قدّمت قرابة الـ ٢٥٠ شكوى في هيئة البث البريطانية "الأوفكام" ضد قناة الجزيرة "الإنجليزية"، عقب نشر فريق "التحقيقات مفتوحة المصدر بالجزيرة – سند- تحقيقًا استقصائيًا تثبتُ فيه تعمّد الاحتلال "الإسرائيلي" استهداف مستشفى الأهلي العربي المعمداني بمدينة غزة، بتاريخ 17 أكتوبر/ تشرين أول 2023.
واتّخذت "الأوفكام" قرارًا بوقف بث القناة الانجليزية في فنادق أوروبا، في ظل مطالبات من "السي إن إن " بنشر اعتذار عن التحقيق.
وفي تفاصيل الحدث، قال الصّحفي في قناة الجزيرة عمر القزّاز "تواصلت معنا النيويورك تايمز للاطلاع على تفاصيل التحقيق والتعاون فيه، وكتب عني وفريقي آنذاك صحفيين مختصين بالشؤون العسكرية في "إسرائيل" بأن فريق "التحقيقات مفتوحة المصدر بالجزيرة – سند- داعم وشريك في الإرهاب الحمساوي تجاه "إسرائيل""
وأضاف القزّاز "أثار التحقيق جدلًا في أوساط متخصصي المصادر المفتوحة في الغرب حتى أنه كانت هناك نقاشات تفند وتكذب التحقيق وكتبوا عنه عدة مقالات واتهمونا حينها بلي الحقائق – الحقائق التي تدعم الرواية "الإسرائيلية"- .
ولفت إلى أنّ التحقيق حقّق قرابة ٥٠ مليون مشاهدة على كل منصات الجزيرة منها ٢٠ مليون مشاهدة على منصة الجزيرة إنجليزي وحدها.
روايات متضاربة ومقاطع مصورة قديمة ومسح وتعديل للمنشورات..
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) October 19, 2023
تحقيق أجرته وكالة سند في شبكة الجزيرة، يثبت كيف تعمد الاحتلال تضليل الإعلام والرأي العام في روايته حول استهداف مستشفى المعمداني. pic.twitter.com/x3ldwt1oR0
وفيما يلي تفاصيل التّحقيق الذي نشرته قناة الجزيرة، وروى الصّحفي القزّاز تفاصيل الحصول على الأدلة والوصول إلى النتائج.
ماذا حدث؟
في مثل هذه الأيام من العام الماضي قصف المستشفى الأهلي المعمداني الواقع بحي الزيتون جنوب مدينة غزة، واستشهد حسب الصحة الفلسطينية ٥٠٠ شهيد، لجأوا لساحات المستشفى توقعًا منهم بأن القصف "الإسرائيلي" لن يطال مشافي القطاع.
كانت ليلة صعبه ومهولة ومشاهد مؤلمة لجثث محترقة ومقطعه وأشلاء متناثرة لأطفال ونساء.
خرج علينا المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي يبرر فعلة جيشه المجرم بأن الصاروخ الذي سقط على النازحين بالمستشفى هو صاروخ للمقاومة وليس استهداف "إسرائيلي"، مستعينًا بمشاهد ذاعتها الجزيرة على الهواء مباشرة لصواريخ أطلقت من غزة في نفس توقيت قصف مستشفى الأهلي المعمداني.
جابت هذه المشاهد من الجزيرة العناوين الرئيسية لقنوات تلفزة عالمية، منها السي إن إن والـ ABC الأميركيتين.
"إسرائيل" استخدمت كافة الأسلحة لتضليل العالم وتثبيت روايتها حتى أن جهاز الدعاية الإسرائيلي -الهاسبارا- اختلق حسابات وهمية لمراسلة الجزيرة انجليزي على تويتر وأخذت تنشر شهادات من نوعية "أنا مراسل الجزيرة انجليزي ورأيت صاروخ المقاومة يضرب المدنيين في غزة" آلاف من إعادة التغريد لتلك الحسابات الجديدة والمختلقة.
بايدن حينها صرح بأنه "صاروخ طائش" أطلقته جماعة "إرهابية" على الآمنين مكررًا الرواية الإسرائيلية.
