يحذر مراقبون اقتصاديون من تداعيات خطيرة تهدد الاقتصاد الفلسطيني مع اقتراب موعد انتهاء التفويض المالي بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية نهاية الشهر الجاري.
حيث يرى الاختصاصي الاقتصادي د نائل موسى، أن قطع العلاقات البنكية سيضع الاقتصاد الفلسطيني في "حالة شلل" حقيقية.
ويؤكد موسى لفلسطين أون لاين أن التدفقات المالية القادمة من دولة الاحتلال تعتبر شريان حياة رئيسياً للاقتصاد الفلسطيني، وبالتالي فإن توقفها أو عرقلتها سيكون له أثر مدمر على الاقتصاد المحلي.
ويوضح موسى أن وقف المراسلات المالية مع البنوك الإسرائيلية سيؤدي إلى تجميد الأموال المخصصة من المانحين وتقليص السيولة النقدية، مما سيؤثر بشدة على قدرة الفلسطينيين على تلبية احتياجاتهم المعيشية.
ويضيف قائلاً: "الأزمة ستكون متعددة الأبعاد، فهي لا تقتصر فقط على الجوانب المالية بل ستزيد من التوترات السياسية والمجتمعية، إذ إنها ستعمق فجوة عدم الاستقرار داخل الأراضي الفلسطينية."
تواجه دولة الاحتلال ضغطاً دولياً، خاصةً من الولايات المتحدة، لتمديد علاقاتها البنكية مع البنوك الفلسطينية، حيث من المقرر انتهاء التصاريح الخاصة بهذا التعاون في 31 أكتوبر.
تشعر الولايات المتحدة بالقلق من تداعيات هذه الخطوة المحتملة على استقرار المنطقة، خاصةً أن العواقب قد تؤثر على التبادلات التجارية التي تبلغ قيمتها حوالي 10 مليار دولار سنوياً.
من جانبه، بين الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن غياب القنوات البنكية الرسمية سيؤدي إلى زيادة الأنشطة المالية غير الشرعية، التي قد يجد البعض فيها ملاذاً للحفاظ على استمرارية أعمالهم التجارية،
وحذر دراغمة في حديثه لفلسطين أون لاين من أن النمو المحتمل لهذه الأنشطة سيضع السوق الفلسطينية أمام مخاطر غير مسبوقة، حيث سيفتح الباب أمام استغلال غير مشروع يؤثر سلبا على الاقتصاد ويزيد من تقويض سيادة القانون.
في العادة تقدم حكومة الاحتلال رسالتي ضمانات لبنكي " هبوعليم" و" ديسكونت" الإسرائيليين الذين يتوليان مهمة المراسلة بين البنوك الفلسطينية مع نظيراتها في دول الاحتلال والدول الأخرى.
الرسالة الأولى من وزارة القضاء في دولة الاحتلال تعطي تلك البنوك حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة " تمويل الإرهاب" جراء تعاملها مع البنوك الفلسطينية.
الرسالة الثانية من وزارة المالية الاسرائيلية تلتزم فيها بتعويض البنوك الإسرائيليين عن أي غرامات نتيجة دعاوى ترفع ضدها في دول أخرى جراء تعاملها مع البنوك الفلسطينية.
تلك الضمانات تمنح سنوياً لكنها تعرقلت منذ شن الاحتلال حربها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي
ويؤكد دراغمة أن استمرار تعطل التدفقات المالية سيفاقم من تذبذب الاستثمارات الفلسطينية، التي هي مضطربة أساسا، مما قد يدفع بالمستثمرين الأجانب إلى التخارج من السوق، ويتسبب في تراجع حاد في فرص العمل، وهو ما سينعكس على الإيرادات الضريبية التي تعتمد عليها الحكومة الفلسطينية بشكل مباشر.
ونوه دراغمة إلى أن الدول المانحة التي تقدم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية ستواجه تحديات كبيرة في إيصال مساعداتها المالية في حال عدم تجديد التفويض المالي.
ويقول: "لن تتمكن هذه الدول من تحويل الأموال إلى خزينة السلطة الفلسطينية أو مؤسساتها إلا عبر النظام المصرفي الإسرائيلي، مما يضع عبئا ماليا إضافيا على السلطة الفلسطينية ويزيد من الضغط على الاقتصاد المحلي، الذي يعاني أساسا من نقص السيولة والتمويل."
حذّر البنك الدولي مؤخراً من أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه "سقوطاً حراً" مع تزايد العجز المالي وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 86% في الربع الأول من 2024