فلسطين أون لاين

بعد أيام على صدور كتابه "شهادات على جدران حبيبتي غزة"

تقرير الرِّوائيّ يسري الغول: الكتابة فعل مقاوم وتوثيق للسَّرديَّة الفلسطينيَّة من وسط الإبادة

...
الرِّوائيّ يسري الغول: الكتابة فعل مقاوم وتوثيق للسَّرديَّة الفلسطينيَّة من وسط الإبادة
غزة / علي البطة:

من بين ركام المنازل المدمرة، ومن قلب أتون الحصار والتجويع، كتب القاص والروائي يسري الغول، نصوص كتابه "شهادات على جدران حبيبتي غزة" ليروي سردية العنقاء الفلسطينية في مواجهة الإبادة الإسرائيلية.

صدر كتاب يسري الغول قبل أيام عن دار فضاءات في الأردن لينضم إلى سلسلة كتب توثق الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، ولكن هذه المرة من أحد أبطالها الذين اختار أن يكون قلمه وصوته معبرًا عن شعبه وهو يعيش الألم والمعاناة اليومية في مدينة غزة التي رفض النزوح منها رغم كل المخاطر المتواصلة.

يقول الغول لفلسطين أون لاين: شهادات على جدران حبيبتي غزة هي عبارة عن شهادات كنت قد أسميتها "سيوف صدئة.. شهادات حول الإبادة" لكن اتفقنا على تغييره لأن الناشر يريد أن يكون اسم غزة في العنوان.

الكتاب -وفق القاص الغول- عبارة عن شهادات حول المقتلة والابادة التي يتعرض لها الفلسطيني، مبينا أنه سجل من شمال غزة كل هذه الشهادات.. هي عبارة عن قصص صحفية مليئة بالعمل الأدبي وتجمع بين التقريرية والأدبية.

دافع الكتابة

يبين الروائي الغول أن دافعه للكتابة هو توثيق السردية الفلسطينية في ظل هذه المقتلة، ولذلك لا يمكن للاحتلال أن يبرر قتله لنا ونحن عاجزون أن نفعل شيئا.

وقال: لذلك أعد أن الكتابة فعل مقاومة، وأن الفلسطيني يجب أن يناضل بكل أدوات النضال والمقاومة في مواجهة الاحتلال والاستعمار الاسرائيلي.. لذلك كان دافع الكتابة هو توثيق السردية الفلسطينية كتابة للتاريخ أن نوصل صوتنا إلى العالم وأن يصل إلى هذا العالم أن الفلسطيني حي وحر وأنه سيناضل حتى يحقق مراده في التحرير.

يتابع: الكتاب والأدباء لا يمكن أن يظلوا صامتين أمام هذه المقتلة،  فإنه من المعيب في الوقت الذي يقاتل فيه المقاوم على التخوم وفي مواطن القتال بينما نحن منشغلون في أعمال تكون بعيدة عن الثقافة والأدب الفلسطيني.

ويردف، لذلك الفكرة المركزية هي النضال والدفاع عن فلسطين، أهم هدف للكتاب هو الدفاع عن حقنا وعن تاريخنا وعن وجودنا.

بماذا يختلف هذا الكتاب عن الكتب السابقة ليسري، لا يتردد في الإجابة سريعا: هذا الكتاب يختلف عن كل الكتب السابقة. أعمالي السابقة هي أعمال قصصية وروايات، ولكن هذا الكتاب هو شهادات توثيق حقائق للإبادة التي حدثت للفلسطينيين في شمال غزة وفي عموم قطاع غزة.

وأوضح أن هذا الكتاب هو امتداد لمناقشة الواقع الفلسطيني ولكن بشكل غير أدبي بحت، وإنما يغلب عليه طابع التقريرية والقصة الصحفية لتوثيق المعاناة التي يعانيها الانسان الفلسطيني نتيجة القتل والإبادة.

وحول أبطال الكتاب، بيّن أنهم أشخاص حقيقيون، وقال: هذا الكتاب يختلف عن سابقاته فهو ليس رواية أو قصص قصيرة ولذلك هو عبارة عن مجموعة شهادات لأشخاص حدثت معهم كثير من المواقف المؤلمة والمزرية من قتل وابادة وتدمير مثل رنا الحصري التي فقدت زوجها وأبناءها، وريم المغربي التي تم اختطاف زوجها وأبناءها من أمام عينيها ودعاها أحد جنود الاحتلال لأن تودعهم لأنها لن تراهم مرة أخرى.

كتابة من القلب

يرى الغول المسكون بحب غزة، أن الكتابة من قلب الوجع هي الكتابة الحقيقية، هي التي تكتب من القلب فتصل إلى القلب.

يتابع: لذلك الكتابة التي تخرج من قطاع غزة هي الأكثر تأثيرا والأكثر إيلاما. وهي الاكثر وصولا إلى قلب القراء العرب وأيضا العالميين إن ترجمت.

واستدرك: مع الأسف لا يوجد لدينا حركة ترجمة حقيقية. وهذا الأمر بحاجة للعمل عليه من الجامعات التي تدرس اللغات خصوصا الانجليزية.

ويشدد على أن أي كتابة لا تدعو إلى الانتفاضة في وجه طغمة الاستعمار العالمي والنخب النائمة والانظمة الشمولية المنتفعة والمتخاذلة والمتواطئة هي كتابة فاشلة.

وتابع: الحديث عن الوقائع المؤلمة وإيلام النفس البشرية والتحريض على الشعور تجاه الفلسطيني المحاصر والجائع الذي يتم إبادته الآن هو نوع من أنواع التحريض للفعل المقاوم والانتفاضة أمام السفارات وأمام المؤسسات المؤثرة في العالم من أجل الذود عن الفلسطينيين من أجل ايقاف المقتلة بحقه ومن أجل وقف إطلاق النار.

ودمر الاحتلال بيتي الأديب الغول ومكتبته الزاخرة ولكن ذلك لم يغير إيمانه وقناعته بجدوى الصمود والثبات والتمسك بالأمل.

يقول: دمر الاحتلال بيتين لي لكن سنعيد بناء بيوتنا وسأعيد بناء مكتبتي.

"الصمود هنا فريضة شرعية"، أنا الكاتب الوحيد المعروف والمعتبر في شمال غزة ولذلك لا يمكن أن أنسحب وأتنازل وأخون حروفي.. إن خنت قلمي مرة فسأخونه ألف مرة ولن أسمح لنفسي أن أخون هذا القلم لأن هذا واجب أخلاقي ووطني وإنساني.

رسالة للعالم

وعن رسالته للعالم وهو يقف في مقدمة صفوف شعبنا في الثبات والصمود، قال: يا أحرار العالم انتفضوا، يا سكان العالم انتفضوا.

وللأسف هذه رسالة للأمة العربية والاسلامية النائمة. نحن نطعن من الخلف ونحن يقتل أطفالنا. وكما قالت المرأة العجوز يا رسول الله لا تشفع لهم، نحن نقول للعرب سيأتي اليوم الذي ستقتلون فيه، وسيدفع العربي ثمن دم أطفال غزة لأنه صمت وخنع بدل أن ينفجر في وجه طغمة الحكام والأنظمة الشمولية القائمة التي للأسف هي امتداد للاستعمار وهي أداة من أدواته.

ورأى أن إسرائيل لن تتوقف عند غزة ولبنان، محذرا بأن إسرائيل تسعى للسيطرة على كل المنطقة، لذلك المطلوب من العرب ومن العالم ومن الأحرار أن ينتفضوا في وجه هذا الاستعمار لأن إسرائيل تريد أن تسيطر على كل المقدرات ولن ينفع الندم حينها، ولذلك نحن الآن قادرون أن نوجع هذا الاحتلال.

صامدون ولن نرحل

وأشار إلى أنه أمضى عاما كاملا تحت الحرب، وقال: قضينا عام الحرب من نزوح إلى نزوح ومن بلد إلى آخر ومن ظروف إلى أخرى.

وأضاف: واقع مرير وظروف صعبة وواقع سيء وجوع. لقد كتبت في شهاداتي عن المجاعة وكيف كنت أذهب خلف خطوط العدو لأجل احضار الطعام لأبنائي، ولم نكن نجد ما نأكله، أكلنا طعام الحيوانات وغيره. نحن قضيناها ورغم ذلك صامدين في شمال غزة ولن نغادرها حتى نلقى الله أو أن ندخل إلى أراضينا بعد ان نحررها بإذن الله.