على الرّغم من مرور قرابة العام على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة ، إلا أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا زالت توقع خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال "الإسرائيلي" وآلياته العسكرية المتوغلة في كافة محاور التوغل خاصة في محافظة رفح التي تتواجد فيها قوات كبيرة من جيش وآليات الاحتلال.
واللافت لكثير من المراقبين، أنّ كتائب القسام طوّرت أساليب جديدة في استهداف الآليات العسكرية، مستفيدةً من تجارب المقاتلين في مناطق اجتياح أخرى، فتحولت الكمائن التي كانت تستهدف فيها القسام آلية منفردة واحدة في كل استهداف إلى كمائن تستهدف فيها أرتالا عسكرية لجيش الاحتلال الأمر وتشارك فيه وحدات ومجموعات قتالية للمقاومة من الدروع والهندسة والإسناد.
وهذا يشير لتطور عمل تكتيكات المقاومة وتطوير المقاومين لخطط التحامهم بجيش الاحتلال على نحو فهم مسارات خطط جيش الاحتلال وطرق سير آلياته ومن ثم استهدافها.
وخلال كمين مركب، تمكن مجاهدو القسام ظهر اليوم من تدمير ناقلتي جند صهيونيتين واستهداف دبابة "ميركفاه" وجرافتين عسكريتين من نوع "D9" بالعبوات وقذائف "الياسين 105" وأوقعوا طواقم الآليات الصهيونية بين قتيل وجريح في منطقة الفخاري شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، ورصد مجاهدونا هبوط الطيران المروحي للإخلاء
وبخلاف ما يعلن جيش الاحتلال عن القضاء على لواء رفح في كتائب القسام، فإن مقاتلي القسام استهدفوا رتلا آخرا لآليات عسكرية إسرائيلية كانت تسير شرق رفح في العملية التي أطلق عليها القسام اسم "كمين بشائر النصر" نفذته ثلاث مجموعات بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 2024، واستهدفت خلاله دبابة من نوع ميركافاه بقذيفة "الياسين 105" وجرافة "دي 9" الأولى بقذيفة "الياسين 105″، ثم استهداف جرافة "دي 9" الثانية بقذيفة "الياسين 105".
كمائن محكمة
سبقه بيوم، إيقاع القسام لآليات عسكرية إسرائيلية في "كمين محكم" معد مسبقا شرق مدينة رفح، استهدف مقاتلوها 3 جرافات عسكرية من نوع "دي 9″ ودبابتين من نوع ميركافا أثناء مرورها على مفترق جورج الشرقي بمدينة رفح باستخدام قذائف" الياسين 105″وعبوات العمل الفدائي.
وفصل شهر عن كمين آخر استهدفت فيه القسام رتلا من الآليات بعمليتين منفصلتين في حل تل السلطان غربي مدينة رفح في 24 آب/ أغسطس 2024، استهدف مقاتلوها دبابة إسرائيلية من نوع “ميركافاه 4” و4 دبابات أخرى بقذائف “الياسين 105”.
ويخفي جيش الاحتلال خسائره العسكرية ولا يعلن عن تعرض قواته للاستهداف إلا في حالات قليلة، وتكتم الرقابة العسكرية نشر المقاطع التي تبثها كتائب القسام لدى المجتمع الإسرائيلي الذي لا يعلم حقيقة ما يجري لجنوده في غزة.
ومن الاعترافات الإسرائيلية لخسائره، ما أظهره تحقيق أجراه لجيش الاحتلال حول مقتل ثمانية جنود في رفح جنوبي قطاع غزة بتاريخ 16 يونيو/ حزيران 2024، استُهدفوا بصاروخ مضاد للدروع أصاب ناقلة الجند المدرعة التي كانوا على متنها.
ووفق بيان للقسام استهدف مقاتلوه في البداية جرافة من نوع "دي 9" بقذيفة "" وأوقعت طاقمها بين قتيل وجريح، وفور وصول قوة إنقاذ استهدفت ناقلة جند من نوع "نمر" بقذيفة "الياسين 105″، مما أدى إلى تدمير الناقلة ومقتل جميع أفرادها.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز -نقلا عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين- إن شدة انفجار ناقلة الجند جعلت التعرف على جثث الجنود أمرا صعبا.
وفي استهداف رتل ثالث، بثت القسام في 19 سبتمبر/ أيلول 2024، مشاهد لاستهداف آليات جيش الاحتلال استهدفت ناقلة جند من نوع "نمر"، و ناقلة جند إسرائيلية ثانية من الطراز ذاته بقذيفة "الياسين 105"، إلى جانب استهداف ناقلة جند ثالثة بقذيفة "التاندوم".
قالت القسام إن مقاتليها أوقعوا رتلا من الآليات الإسرائيلية في كمين مركب في محيط شركة الاتصالات غرب المستشفى الكويتي برفح.
وإضافة لاستهداف الأرتال العسكرية مثلت المباني المفخخة واحدة من أهم المفاجآت التي أذهلت جيش الاحتلال في غزة، خاصة أن تلك المباني دمرت بالأحزمة النارية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 13 فبراير/ شباط 2024، عن جيش الاحتلال، قوله إن قائد الكتيبة 630 احتياط، المقدم يعقوب ألكوفي، والقائم بأعمال قائد سرية يائير كوهين، والرائد زيف تشين، قتلوا جميعهم في غزة بعد دخولهم لمبنى مفخخ شرق خان يونس.
وفي أغسطس الماضي، كشفت القسام أن مقاتليها تمكنوا خلال كمين مركب من استهداف عدد من آليات العدو المتوغلة في محيط مصنع ستار جنوب شرق حي الزيتون بمدينة غزة بقذائف الياسين، فور تقدم قوة أفراد راجلة صوب أحد المنازل المفخخة مسبقًا بعدد من العبوات المضادة للأفراد، تم تفجيرها بهم، وأوقعهم الكمين بين قتيل وجريح.
وأعلن جيش الاحتلال حينها مقتل ضابط وإصابة 12 عسكريا بكمين جنوب مدينة غزة تبنته القسام وقالت في بيان إنه هجوم "مركب".
وأثنى الخبير العسكري العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي على قدرات وإمكانيات المقاومة الفلسطينية مقابل إنهاك كبير للجيش الإسرائيلي، مشيدا في الوقت نفسه بالروح والصلابة القتالية للمقاتلين الفلسطينيين.
مقاومة صلبة
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العقيد أحمد حمادة: إن "الاحتلال ظن أنه سيدخل قطاع غزة لعدة أيام وأسابيع على الأكثر وسيكون قد حقق الأهداف التي أعلنها رئيس حكومته بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس ورسم اليوم الثاني بغزة واستعادة المحتجزين والقضاء على القدرات العسكرية للمقاومة".
وأضاف حمادة لـ "موقع فلسطين أون لاين" بأن جيش الاحتلال تفاجأ بمقاومة صلبة، وهي الآن بعد عام لا تزال تستهدف جيش الاحتلال وتدير المعركة بشكل جيد وتؤثر على الجيش الإسرائيلي وأدخلته في حرب استنزاف طويلة من خلال الاستهداف اليومي لآلياته".
ورأى أن المقاومة استفادت من التجارب والأخطاء التي تم ارتكابها، واستفادت من الدروس التي حصلت عليها من الحرب الطويلة، في المقابل وظف جيش الاحتلال أكثر من خمس فرق عسكرية من ضمنها ألوية النخبة كلوائي جفعاتي وجولاني ولواء المظليين ولواء (401).
وطورت المقاومة، وفق حمادة، من وسائط استهدافها لجيش الاحتلال، بداية كانت المقاومة تقف بوجه الدبابات والمدرعات، وفي المرحلة الأخيرة اتخذت المقاومة قرار الدفاع المتأخر أو المتحرك للحفاظ على قدراتها وأفرادها، من خلال انتظار القوة الإسرائيلية التي تقوم بالتوغل بالتالي تنصب الكمائن وتزرع العبوات الناسفة في ممرات وطرق يسلكها جيش الاحتلال وتفخيخ المنازل أو مناطق تمركز جيش الاحتلال والانسحاب بسهولة.
وتابع: "رأينا كيف قام سلاح القنص بالفتك بجنود الاحتلال، بالتالي انسحب الجيش لمناطق يعتبرها أكثر أمانا وأبقى على تواجد القوات في محور فلادلفيا جنوب رفح، ومحور نيتساريم وسط القطاع، لذلك تقوم المقاومة باستهداف تلك المقاومة وخطوط الإمداد".
ويؤكد أن الاستهداف الكبير الذي منه به جيش الاحتلال جعله يفقد أكثر من 1700 آلية، مع وجود أكثر من 750 من الجنود القتلى وآلاف المصابين.