ماذا كان يجري في الكواليس؟
اجتمع فريق التحقيقات للمصادر المفتوحة بالجزيرة في ليلة من أصعب الليالي التي مرت، يجمع كل الأدلة المنتشرة على الانترنت محاولين بناء خط زمني للمشاهد البصرية المتاحة.
توصّلت حينها النتائج إلى أنه لا توجد أي أسس لادعاءات "الجيش الإسرائيلي" بأن الغارة على المستشفى الأهلي العربي في غزة كانت بسبب فشل إطلاق صاروخ، ما أشار إلى أن الرواية "الإسرائيلية" كانت مضللة واعتمدت على الإشارة إلى أن إحدى الومضات المسجلة كانت نتيجةً لخطأ في إطلاق صاروخ من غزة، إلا أنه بعد فحص شامل لمقاطع الفيديو المتاحة، أكد محللو سند أن الوميض، الذي نسبته "إسرائيل" إلى خطأ في الإطلاق، يتوافق في الواقع مع نظام دفاع القبة الحديدية "الإسرائيلي" الذي اعترض صاروخًا في الجو، الأمر الذي تعارض مع الرواية "الإسرائيلية".
شكلنا ثلاث فرق للعمل بشكل أسرع ومتخصص لتفنيد الرواية "الإسرائيلية".
١- جمع المعلومات
جمع كل الأدلة والمعلومات التي نشرت عبر المصادر المفتوحة قبل وبعد الحادث.
قام الفريق بتسجيل كافة كاميرات المراقبة من "أسدود" وجنوب "تل أبيب" المطلة على القطاع والتي ترصد كافة ما يجري في سماء غزة من على بعد ٦٠ كيلو متر تقريبًا. – بالمناسبة تواصلت معنا النيويورك تايمز في حينها للاستعانة بتلك المشاهد- وأكدت ما نشرناه في تحقيق منفصل.
بالإضافة لجمع المشاهد التي صورها "الإسرائيليين" في الغلاف من التيلغرام وحساباتهم الشخصية.
التحقق من المعلومات
كل مشهد فيديو أو معلومة متناثرة كان يتم التحقق منها بشكل معمق، من الذي صور ذلك المشهد ومدى قربه أو بعده عن المستشفى، والتواصل معه للوصول للبيانات الوصفية للفيديو لأن العامل الأساسي الحاسم في هذا التحقيق كان العامل الزمني. وتحديد مكان وزاوية التصوير عبر الخريطة. – استخدمنا جوجل ايرث لتحديد زوايا وأماكن التصوير-
تحليل المعلومات
تمر المعلومات المحققة على فريق التحليل لتفكيك وتشريح المشاهد بالثواني فكانت النتائج كالتالي:
18:59:14 بدء الرشقات الصاروخية الفلسطينية.
18:59:35 انتهت الرشقات الصاروخية الفلسطينية
18:59:50 صاروخ منفرد يظهر مرة أخرى في البث المباشر لكاميرات تل أبيب على يوتيوب والبث المباشر للجزيرة
18:59:50 بث الجزيرة عبر يوتيوب يظهر وميض اعتراض الصاروخ من قبل القبة الحديدة في الجو
18:59:55 انفجار في المستشفى المعمداني.
٥ ثواني فقط هي الفارق بين انفجار المشفى واعتراض الصاروخ.
النتيجة:
تعمد "إسرائيل" استهداف المستشفى المعمداني في غزة، ونفي الرواية التي تفيد بأن المقاومة هي التي أطلقت الصاروخ.
المؤسف أن نشاهد وسائل الاعلام الأجنبية منها البي بي سي تتبنى روايات مضللة أو تفند الروايات بأسلوب غير مهنى. تظهر فيه التحيزات.
وتوافق تحقيق نيويورك تايمز مع ما نشرته الجزيرة بعد ٨ أيام من نشر الجزيرة لتحقيقها.
An Al Jazeera digital investigation found no grounds for the Israeli army's claim that the strike on the al-Ahli Arab hospital in Gaza was caused by a failed rocket launch. pic.twitter.com/DQsrBXfwmL
— Al Jazeera English (@AJEnglish) October 19, 2023