قائمة الموقع

"إسرائيل" تسجن قلب الخليل.. مخطط لدفع الفلسطينيين للرحيل

2024-10-17T18:51:00+03:00
"إسرائيل" تسجن قلب الخليل.. مخطط لدفع الفلسطينيين للرحيل (تقرير)
وكالة الأناضول

مع حلول الأعياد اليهودية في أكتوبر الجاري، عزز الجيش الإسرائيلي قواته في محيط المسجد الإبراهيمي والبؤر الاستيطانية المتناثرة بين المساكن الفلسطينية وسط الخليل، وأغلق شوارع وأزقة تصل بين بيوت وأحياء المدينة، مما زاد الضغوط، وتحول السكان إلى سجناء في منازلهم وقيدت "إسرائيل" حريتهم في الحركة والتنقل.

ووفق اتفاق الخليل عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، قُسمت الخليل إلى منطقتين: "خ-1" وتخضع لسيطرة فلسطينية، و"خ-2" وتخضع لسيطرة إسرائيلية، وتُقدر الأخيرة بنحو 20 بالمئة من مساحة المدينة، وتقع فيها البلدة القديمة والمسجد الإبراهيمي.

في الشهور الأولى للإبادة بغزة، فرض الجيش الإسرائيلي على أهل الخليل حظرا كاملا للتجوال، بدأت تخف حدته تدريجيا ليتحول إلى حظر أيام السبت من كل أسبوع، وخلال الأعياد اليهودية؛ إذ يتوجب على الفلسطينيين المكوث بمنازلهم.

وبالتزامن مع إجراءات الجيش، صعد المستوطنون الإسرائيليون من اعتداءاتهم على الفلسطينيين بما في ذلك مهاجمة البيوت وتسميم الأغنام كما حصل في حادثتين منفصلتين خلال سبتمبر/ أيلول الماضي.

وعن تلك المعاناة، يقول عماد أبو شمسية، وهو من حي تل الرميدة، إن عائلته كبقية العائلات في المنطقة المغلقة "تعيش ظروفا صعبة وقيودا على الحركة".

وفي حديثه مع الأناضول، تطرق أبو شمسية إلى الاعتداءات على الأهالي أثناء مرورهم من الحواجز العسكرية الإسرائيلية من وإلى بيوتهم، مبينا أنها تتنوع بين "ضرب وتنكيل وإهانة للأطفال وتفتيش يدوي استفزازي وتحرش جنسي بالأطفال والفتيات".

ويذكر أنه اعتبارا من مساء الجمعة من كل أسبوع، تفرض إسرائيل على أهالي الخليل حظرا للتجول بسبب دخول السبت، وهو يوم عطلة أسبوعية لليهود.

ويضيف: "نُمنع من الحياة الطبيعية في يوم السبت من كل أسبوع بما في ذلك الخروج حتى في ساحة المنزل أو الوقوف على النوافذ، كل شيء يتوقف ونبقى رهائن للحبس المنزلي".

ويلفت أبو شمسية إلى أن "كثير من العائلات الفلسطينية اضطرت لمغادرة قلب الخليل بسبب القيود الإسرائيلية، خاصة تلك التي لديها أبناء في الثانوية العامة أو الجامعات"، مبينا أن هؤلاء لجأوا إلى بيوت أقارب لهم بعيدة عن منطقة الإغلاق.

ويشير المواطن الفلسطيني إلى أن معاناتهم لا تتوقف عند هذا الحد؛ فـ"المستوطنون يقتحمون المنازل بلباس الجيش، وينكلون بالمواطنين، ويجرون أعمال تفتيش وتخريب ومصادرة للهواتف النقالة بدون سبب".

ويشتكي أبو شمسية من الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون وسط الخليل لتوفير سبل العيش واحتياجات أسرهم، وذلك جراء القيود الإسرائيلية.

ويقول بهذا الصدد إن كل شيء يتم شراؤه بكميات قليلة وبأحجام صغيرة "حتى نتمكن من إدخالها عبر حواجز التفتيش العسكرية والبوابات الإلكترونية بها".

لم تؤثر الإجراءات على الحركة فحسب بل ألقت بظلالها على العلاقات الاجتماعية، فبينما تتمكن ابنتا أبو شمسية المتزوجتان خارج المنطقة المغلقة من زيارة العائلة، فإنه لا يسمح لزوجيهما بالدخول.

