قائمة الموقع

"7 أكتوبر" .. أنعش الذّاكرةَ بمجدٍ جديد وإرهاصات التّحرير

2024-10-06T18:30:00+03:00

من فوهات الرّاجمات والبنادق المتأهبة، من تحت الأرض وفوقها وسمائها، شق قرار قيادة القسام ببدء المعركة طريقه لينفجر "الطوفان" قبل أن تشق خيوط الشمس غيوم السماء في سبت 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 هذا التاريخ ولد ليخلد مرة أخرى، فتوالى انطلاق رشقات القسام الصاروخية المحملة بغضب جهنمي أحرق دولة الاحتلال. 

لنحو ساعة لم تتوقف الرشقات الصاروخية التي انطلقت من كافة محافظات القطاع، وتسابقت في الوصول لأهدافها في المستوطنات المحاذية للقطاع وامتدت إلى بئر السبع وعسقلان و(تل أبيب) ومحيطها والقدس، حاملة آمال التحرير، ومحملة بنسمات النصر مع صباح تشريني بارد. 

استيقظ المستوطنون مفزوعين، حينما تفتحت أعينهم على الدخان المتصاعد من سياراتهم وبيوتهم المحترقة، لكن العيون اتسعت أكثر ووقفت متصلبة تنظر بدهشة وتعاود النظر كأنها في حلم لم تفق منه، وهي ترى مركبات أبناء القسام تصل إلى "سديروت" ونحو 50 موقعًا "إسرائيليا" محيطا بقطاع غزة دارت فيها المعارك. 

كان الذهول والدهشة هو المسيطر على كل فيديوهات نشرها المستوطنون، وهم يوثقون تجول أبناء المقاومة داخل المستوطنات والكيبوتسات، لم تخفِ أصواتهم وأنفاسهم اللاهثة حالة القلق والخوف التي عاشوها. 

بيوت احترقت ونيران لهب اشتعلت، وصراخ جنود بكوا تحت فوهات بنادق المقاومة التي وصلت إلى رؤوسهم، وصواريخ انهالت بلا هوادة على كل منطقة في دولة الاحتلال. 

القبة ودور المتفرج 

 وقفت القبة الحديدة كعجوز لا تقوى على الحركة أمام عنفوان الصّواريخ الفلسطينية واكتفت بلعب دور المتفرج وهي تشاهد صواريخ المقاومة تشق قلب السماء محملة بنار الثأر ودموع أمهات الشهداء وآهات عائلات الأسرى ، هذه بعض المشاهد من معركة "طوفان الأقصى"، التي أضمدت من جديد جراح الذاكرة التي ارتكب فيها جيش الاحتلال مجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني. 

شرق القطاع، اشتعلت نيران أخرى من أعتى الدبابات المصفحة في العالم، ولم تتحرك بقية الدبابات أمام ضربة المقاومة المباغتة، عندما أجهز المقاومون على كل من بداخلها. 

لأول مرة حلق سرب من "صقور" المقاومة في السماء مع بدء المعركة، وابدعت المقاومة بابتكار مظلات تستطيع الإقلاع من الأرض لتتجاوز كل الجدر والعوائق التي وضعها الاحتلال شرق غزة، ويهبط مظليو المقاومة على المقاومة العسكرية في مفاجأة أذهلت الاحتلال، ووصلت "الصقور" لأهدافها. 

داخل غزة، لم تتسع قلوب المواطنين الفرحة التي أدخلتها المقاومة عليهم واحتاجت أجهزة جديدة لقياس فرحة لطالما تشوقوا أن يعيشوا فيها إرهاصات التحرير. 

 لم تتسع نظراتهم لتأمل المشاهد التي لم يحلموا أن يشاهدوها في أحلامهم وكأن تلك المشاهد جاءت من الخيال وتحولت إلى واقع، فلم يتخيل أي منهم أن يرى المقاومين يتجولون بمركباتهم العسكرية داخل المستوطنات، وأن يعلو صوت رصاصهم هناك، ويعود المقاومون وهم يحملون غنائم لا تحصى. 

تعددت مشاهد الفرح في غزة، فتسابق الناس لصعود دبابة دمرتها المقاومة شرق خان يونس، واعتلوا ظهر مركبة عسكرية إسرائيلية من نوع "هامر" عاد بها المقامون، ورفعوا شارة النصر، وهللوا وكبروا كأن المعركة حسمت منذ بدايتها، وتجولوا بها في شوارع القطاع، كما عاد المقاومون بجنود جيش الاحتلال. 

شمعة فرح بالسجون 

في داخل سجون الاحتلال، كبر الأسرى وسجدوا للمولى عز وجل، مع توالي أنباء أسر عدد من جنود جيش الاحتلال ومستوطنيه، وأوقدت المقاومة شمعة أمل جديدة داخل تلك السجون، بعد أن أوقدت شمعة أخرى عام 2014 بأسر أربعة جنود "إسرائيليين". 

 هبت نسائم الحرية على قلوب الأسرى، وضربوا موعدًا جديدًا مع الشمس والهواء والأشجار خارج القضبان، وأشرق الصباح محملا بنسائم الحرية في تلك السجون بعد ليال معتمة غفى فيها الأسرى على هذا الأمل، مدركين أن المقاومة التي وضعت ملفهم على سلم أولوياتها هي وحدها القادرة على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم. 

في القطاع، صدحت مآذن المساجد بتكبيرات نصر أكتوبر، وزفت شهداء المقاومة الذين حملوا حلم العودة إلى الديار، وآمال شعبهم، وعبروا السياج يحملون بندقية وإيمانًا في قلبٍ اتسع لحب فلسطين والدفاع عنها ليسرجوا للمسجد الأقصى دمًا لا ينطفئ نوره، وكتبوا بدمائهم التي سالت هناك تضحية عظيمة فتح لها التاريخ أوسع أبوابه. 

مشى المقاتلون عدة كيلومترات ووصلوا لسديروت التي تبعد عن غزة 13كيلو مترا باتجاه الشمال وغيرها من المواقع، ركبوا الدراجات النارية والمركبات وهبطوا من الجو بواسطة المظلات بعد تجاوز السياج الفاصل من فوق الأرض وتحتها وسمائها، والتحموا مع جنود جيش الاحتلال وخاضوا اشتباكات ضارية معهم.

ظل مقاومون يعانقون تراب وحجارة الوطن، مسطرين ملاحم أسطورية، نزفت دماءُ بعضهم لتروي تراب فلسطين العطشى لهذا الحب. 
تزامن عبور السياج الفاصل في السابع من أكتوبر، مع  ذكرى عبور الجيش المصري خط "بارليف" في سيناء فيما عرف بانتصار أكتوبر على جيش الاحتلال، لينعش أبناء المقاومة والقسام الذاكرة بنصر جديد، مسجلين "هزيمة مهينة" لجيش الاحتلال في بداية المعركة لن تنساها الأجيال القادمة.

اخبار ذات صلة