فلسطين أون لاين

"جبرَت قلوب جماهير المقاومة"

"عمليةُ يافا الهجومية".. نموذجٌ مُصغّر لعبور 7 أكتوبر

...
غزة/ يحيى اليعقوبي

في وقت كان جيش الاحتلال يحاول ترميم الردع المتآكل في 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 مثلت عملية يافا التي قتل فيها 8 "إسرائيليين" و15 مصابًا، وفق مراقبين نكسة وفشلًا استخباريًا وأمنيًا جديدًا في دولة الاحتلال، وأحدثت صدى كبيرًا تزامنت مع هجوم صاروخي إيراني باليستي طال عموم أرجاء فلسطين المحتلة.

وبعدما كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادة جيش الاحتلال يتباهون بقدرات الاحتلال الاستخباراتية والأمنية في الوصول لقادة حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصر الله وقادة وحدة الرضوان باستخدام وسائل وتقنيات قتالية حديثة، وقفت تلك الأدوات عاجزة أمام شابين فدائيين انطلقا من مدينة الخليل وتجاوزا عددا من الحواجز العسكرية الإسرائيلية وطعنا جنديا وجرداه من سلاحه الذي أعادا استخدامه في إطلاق الرصاص الذي هز قلب الدولة العبرية.

وفي التفاصيل، ذكرت تقارير عبرية، أن شابين من مدينة الخليل تسللا إلى داخل المحتل وطعنا جندياً واستوليا على سلاحه وفتحا النار على المستوطنين في أحد القطارات في يافا، مما أسفر عن مقتل 7 مستوطنين وإصابة 17 آخرين بعضهم بجراح حرجة.

 وأضافت، أن "المنفذان دخلا عربة القطار الخفيف التي توقفت في المحطة وأطلقا النار على الركاب، ثم واصلا سيرهما على الأقدام في شارع القدس حتى أطلقت الشرطة النار تجاههما، ما أدى لارتقائهما على الفور.

 وأشار البيان إلى، أن المنفذين هما محمد مسك (19 عامًا)، الذي استشهد في موقع العملية، وأحمد اليموني (25 عامًا)، الذي أصيب بجروح خطيرة، كان بحوزتهما سلاح من نوع M16، خزائن للذخيرة، وسكين، وهما من سكان الخليل وليس لديهما سجلات اعتقال سابقة.

وبعد أيام صعبة خيم فيها الحزن على جماهير المقاومة في كل أنحاء الأمتين العربية والإسلامية بسبب اغتيال قادة المقاومة في لبنان، جاءت العملية الهجومية بيافا والرد الإيراني لتجبر تلك القلوب، وتحول حالة الحزن إلى فرح رسم على وجوه الناس في كافة أنحاء فلسطين ولبنان وصدحت به الحناجر المهللة في الشوارع ومن نوافذ الأبنية وأمام خيام اللجوء.

هجوم مصغّر

وتعد هذه أكبر عملية تشهدها تل أبيب منذ الانتفاضة الثانية عام 2000، وهذا ما أقرت به شرطة الاحتلال ووصفته بأنه  "من أعنف الهجمات" في السنوات الأخيرة.

وبشكل مصغر تحاكي العملية الهجومية، عبور نحو ألف مقاتل من كتائب القسام لمستوطنات غلاف غزة ونحو 25 موقعا عسكريا تابعا  لفرقة غزة بجيش الاحتلال أدى الهجوم لقتل مئات الجنود وأسر العشرات منهم وإسقاط الفرقة بالكامل في أكبر فشل استخباري وعسكري وأمني على مدار تاريخ دولة الاحتلال.

فتحول مساء الأول من أكتوبر لواحد من الأيام التي دخلت التاريخ فعلى الأرض كانت أصوات الرصاصات المنطلقة من سلاح إسرائيلي تدوي في شوارع يافا ومشاهد جثث القتلى والمصابين ملقاة على الأرض، كانت السماء ترسم لوحةً من الإسناد القادم من إيران، لتعيش (إسرائيل) واحدا من أسوأ أيامها بعد السابع من أكتوبر.

يصف الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد  أحمد حمادة  العملية بأنها "نوعية" بأن يقوم شابان بتجاوز حواجز إسرائيلية عديدة والوصول لمنطقة استطاعوا طعن عسكري وأخذ سلاحه وإعادة استخدامه في قتل ثمانية مستوطنين وإصابة نحو 15 مستوطنا في مدينة يافا، ويعدها فشلا أمنيا بالنسبة للأمن الإسرائيلي الذي يتباهى دائما بقدرته على كشف المقاومين.

وقال حمادة لموقع "فلسطين أون لاين": "لا احد يستطيع منع فدائي من الاستشهاد في منطقة معينة، لأنه لا يحمل أسلحة نوعية ليتم كشفه، بل آلة حادة يعتمد فيها على التدريب وهذا ما ظهر بعملية يافا خلال سحب السلاح من الجندي".

تأثير كبير

وتزامنت عملية يافا مع هجوم صاروخي إيراني باليستي، ولا يستبعد حمادة أن يكون هناك تنسيقا بين قوى المقاومة، بالتالي مثل نجاح العملية ضربة قوية للمجتمع الإسرائيلية وأخذت صدى كبيرا وأحدثت تأثيرا معنويا وماديا كبيرا للاحتلال، في وقت كان نتنياهو ينتشي بنجاح اغتيال عدد من قادة حزب الله على رأسهم الأمين العام حسن نصر الله، فضلا عن تحضيره لعملية عسكرية برية جنوب لبنان، وقصف سوريا والتحضير لقصف إيران.

وحول تأثير العملية، أوضح أن "أي عملية تحدث بعيدا عن وسط دولة الاحتلال لا تؤثر بالقدر الذي تحدثه العمليات التي تضرب وسط (تل أبيب) ومحيطها، نظرا لأن التركيز الأمني والاستخباري يكون كبيرا في هذه المناطق وأي نجاح لأي عملية يعني فشل استخباري كبير".

في المقابل قال القيادي في حركة حماس محمود مرداوي إن العملية تثبت قدرة المقاومة على إيلام الاحتلال والرد على عدوانه الهمجي المتواصل على غزة والضفة.

وأكد مرداوي، أنّ هذه العملية وما تحمله من رمزية زمانية ومكانية، هي عمل بطولي ورد طبيعي على استمرار جرائم ومجازر الاحتلال، الذي لا يعرف إلا لغة القوة.

 وأوضح أن العملية تأتي في سياق الرد المستمر على تواصل اعتداءات ميليشيات المستوطنين بالضفة الغربية، واقتحامات الاحتلال المستمرة للمدن والقرى كما حدث اليوم في مخيم بلاطة.

وتتصاعد التخوفات الإسرائيلية من عودة العمليات الاستشهادية مع توعد كتائب القسام بعودتها عقب عملية (تل أبيب) في آب/ أغسطس الماضي، حال تواصلت مجازر الاحتلال بحق المدنيين، علما أن هذه العمليات توقفت عام 2006.