فلسطين أون لاين

سيناريوهات "هزيمة" حرب 2006... لماذا تخشى "إسرائيل" من الاجتياح البرِّيِّ لجنوب لبنان؟ تقارير عبريّة تكشف

...
"سيناريوهات الماضي تؤرِّق قادة جيشها".. لماذا تخشى "إسرائيل" من الاجتياح البرِّيِّ لجنوب لبنان؟
لبنان/ فلسطين أون لاين

لا يزال الاجتياح البريّ يشكل "هاجسًا" وقلقًا كبير، في ظل الماضي، الذي وجدت فيه "إسرائيل" نفسها تنتقل بحكم تعقيد الواقع الميداني إلى تحول حتمي في عملياتها البرية إلى عملية برية بلا سقف وبلا نهاية وبلا إجابات نهائية عن الواقع الذي سعت لفرضه في جنوب لبنان وباء بالفشل في نهاية المطاف.

وعلى ضوء سيناريوهات الماضي، تحدّثت وسائل إعلام عبرية، عمّا أسمته "الوحل اللبناني العميق والمغرق"، وذلك بالتزامن مع عدة محاولاتٍ فاشلة قام بها "جيش" الاحتلال الإسرائيلي بهدف التسلّل والدخول براً إلى جنوبي لبنان، متوقّعةً "جولة طويلة ومعقّدة".

وحذر اللواء في احتياط الاحتلال الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، عوزي دايان، من أن "لدى إسرائيل تجربة، بحيث يجب دائماً تذكّر ما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله في لبنان".

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت ستتعلّم "إسرائيل" من الإخفاقات في المعارك السابقة في لبنان، قال رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، اللواء احتياط يعقوب عميدرور، إنّه "في العام 2006، كانت هناك عملية فاشلة من ناحية عسكرية، بحيث لم يكن الجيش الإسرائيلي جاهزاً، ولم تكن لديه معلومات استخبارية جيدة عن لبنان ولا خطط جيدة بخصوصه، كما كانت تقنية القتال لديه في الحضيض"

وأضاف عميدرور أنّه "يجب، في هذه العملية، أن يكون واضحاً تماماً ما تريده الحكومة، وما هي خطط الجيش من أجل إنجاز ذلك"، مشيراً إلى أنّ "ما يقوم به الجيش حالياً يشبه العام 1978 أكثر من فترة الحزام الأمني".

وتعقيباً على ما قالته "كان" عن أنّ "التاريخ يعلّم إسرائيل ويحذّرها من أنّ الوحل اللبناني عميق ومغرق"، ورداً على سؤال عن المدة التي سيستغرقها "الجيش" حتى يخرج من لبنان في المرة الرابعة، قال عميدرور إنّ "إبعاد حزب الله على الأقل حتى الليطاني وعشرة  كيلومترات، سيستغرق وقتاً طويلاً".

بدوره، قال غاي تسور، قائد ذراع البر سابقاً، لقناة "كان" إنّه "يمكن اخذ قرار بعدم وجود حزب الله، ولكن ممنوع القيام بذلك لوحدنا، بل يجب ضم دول لها تأثير على حكومة لبنان".

ولفت تسور إلى أنّ "تصرّف حزب الله منذ العام 1982 هو تصرّف مشابه جداً، أي إنّه لا يهرب، بل يعتمد على تمركز مع نيران من بعيد ومن أماكن استتار"، مضيفاً أنّ "الأمر لن يكون مختلفاً، وسنتكبّد أثماناً وسيسقط قتلى.. الحرب هي الحرب".

وفي السياق ذاته، ذكرت "القناة الـ 13" الإسرائيلية أنّه "بعد حرب لبنان الثانية، ساد هدوء مضلل نسبي جنوبي لبنان، تعاظم خلاله حزب الله بالوسائل القتالية والأنفاق".

كذلك، ذكرت القناة أنّ "إسرائيل خرجت إلى جولة جديدة على الأراضي اللبنانية، يُتوقّع أن تكون طويلة ومعقّدة وأن تجبي أثماناً باهظة".

وبالعودة إلى الماضي، أطلق الاحتلال الإسرائيلي عمليته البرية عام 1982 في جنوب لبنان بهدف التخلص من المقاومة الفلسطينية وتفكيك بنيتها التحتية، لكن تلك العملية تحولت مع الوقت إلى عملية احتلال للجنوب اللبناني، ووصلت للعاصمة بيروت، واستمر 18 عاما.

