قائمة الموقع

محلِّلون يفسِّرون: كيف حرم رحيل السَّنوار "إسرائيل" والمخابرات الأمريكيَّة من صورة النَّصر؟

2024-10-18T16:23:00+03:00
محلِّلون يفسِّرون: كيف حرم رحيل السَّنوار "إسرائيل" والمخابرات الأمريكيَّة من صورة النَّصر

لا تقل طريقة استشهاد القائد يحيى السنوار في أهميتها عن حدث استشهاده نفسه، فمن جانب، فإن الرواية الإسرائيلية التي تقول إن اغتياله كان محض صدفة، دون تخطيط مسبق من المخابرات والجيش الإسرائيليين، ومن جانب آخر، بوجود السنوار وسط مقاتليه خلال عملية قتله يدحض ادعاءاتها السابقة بأنه كان يتحصن في الأنفاق ويحتمي بالأسرى الإسرائيليين لديه؛ للحفاظ على حياته وللبحث عن خروج آمن له من غزة.

ووفقٍا للبًاحث السياسي سعيد زياد، فإن السنوار كان يعلم أنه ميت على كل حال منذ أن أطلق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنه مات مقاتلا غير مختبئ.

كما أن موت السنوار -برأي زياد- "يمنحه بطولة يستحقها رجل مثله لأنه مات وسلاحه في يده ولم يكن مختبئا كالجرذان ولا محاطا بالأسرى المدنيين، كما كان يردد قادة إسرائيل طيلة الوقت". فضلا عن أنه استشهد صدفة وليس نتيجة عمل استخباري ولا عسكري معقد.

واتفق الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين مع حديث سعيد بقوله إن موت السنوار جاء مكللا بالصدف وحرم إسرائيل من إخراج صورة تجعل موته يمنحها نصرا تبحث عنه كما اعتادت في كل عمليات الاغتيالات التي جرت بتخطيط مسبق.

وبناء على هذه الملابسات، فقد خرجت عملية استشهاد الرجل طبيعية كما حدثت ولم تمنح السردية الإسرائيلية فرصة التدخل بها، كما يقول جبارين، مشيرا إلى أن السنوار كان هدفا تبرر إسرائيل الكثير من عملياتها بحجة البحث عنه، مما يعني أن المعطيات حاليا تدفعها للجلوس على طاولة المفاوضات بعد مقتل المطلوب رقم واحد بالنسبة لها.

وكما يقول زياد، فقد قتلت إسرائيل السنوار ولم تغتله بدليل أنها أخذت جثته حتى تتأكد من هويته، ومع ذلك فإن استشهاده يمثل ضربة أمنية ثقيلة لحماس لكنها لن تكون نهاية لها.

فقد خسرت حماس -حسب زياد- الكثير من القيادات الثقيلة والمؤثرة وتمكنت من تجاوز الأزمة رغم أنها لم تكن تمتلك ما تمتلكه اليوم من قيادات بديلة. ومن ثم "فإن الحركة قد تصبح أكثر راديكالية حسب التوصيفات الإسرائيلية".

وأشار زياد إلى أن حماس ستتأثر برحيل السنوار وكذلك قطاع غزة لكنهما لن يسقطا بعده كما لم يسقطا عندما استشهد عبد العزيز الرنتيسي الذي كان الخليفة الوحيد تقريبا في حينه لمؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين.

وقال إن الوصول إلى رجل بحجم السنوار عن طريق الصدفة يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عاجزا عن تقديم رواية نصر لهذه العملية التاريخية، وهو المعروف بأنه ملك الرواية وملك الصورة.

وسيواجه نتنياهو حاليا -كما يقول جبارين وزياد- تساؤلات بشأن جديته في استعادة الأسرى ووقف الحرب التي لطالما حمّل السنورا مسؤولية فشل التوصل لاتفاق بشأنهما.

