق من تبعات القرار الإسرائيلي الأخير الذي يستهدف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وأوضح شحرور أن الاحتلال يسعى منذ سنوات إلى تصفية وجود الأونروا، وبالتالي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين نفسها.
وأضاف شحرور لـ "فلسطين أون لاين" أن الخوف يتزايد بشأن مستقبل الطلبة اللاجئين الذين يدرسون في المدارس التي تشرف عليها الأونروا مجانا.
ولفت إلى أن البديل لهذه المدارس سيكون التعليم في المدارس الخاصة أو الحكومية، لكن الحكومة الفلسطينية بالكاد تستطيع توفير الرواتب والمخصصات اللازمة للمعلمين بسبب الأزمات المستمرة.
وأشار شحرور إلى أن المدارس الخاصة تتطلب دفع رسوم، وهو ما لا يستطيع اللاجئون تحمله، مما يترك الطلاب في وضعية حرجة قد تؤدي إلى عدم حصولهم على التعليم.
كما نوه إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بمراقبة المناهج التعليمية التي تُقدَّم، بل يُصدر تعليماته لوكالة الغوث لحذف ما يعتبره مخالفًا لرؤيته، مما يشير إلى سعيه الواضح لتقويض وجود الأونروا وإزالة أي تأثير لها على المجتمع الفلسطيني.
أنشئت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أُنشئت عام 1949، لتقديم المساعدة والدعم للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها التي تشمل الأردن، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
ورغم أنها تقدم خدماتها في عدة مواقع، إلا أن عمل الأونروا في دولة الاحتلال يختلف عن عملها في المناطق الأخرى، حيث تقتصر مهمتها هناك بشكل أساسي على مخيم شعفاط للاجئين قرب القدس المحتلة، وهو المخيم الوحيد داخل حدود المدينة وتحت إدارة إسرائيلية مباشرة.
من جهتها، أعربت اللاجئة ابتسام أبو سعيد من مخيم المغازي في وسط قطاع غزة عن قلقها إزاء تداعيات القرار الإسرائيلي على مستوى الرعاية الصحية التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين، لا سيما في العيادات والمستشفيات المدعومة من الوكالة.
وأوضحت أبو سعيد في حديث مع "فلسطين أون لاين" أن سكان غزة قد يكونون الأكثر تأثراً في حال توقف أنشطة الأونروا، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع من حصار طويل الأمد وحرب مستمرة، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة.
وأكدت أبو سعيد أن قرار حظر عمل الأونروا في القدس المحتلة قد يمتد إلى بقية المناطق الفلسطينية، حيث أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى للسيطرة الكاملة على أراضي الضفة الغربية ويتحكم في إدخال السلع الأساسية إلى قطاع غزة، غير مكترث بأي قانون دولي.
ودعت أبو سعيد المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ما وصفته بـ"الموت الجماعي" الذي يتعرض له الفلسطينيون، مشددة على أهمية الدعم الدولي لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين وضمان استمرارية الخدمات الأساسية المقدمة لهم.
من جانبه أكد النازح أدهم أبو خاطر، من دير البلح وسط قطاع غزة، أن اللاجئين في القطاع يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الغذائية، أو "الكوبونات"، التي تقدمها الأونروا بشكل دوري، وتشمل مواد أساسية كالدقيق والزيت والسكر والبقوليات.
وأوضح أبو خاطر لـ "فلسطين أون لاين" أن غياب هذه المساعدات أو تقليصها يعني زيادة الضغوط على الأسر، خاصة الأسر الممتدة، التي تعتمد بشكل رئيسي على هذه الإمدادات لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأشار أبو خاطر إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يبدي أي احترام للمعايير الدولية، فقد سبق له استهداف منشآت الأونروا، بما في ذلك المدارس والموظفين والعاملين في المؤسسات المتعاقدة معها.
ونوه إلى أن خطوة الكنسيت الاسرائيلي ليست مفاجئة، إذ يسعى الاحتلال منذ فترة طويلة إلى تقويض عمل الوكالة، كما دفع بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى وقف تمويل الأونروا، مما أدى إلى تراجع خدماتها، خاصة فيما يتعلق بفرص العمل المؤقتة التي كانت توفرها للاجئين.
وكان أبدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قلقه بشأن القرار، مشيرا إلى أن وقف أنشطة الأونروا قد يُعطل الخدمات الأساسية المقدمة لنحو 350,000 طالب ويمس بالرعاية الصحية لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة.