قائمة الموقع

"عينٌ وذاكرة".. بحثٌ عن المواهب في رحم "المعاناة"

2024-10-14T10:29:00+03:00

رغم أن التفكير في الثقافة خلال حرب الإبادة "الإسرائيلية" الحالية قد يُعد ترفاً للكثيرين في ظل المجازر والنزوح وغلاء المعيشة، إلا أن الشابتيْن إيمان عفانة وضحى الكحلوت لم تطيقا أمر غياب الفعاليات الثقافية التي جمعتهما معاً ووطدت صداقتهما منذ سبع سنوات خلت، فقررتا نفض الغبار عن مواهب الأطفال في خيام النزوح وصقلها بما توفر لديهما من خبرة، معتقداتٍ بأن منح الأطفال الفرصة للتعبير عن النفس من خلال النصوص الأدبية علاج نفسي فعال في تفريغ ما مروا ويمرون به من تجارب مؤلمة تفوق الخيال والاحتمال.

بنات أفكارهما 

وتمخض العصف الذهني الذي خاضته الشابتان عن مبادرة " عين وذاكرة: لن نقيم مآتم للذاكرة" الثقافية التي تهدف لاكتشاف وتطوير المواهب الأدبية والفنية لدى الأطفال في غزة بجانب تقديم الدعم النفسي لهم من خلال إتاحة الفرصة للتعبير عن أنفسهم ومشاعرهم وتجاربهم الخاصة في الحرب والنزوح وأملهم في المستقبل كما تبين الشابة إيمان عفانة. 

وتشير إلى أن المبادرة تهدف لإنتاج كتاب يجمع نصوصاً أدبية ورسومات فنية لمجموعة من الموهوبين مما يسهم في تعزيز الإنتاج الثقافي والفني في غزة وفتح الطريق أمام فرص محلية ودولية لهم. 

وبدعمٍ من مؤسسة عبد المحسن القطان وجهود شبابية خالصة انطلقت المبادرة التي قوبلت بتحديات أهمها التأثيرات النفسية البالغة لحرب الإبادة على الأطفال، ما جعل المبادرون يأخذون بعين الاعتبار التركيز على الجانب النفسي بالتوازي مع الثقافة. 

فيما يمثل العائق المادي حجر عثرة أمام قدرة المبادرة على توسيغ نطاق خدماتها ليظل المبادرون في حالة بحث دائم عن مزيدٍ من الدعم والشراكات مع مؤسسات أخرى لضمان تحقيق الأهداف المرجوة ، تقول عفانة:" فالاهتمام بالجانب الثفافي من قبل المؤسسات  في ظل ما تمر به غزة ضعيف جداً". 

وتتابع:" رغم ذلك إلا أننا لدينا أمل أن نكون قادرين على الاستمرار وجعل "عين وذاكرة" منصة مستقلة قادرة على منح الأمل للأطفال والشباب في غزة، وعلى ثقة بأننا قادرون على دعم الإنتاج الثقافي فيها، وتوصيل تجارب الموهوبين للعالم بصورة فنية جميلة". 

وإذ تستهدف المبادرة الأطفال والشباب في الفئة العمرية بين (11-16عاماً) وتسعى لتقديم الدعم لهم من خلال التعليم والثقافة والفنون، فإنها تهدف لتمكينهم من التعبير عن ذاكرتهم وتجاربهم الشخصية والجماعية عبر ورش عمل مختلفىة تدمج بين الدعم النفسي والجانب التعليمي والثقافي والتوثيق الفني. 

تفريغ .. وإبداع 

وتشرح عفانة بالقول:" الأخصائيون النفسيون يساعدون الأطفال على التفريغ النفسي والتعبير عن مشاعرهم بطريقة آمنة، بينما يركز مختصون بالثقافة على تعليمهم الكتابة الإبداعية والتعبير الفني دون خوف من الفشل ، ثم نوثق تجارب الأطفال المكتوبة عبر ترجمتها لنصوص أدبية ورسومات تعكس رؤيتهم الشخصية وتجاربهم اليومية، ليوثقوا واقعهم بعيونهم". 

ورغم ما قاسته ضحى الكحلوت النازحة من غزة إلى دير البلح من ويلات النزوح إلا أن شغفها بالأدب والثقافة لم يتبدد، تقول:" تجارب الحرب منذ لحظتها الأولى من خوف وعيون تلاحق الخبر العاجل وهروب من مكان لآخر لم تكن سهلةولا يحتملها جسدٌ أنهكته حروب مسبقة وركض مستمر نحو المستقبل". 

وتضيف:" اعتقدنا أن كل ما مررنا به خلال الحرب أنه أصعب ما جربه العقل والجسد، حتى طالتنا ويلات النزوح وانتقلنا من بيتنا في غزة إلى جنوب القطاع، تاركين خلفنا كل محاولاتنا وأمانينا وسر راحتنا، فجربتُ معنى الخوف والجوع والتعب والحرمان كأنني أعرفهم من جديد، فقدت سيطرتي على دموعي وحواسي، ولم أندفع باتجاه شيء سوى البكاء والانتظار وحصرتُ نفسي بين الأخبار والتحليلات". 

لكن بعد عدة شهور وجدت الكحلوت أن رغبتها في العيش مرة أخرى تتملكها، ودفعتها باتجاه الكتابة مرة أخرى، "لأجد نفسي التي كدتُ أخسرها، حاولتُ مراراً وتكراراً ، كتبتُ كثيراُ ، ثم فكرت في مساعدة الموهوبين الذين لم يستطيعوا أن يطوروا مواهبهم بسبب الحرب، فكانت المبادرة التي تهتم باليافعين الموهوبين في الرسم والكتابة". 

وتصف اللقاءات التي جمعتها بالموهوبين بـ"الملهمة جداً"، " تبادلنا معهم خبرات وأفكار رائعة، نحاول الخروج من أجواء الحرب، والمحافظة على مواهب المبدعين"، معربة عن أملها في أن يتمكنوا من الاستمرار في المبادرة وتوسيع نطاق عملها الجغرافي حتى يستفيد منها أكبر عدد من الموهوبين.

اخبار ذات صلة