قائمة الموقع

"صنّاع الأمل".. مبادرةٌ تعليميّة في غزّة تواجه الحرب بإرادة قوية

2024-10-21T08:59:00+03:00

في قلب أحد شوارع غزة، وقفت ثلاث فتيات بثبات وأمل رغم كل التحديات، نصبن خيمة بسيطة أطلقن عليها اسم "صناع الأمل"، ورفعن لافتة تشير إلى ما يمثله هذا المشروع من بصيص نور في حياة أطفال غزة المحرومين من التعليم.

سرعان ما لفتت المبادرة انتباه الأهالي، حيث بدأ الأطفال برفقة أمهاتهم وآبائهم بالتوافد يومياً للسؤال عن هذا المشروع وما يقدمه لأطفالهم من فرصة استعادة حقهم في التعلم وسط ظروف الحرب القاسية.

رنا أبو ليلة المسؤولة عن المبادرة توضح أنها لم تستطع أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى أطفالها وأطفال جيرانها يتجهون نحو الأمية بعد أن توقفت الدراسة بشكل كامل بسبب الحرب، قائلةً:" شعرنا أن أطفالنا يخسرون سنوات من عمرهم، وأن حقهم في التعليم يضيع في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها".


وتضيف في حديث لـ"فلسطين أون لاين":" كنا نبحث عن حل، ولكن المدارس إمّا دمرت من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي أو تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين"، مشيرةً إلى أنه في ظل هذا الواقع المرير اجتمعت مع اثنتين من قريباتها، واتخذن قراراً شجاعاً بتأسيس مبادرة تعليمية تهدف إلى توفير التعليم للأطفال المحرومين، حتى ولو كان ذلك في خيمة بسيطة.

وبدأت مبادرة "صناع الأمل" في أكتوبر 2024، مع بداية العام الدراسي الجديد، وسط دمار واسع طال العديد من المدارس والمرافق التعليمية، حيث اشترت رنا وقريبتاها خيمة، وأطلقن عليها اسم "صناع الأمل"، معبرات عن رغبة قوية في تجاوز التحديات وتقديم ما يمكن تقديمه للأطفال.

وتؤكد أبو ليلة أن الهدف من هذه الخيمة هو تعليم الأطفال، خاصة في المرحلة الابتدائية، لأن هذه المرحلة حساسة في حياتهم، ومن الضروري أن يحصلوا على أبسط حقوقهم، وهو حقهم في التعليم.

المبادرة، رغم أنها بسيطة، كانت قائمة على جهود ذاتية بحتة، فقد اشترت رنا وقريباتها الخيمة وبعض المستلزمات المدرسية مثل السبورة والقرطاسية للأطفال، لافتةً إلى أنهم لم يكن يملكن الكثير، ولكن بدعم من العائلة والمجتمع المحيط، تمكنّ من تجهيز الخيمة لتصبح جاهزة لاستقبال الطلاب".

إقبال كبير

وعلى الرغم من الإمكانيات المتواضعة، شهدت المبادرة إقبالاً كبيراً من الأهالي، وتذكر أبو ليلة أن الأهالي هنا يشعرون بأن التعليم هو الأمل الوحيد الذي يمكن أن يمنح أطفالهم فرصة لمستقبل أفضل"، حيث كان الأطفال يأتون بأمهاتهم ويطلبون التسجيل في الخيمة الدراسية، الجميع يريد العودة إلى الدراسة".

والخيمة التي بدأت بخمسين طالباً فقط، أصبحت تمثل ملاذاً تعليمياً للأطفال الذين لم يتمكنوا من العودة إلى المدارس.

آلية الدراسة

وتشرح أبو ليلة "المبادرة تركز على تدريس المواد الأساسية مثل اللغة العربية، الرياضيات، واللغة الإنجليزية، حيث بدأنا بتدريس هذه المواد لأنها أساسية لتعليم الأطفال".

وتلفت: "نحن نعمل صباحاً من الساعة الثامنة حتى الساعة الثانية عشرة، حيث نقوم بتقسيم الأطفال إلى مجموعات؛ المجموعة الأولى تضم طلاب الصف الأول والثاني وتستمر دراستهم لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، بينما تستقبل الخيمة طلاب الصف الثالث والرابع في الأيام الثلاثة المتبقية".

رغم بساطة الإمكانيات، يحاول الفريق تنظيم الوقت وتقديم محتوى دراسي مناسب، فكل ساعة دراسية تستمر 40 دقيقة، كما في المدارس التقليدية، حيث نغطي ثلاث مواد في اليوم الواحد.

تحديات وآمال

وتردف أبو ليلة:" على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذه المبادرة، إلا أن الأمل لا يزال قائماً، الرسوم التي نطلبها رمزية جداً، حوالي 50 شيكلاً شهرياً، وذلك لتغطية بعض الاحتياجات الأساسية، ولكن نأمل أن نجد جهات داعمة تساعدنا في تخفيف العبء عن الطلاب وتوفير المستلزمات الدراسية من قرطاسية وكتب ودفاتر".

"وتشدد على أن الأطفال هنا في غزة يعيشون ظروفاً قاسية، والكثير منهم، خاصة الذين تجاوزوا سن الثانية عشرة، أصبحوا مجبرين على إعالة أسرهم، ونحن نرى أن التعليم هو السبيل الوحيد لمساعدة هؤلاء الأطفال وتوفير مستقبل أفضل لهم".


وتشير إلى أنها تتمنى أن نحصل على دعم من الجهات الدولية والمؤسسات التعليمية لنتمكن من توسيع المبادرة لتشمل عدداً أكبر من الطلاب، وتوفر لهم بيئة تعليمية جيدة ومستدامة".

مبادرة "صناع الأمل" تمثل رمزاً للإرادة والصمود في وجه الظروف الصعبة التي يعيشها سكان غزة. هذه الخيمة الصغيرة التي تحولت إلى مدرسة، ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي رسالة أمل للمستقبل، وتأكيد على أن التعليم هو حق لا يمكن التنازل عنه حتى في أصعب الأوقات.


 

 

اخبار ذات صلة