مع مرور عام على الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة، لا يزال السكان المحاصرون يعانون من آثارها المدمرة، إذ يواجهون واقعًا معيشيًا واقتصاديًا شديد القسوة.
فقد أدت الحرب إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانتشار انعدام الأمن الغذائي والأمراض، فضلًا عن تدمير البنية التحتية الاقتصادية، وتعطيل حركة التجارة الداخلية والخارجية، فيما يعيش الكثيرون الآن بلا مأوى في ظل ظروف قاسية داخل خيام مؤقتة.
سلامة أبو عزام، نازح من غزة، يروي تجربته قائلاً: "مرّ على أسرتي عام ثقيل جدا، فقدت اثنين من أبنائي ودُمر منزلي في حي الرمال، نزحت خمس مرات، والآن أعيش في خيمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة".
وأضاف أبو عزام لـ"فلسطين أون لاين": "الظروف المعيشية صعبة للغاية، فالأسعار مرتفعة جدا والمساعدات تقلصت إلى حد كبير.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، إن الحرب في غزة وضعت اقتصاد القطاع في حالة خراب وخلفت وراءها دمارا اقتصاديا في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة مدفوعا بالتضخم، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الدخول، والقيود المالية التي شلّت قدرة الحكومة الفلسطينية على العمل.
في أحدث تقرير لها عن حالة الاقتصاد الفلسطيني وجدت الأونكتاد أن حجم الدمار الاقتصادي المذهل والانحدار غير المسبوق في النشاط الاقتصادي، تجاوز بكثير تأثير جميع المواجهات العسكرية السابقة في القطاع منذ عام 2008.
وقالت إن الناتج المحلي الإجمالي لغزة انخفض بنسبة 81 في المائة في الربع الأخير من عام 2023، مما أدى إلى انكماش بنسبة 22 في المائة للعام بأكمله، وبحلول منتصف عام 2024 انكمش اقتصاد غزة إلى أقل من سدس مستواه في عام 2022.
فيما تقول السيدة سمية البشيتي، إن قطع الاحتلال الكهرباء على قطاع غزة من أشد الصعوبات التي لوعت حياة الناس، كذلك نقص المياه العذبة والمستخدمة للأغراض المنزلية .
ولفتت البشيتي في حديثها لـ"فلسطين اون لاين" إلى أن الأسواق خالية من الاحتياجات الأساسية ومستلزمات الأسر وان توفرت فتكون مرتفعة.
ونوهت إلى أن المنظفات والملابس والأحذية مرتفعة الأسعار و البطاريات التي يمكن الاعتماد عليها لتوفير الكهرباء غير متوفرة الى جانب الهواتف الخليوية.
ومن جهته بين المزارع حمدي أبو سعيد أن الحرب دمرت الأخضر واليابس في مزرعته الواقعة على الحدود الشرقية لمخيم المغازي حيث الجرافات "الإسرائيلية" دمرت خطوط المياه والبرك التجميعية للمياه، وخسارته كبيرة جداً.
وبيّن أبو سعيد لـ"فلسطين اون لاين" أن مهنة الزارعة كانت بالنسبة له المصدر الرئيس، حيث اليوم يعتمد على المساعدات.
وكان أبو سعيد المعيل لثمانية افراد يعتاش من وراء بيع الحليب التي توفرها ثلاث بقرات أيضا لكن هذا المصدر انتهى مع قتلهم بقصف "إسرائيلي" لمنزل قريب من مزرعته.
وأشار تقرير الاونكتاد إلى أن ما بين 80 و96 في المائة من الأصول الزراعية في القطاع ــ بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين ــ قد تضررت، مما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.
وبالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير أن 82 في المائة من الشركات في غزة، التي تشكل محركا رئيسيا للاقتصاد، قد دمرت في حين يستمر الضرر الذي يلحق بالقاعدة الإنتاجية وسط الحرب الإسرائيلية المستمرة.
كما أن الحرب أثرت على أصحاب المهن والصناعة، وهذا ما يؤكد فهده أبو لبدة مبيناً لـ"فلسطين اون لاين" أنه قبل أن يشن الإحتلال حربه على غزة بشهرين افتتح معرضاً للأجهزة الكهربائية لكن مع قطع الكهرباء عن عموم القطاع لم يعد لتك الأجهزة أي فائدة للمستهلك وهاهي موجودة في مستودعه يخشى مزيد من الخسارة إن طالت فترة الحرب.