وبعيدا عن كل هذه التفاصيل، فإن إسرائيل تواجه معضلة كذبة رواية اختباء السنوار وصعوبة الوصول إليه بعدما استشهد الرجل في مواجهة عادية داخل منزل على سطح الأرض، كما يقول جبارين.

وعلى الصعيد المستقبي، أكد محللون أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أتم الاستعداد لمواصلة عملها المقاوم وملء الفراغ القيادي الناجم عن استشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار.

ووفق قراءة سياسية للوضع الراهن، يقول الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني ساري عرابي "من الواضح أن حركة حماس كانت متوقعة مثل هذا السيناريو، وقد رتبت أمورها وبنت تنظيمها على أساس وجود بدائل قيادية جاهزة للعمل في أي لحظة".

ويضيف عرابي أن استشهاد السنوار بهذه الطريقة يحمل عدة دلالات مهمة، تتمثل في تفوق السنوار على الاحتلال الإسرائيلي أمنيا واستخباراتيا على مدى أكثر من عام، رغم الادعاءات الإسرائيلية المتكررة عن محاصرته.

كما أشار عرابي إلى قدرة السنوار على مواصلة عمله وقيادته للحركة حتى اللحظات الأخيرة، رغم كل الظروف الصعبة والمعقدة، "حيث كان يعقد اجتماعات، ويصدر تعليمات من فوق الأرض -وليس مختبئا في الأنفاق، كما روجت إسرائيل- ومستعدا للقتال والمواجهة المباشرة، كما تظهر الصورة التي انتشرت له وهو يحمل سلاحه حتى لفظه آخر أنفاسه".

قيادة جاهزة

وبشأن استعداد حماس لمرحلة ما بعد السنوار، يؤكد عرابي أن "حماس -في قطاع غزة على وجه الخصوص- ولكونها في حالة مواجهة مستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قد رتبت أمورها بحيث يكون هناك دائما بدائل قيادية جاهزة".

ومن جانبه، يصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى الطريقة التي استشهد بها السنوار بأنها تمثل "ثباتا أسطوريا لم نشهد له مثيلا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

وأضاف أن "استطاعة السنوار البقاء في تلك المنطقة، وأن يقاتل مع المقاتلين، وأن يقود حماس من تلك المنطقة، وأن يقود المفاوضات من تلك المنطقة هذا بحد ذاته ثبات غير طبيعي وغير منطقي وأسطوري لم يسبق لها مثيل".

وفيما يتعلق بتأثير استشهاد السنوار على مستقبل الحركة، لا ينكر مصطفى أن "هذه الضربة ثقيلة بطبيعة الحال، خاصة أنها جاءت بعد اغتيال قيادات من الوزن الثقيل في الحركة، موضحا أنها ستترك فراغا ليس بالهين في منظومة حماس القيادية".

ومع ذلك، يؤكد مصطفى أن "هذه الهزة لن تصبح خللا حقيقيا في منظومة العمليات ومنظومة القتال ومنظومة الدفاع والمنظومة الصاروخية عند المقاومة في غزة".

وعن مستقبل المقاومة، يشير مصطفى إلى أن "القتال تحول من نمط القتال بجيش شبه نظامي إلى نظام عصابات ومجموعات متفرقة، حيث يقاتل كل منها لوحده بدون قيادة عملياتية مركزية"، موضحا أن "هذا من شأنه أن يمنح التنظيم تفوقا في حرب الاستنزاف، ولا يضفي عليه ضعفا".

وفيما يخص تأثير هذا الحدث على مسار المفاوضات، توقع مصطفى أن يتأثر هذا المسار بشكل كبير بعد استشهاد السنوار، وغير مستبعد أن يكون "التأثير سلبيا وليس إيجابيا"، وقال إن من  يتوقع أن موقف حماس أو المقامة سيهتز أو يتراجع ويصبح أكثر لينا أو أكثر تنازلا بعد غياب السنوار "فهو واهم".

 

 

اخبار ذات صلة