قراءة في حرب 2006

وكانت أهم نتائج هذه العملية نشأة حزب الله بوصفه حركة مقاومة استطاعت بعد سلسلة من عمليات الاستنزاف إخراج جيش الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000 وتعزيز وجوده في الجنوب ليشكل بعد ذلك واحدا من أهم التحديات الإستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي.

ووجدت "إسرائيل" نفسها تنتقل بحكم تعقيد الواقع الميداني إلى تحول حتمي في عملياتها البرية إلى عملية برية بلا سقف وبلا نهاية وبلا إجابات نهائية عن الواقع الذي سعت لفرضه في جنوب لبنان وباء بالفشل في نهاية المطاف.

وفي عام 2006، عبرت الدبابات والمدرعات الإسرائيلية لعدة كيلومترات داخل جنوب لبنان، وفي مشهد خالد في الذاكرة العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال، تصدت مجموعات الحزب المتمركزة في قرى الجنوب اللبناني لدبابات الميركافا، ودمرت عددا منها، مما شكل صدمة لجيش الاحتلال الذي أوقف عملياته البرية وانسحب بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي استند للقرار 1701.

وقد شكلت تلك التجربة أحد أهم المحددات التي يحاول جيش الاحتلال عبر الأشهر الماضية لتفاديها عبر عمليات القصف الجوي المركز.

ومن جهته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري، إن حزب الله اللبناني يمتلك 4 أوراق قوة رئيسية في مواجهة العملية البرية الإسرائيلية المعلنة في جنوب لبنان.

وأكد الدويري في تحليل للمشهد العسكري أن هذه الأوراق التي يملكها حزب الله تشكل تحديًا للقوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن توقيت وكيفية استخدام حزب الله لهذه الأوراق سيكون عاملًا حاسمًا في مسار المعركة.

وفصّل الدويري أوراق القوة الأربع التي يمتلكها حزب الله على النحو التالي:

1. المعركة الصفرية: أوضح الدويري أن هذه الورقة تختلف عن سيناريو قطاع غزة، حيث تمتد من نقطة الصفر وحتى عمق 8 كيلومترات، وتشمل هذه المعركة استخدام الصواريخ القصيرة المدى مثل الكورنيت والسهم الأحمر، بالإضافة إلى المواجهة البرية المباشرة.

2. القدرات الصاروخية: أشار الخبير العسكري إلى أن حزب الله يمتلك ترسانة صاروخية متنوعة، تشمل صواريخ متوسطة وبعيدة المدى، التي يمكن استخدامها لتعزيز المعركة البرية. ولفت إلى أن الحزب لم يستخدم بعد كامل قدراته الصاروخية.

3. قوات النخبة: أكد الدويري على أهمية قوات الرضوان التابعة لحزب الله، متوقعا دورا محددا لهذه القوات في المعركة القادمة سيتكشف خلال الأيام المقبلة.

4. القدرات البحرية: استذكر الدويري حادثة تدمير السفينة الإسرائيلية "ساعر 5" في حرب 2006، مشيرا إلى إمكانية استهداف حزب الله للقطع البحرية الإسرائيلية المشاركة في العملية، التي يقدر عددها بـ 19 قطعة.

وفي سياق تحليله، شدد الدويري على أن العملية الإسرائيلية قد تكون أوسع نطاقا وأعمق مما تم الإعلان عنه، مستندا في ذلك إلى العقيدة القتالية الإسرائيلية التي تقوم على استغلال أي تقدم بتوسعة نطاق العملية القائمة.

وفي تقييمه للقدرات الجوية، أكد الدويري أن سلاح الجو الإسرائيلي سيبقى ورقة قوة للجانب الإسرائيلي، لكنه شدد على أن هذا السلاح لا يحسم المعركة، كما لفت إلى أن حزب الله يمتلك حوالي 2000 طائرة مسيرة، إلا أنها لا تؤمن له التعادل الجوي مع إسرائيل.

كما اعتبر الخبير العسكري أن الأرض تخدم من يملكها، مشيرًا إلى أن الأرض في هذه الحالة هي لصالح حزب الله. ودعا إلى انتظار الأيام القادمة لتقييم طبيعة الخطة الدفاعية لحزب الله وكيفية توظيفه لأوراق القوة التي يمتلكها في مواجهة العملية الإسرائيلية.