ويوضح أبو شمسية أن السلطات الإسرائيلية فرضت تثبيتا لأسماء سكان الخليل وفق قوائم بالأرقام، وتمنع دخول كل من هو خارج القائمة ولا يحمل رقما.

ومع حلول عيد "العرش اليهودي" الذي يبدأ الخميس ويستمر أسبوعا، فإن أبو شمسية كباقي العائلات، يشعر بالقلق ويتهيأ للمكوث طويلا في المنزل.

من جهتها، تقول لجنة إعمار الخليل (حكومية فلسطينية وظيفتها تثبيت السكان وترميم البيوت القديمة) إن الجيش الإسرائيلي أضاف حواجز جديدة في قلب المدينة بعد 7 أكتوبر 2023، تضاف إلى أكثر من 100 حاجز وعائق ونقطة عسكرية كانت موجودة من قبل.

ويقول مدير اللجنة مهند الجعبري للأناضول، إن "الاحتلال بدأ إجراءاته بحظر التجول داخل الأحياء، والآن يقتصر حظر التجول على أيام السبت والأعياد اليهودية".

ويذكر من الإجراءات المتبعة منذ 7 أكتوبر "منع مغادرة المنازل قبل الساعة السادسة صباحا، ومنع العودة إليها لمن غادروها بعد العاشرة ليلا".

ويشير إلى "جولات استفزازية كثيفة للمستوطنين في البلدة القديمة أيام السبت من كل أسبوع، يترتب عليها إغلاق المتاجر وشل الحركة التجارية في الخليل".

ويحذر من "ممارسة الضغوط على المواطنين لدفعهم إلى الخروج من البلدة القديمة بالخليل وإخلائها ضمن سياسة تهجير يخطط لها الاحتلال".

ويلفت الجعبري إلى تراجع أعداد المصلين بشكل كبير في المسجد الإبراهيمي طوال العام الماضي وتكرار منع رفع الأذان، وإغلاق محيطه في أي حدث أمني في المحافظة حتى لو كان بعيدا عنه.

ومنذ 1994 قسّمت إسرائيل المسجد بواقع 63 بالمئة لليهود، و37 بالمئة للمسلمين، عقب مذبحة ارتكبها مستوطن أسفرت عن استشهاد 29 مصليا، وفي الجزء المخصص لليهود تقع غرفة الأذان.

ويقدر الجعبري عدد المواطنين المتأثرين مباشرةً ويوميا بالإجراءات الإسرائيلية بالمناطق المغلقة بنحو 4500، يرتفع العدد إلى 8500 عند الحديث عن كامل البلدة القديمة.

وتطرق إلى المداهمات الليلية للبيوت حيث تم إخضاع السكان وهواتفهم ومنازلهم للتفتيش والاعتداء عليهم بشكل شبه يومي.

وخلص إلى أن "سكان البلدة القديمة والأحياء المحيطة بالمسجد الإبراهيمي يحتاجون إلى حماية وأمن، فضلا عن دعم إنساني وإسناد مادي، خاصة مع فقدان كثيرين منهم أعمالهم نتيجة عدم تمكنهم من الوصول إليها".

وبداية أغسطس/آب الماضي، نشرت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية تقريرا عنونته بـ"حياة محتلة: خطر التهجير القسري للفلسطينيين في الخليل"، يرصد الواقع المرير وسط المدينة.

المنظمة سلطت الضوء على تفاصيل التدهور السريع في حصول فلسطينيي الخليل على الرعاية الطبية؛ بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل والعنف الذي يرتكبه الجنود والمستوطنون.

وضمن التقرير، قالت مديرة الشؤون الإنسانية بالمنظمة فريدريكه فان دونغن: "تتسبب القيود المفروضة على الحركة والمضايقات والعنف من قبل القوات والمستوطنين الإسرائيليين بمعاناة هائلة غير ضرورية للفلسطينيين في الخليل. ولهذا الأمر تأثير كارثي على صحة الناس النفسية والجسدية".

وتنتشر في قلب الخليل عدة بؤر استيطانية يسكنها نحو 500 مستوطن، وسط انتشار عسكري لمئات الجنود.

وتشهد الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، انتهاكات إسرائيلية يومية من الجيش والمستوطنون، بموازاة الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

وأسفرت الانتهاكات الإسرائيلية بالضفة عن مقتل 756 فلسطينيا حتى الأربعاء، وإصابة نحو 6 آلاف و250، واعتقال 11 ألفا و300، وفق معطيات فلسطينية.

وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة أكثر من 141 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وآلاف المفقودين، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

اخبار ذات صلة