"قتلوه تحت التعذيب داخل سجونهم بعدما اعتقلوه بصحة جيدة وهو يمشي على قدميه" بهذه الكلمات تحدثت هناء الرنتيسي، شقيقة رئيس قسم النساء والولادة بمستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، الذي قتله الاحتلال خلال التحقيق معه في السجون.
تقول شقيقة الطبيب الرنتيسي الذي اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال نزوحه عند حاجز عسكري أقامته (إسرائيل) لعزل شمال قطاع غزة عن جنوبه في 11 نوفمبر 2023، من بين زوجته وأبنائه، وزجته بسجونها، إن الاحتلال أخفى أي معلومات حول شقيقها بعد اعتقاله.
وتضيف الرنتيسي لـ"فلسطين أون لاين": "منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ذهب شقيقي إلى مستشفى كمال عدوان حيث يعمل هناك، ولم يخرج من المستشفى، وبقي يؤدي الأمانة بعلاج النساء وإجراء العمليات الجراحية لهن، حيث يُعد من أمهر الأطباء في شمال قطاع غزة كما هو معروف عنه".
وتتابع الرنتيسي: "اشتد قصف الاحتلال الإسرائيلي على منطقة سكن شقيقي، وكان هناك تهديد على حياة زوجته وأبنائه. كما وصل تهديد باقتحام مستشفى كمال عدوان وقصفه من قبل الاحتلال، لذلك قرر الدكتور إياد النزوح إلى جنوب قطاع غزة".
وصل الطبيب الرنتيسي برفقة زوجته وأبنائه وشقيقته إلى الحاجز الذي وضعه جيش الاحتلال عند مفترق "نيتساريم"، وسمح الجنود بدخول جميع أفراد العائلة، ولكن عند مرور الطبيب، طلب منه الجنود التوقف جانبًا، كما تؤكد شقيقته.
لم يسمح جنود جيش الاحتلال لعائلة الطبيب الرنتيسي بالتوقف لانتظاره والاطمئنان عليه، وأمروهم بالذهاب باتجاه جنوب قطاع غزة تحت تهديد السلاح، وهو ما قاموا به، حيث وصلوا إلى مفترق النصيرات وسط قطاع غزة.
أمضت عائلة الطبيب إياد أكثر من 7 ساعات عند مدخل مخيم النصيرات تنتظر أي أخبار حول الطبيب، مع توجيه أسئلة لكل النازحين القادمين من شمال القطاع، ولكن لم يقدم لهم أحد أي خبر شافٍ حوله.
بعد فقدان الأمل بإفراج جيش الاحتلال عن الطبيب الرنتيسي، قررت العائلة إكمال طريقها إلى جنوب قطاع غزة، حيث الحياة الجديدة لهم بدون رب العائلة، الذي كان يشكل مصدرًا للأمن والدفء لهم.
أمضت العائلة في جنوب قطاع غزة، كما تؤكد شقيقة الطبيب الرنتيسي، 6 أشهر تعيش من خيمة لأخرى، وتواصل البحث والتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمؤسسات المعنية بالأسرى من أجل الحصول على خبر واحد يطمئنهم عن حياة الطبيب إياد، ولكن لم يتعاون معهم أحد.
وتقول هناء: "عند سماعنا في الأخبار عن إفراج جيش الاحتلال الإسرائيلي دفعة جديدة من أسرى قطاع غزة، كنا نذهب إلى هؤلاء الأسرى عند معبر رفح قبل سيطرة الاحتلال عليه، وكذلك إلى المستشفيات التي يُنقل إليها هؤلاء الأسرى، وكنا نسألهم عن شقيقي الطبيب إياد، لكن لم نحصل على أي معلومة حوله".
وتفاجأت العائلة في يونيو الماضي بورود أخبار عبر وسائل إعلامية عبرية تفيد باستشهاد الطبيب إياد داخل سجون الاحتلال إثر التعذيب، دون وجود أي تأكيد رسمي من قبل أي جهة فلسطينية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتضيف هناء: "علمنا فقط من خلال الإعلام باستشهاد شقيقي داخل سجون الاحتلال، والسبب وراء ذلك هو التعذيب، لأن الاحتلال يستهدف الأطباء وقتل المئات منهم خلال العدوان على قطاع غزة".
وناشدت الرنتيسي جميع الأطباء حول العالم التدخل من أجل تشكيل ضغط على جيش الاحتلال للإفراج عن جثمان شقيقها ودفنه في مقابر المسلمين وإكرامه، وعدم الاستمرار في احتجاز الجثمان.
وطالبت بضرورة إجراء تحقيق عاجل لمعرفة أسباب استشهاد شقيقها، خاصة أنه كان يتمتع بصحة جيدة لحظة اعتقاله من قبل جيش الاحتلال، ولم يكن يعاني من أي أمراض.
يُشار إلى أن ما يسمى "محكمة الصلح" في عسقلان أصدرت أمرًا بحظر نشر خبر استشهاد الرنتيسي لمدة ستة أشهر، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بهذه القضية.
والدكتور إياد الرنتيسي هو الطبيب الثاني من قطاع غزة، إلى جانب عدنان البرش، اللذَين أعلنت سلطات الاحتلال عن استشهادهما في معتقلاتها، ولا يعلم كم من الحالات المشابهة ستظهر قريبًا أو بعد مدة.
المكتب الإعلامي الحكومي، أكد أن إعدام الاحتلال "الإسرائيلي" للطبيب إياد الرنتيسي داخل السجون جريمة مروعة تستوجب تحقيقًا دوليًا، مطالبًا بالإفراج عن 310 من الكوادر الطبية الذين يتعرضون للتعذيب.
ومنذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، فرض الاحتلال سياسة الإخفاء القسري بحق معتقلي غزة، ويرفض حتى اليوم الإفصاح عن هويات الشهداء بين صفوف معتقلي غزة وظروف استشهادهم.