قائمة الموقع

عام من الحرب: الاقتصاد الإسرائيلي تحت وطأة الهزات الاقتصادية المتلاحقة

2024-09-24T18:50:00+03:00
عام من الحرب: الاقتصاد الإسرائيلي تحت وطأة الهزات الاقتصادية المتلاحقة

سلسلة من الهزات الاقتصادية الكبيرة التي عصفت وماتزال بقطاعات حيوية في دولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، فتركت تلك تأثيرات سلبية مباشرة على استقرار الاقتصاد ومراحل نموه، كما لها تداعيات وخيمة على المنظور القريب أيضا.

 بيد أن اتساع دائرة المواجهة الإسرائيلية مع حزب الله وجماعة الحوثيين، ألقى بالثقل على الحركة التجارية لدولة الكيان التي سجلت تراجعا حداً غير مسبوق، وتضاءلت فرص النمو في قطاعات التقنية والزراعة والبناء والسياحة كما ارتفعت فاتورة النفقات.

 هكذا يرى مراقبون اقتصاديون الحال الذي وصل اليه الاقتصاد الإسرائيلي بعد عام من شن الاحتلال حربه على قطاع غزة، مؤكدين على أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أوقات عصيبة بخصوص السيطرة على العجز في الموازنة وتداعياته السلبية على الدين العام وسيجد نفسه امام معضلة حقيقة تتمثل في تحقيق التوزان ما بين استقرار الدين العام والزيادة في الانفاق العسكري

حيث أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن المؤشرات الاقتصادية الصادرة في دولة الاحتلال تشير الى انكماش الاقتصاد بمعدل 5.7% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بربع السنة السابق بسبب التراجع في الطلب والإنتاج، وفي إجمالي الاستثمار، والصادرات، وما يقابل ذلك من ارتفاع حاد في الإنفاق الاستهلاكي الحكومي، لتغطية

التكاليف المترافقة مع الحرب.

وأضاف دراغمة لـ "فلسطين أون لاين"، أن معدل الإنتاج انخفض بسبب تقلص العمالة المتاحة في سوق العمل سواء بمنع عمال قطاع غزة والضفة الغربية من الوصول الى أماكن عملهم وهروب عمال الأجانب إلى بلدانهم إلى جانب استدعاء الاحتلال أكثر من 350 ألف من جنود الاحتياط الذين اضطروا الى وقف انشطتهم، كما أن اخلاء المستوطنات في جنوب وشمال فلسطين المحتلة ساهم أيضا في تخفيض الإنتاج.

وأوضح دراغمة أن قطاع الزراعة تعرض لهزة شديدة بسبب الحرب، فهو يشكل 1.6% من الناتج المحلي الإسرائيلي منوهاً إلى أن منع العمال الفلسطينيين وهروب الأجانب أصاب القطاع الزراعي في دولة الاحتلال في ضرر كبير.

كما أن القذائف التي تطلقها المقاومة من غزة ولبنان تسببت في حرائق في الحقول الزراعية في دولة الكيان الى جانب تراجع التصدير، لافتاً إلى أن محاصيل غلاف غزة تشكل السلة الغذائية للاقتصاد الإسرائيلي، مما زاد من اعتماد دولة الاحتلال على الواردات لتعويض هذا العجز، وزاد الضغط على الميزانية العامة لتغطية الدعم الغذائي.

 أما قطاع البناء والتشييد فحسب الاختصاصي فإنه يمثل 8.1% من الناتج المحلي الإسرائيلي، مبيناً أن القطاع تراجع بنسبة 4.3%.

 وعرج دراغمة في حديثه إلى قطاع الصناعة الذي يشكل 16.2% من الناتج المحلي الإسرائيلي، مبينا أن الصناعة الإسرائيلية تضررت بشكل خاص من صعوبة الحصول على المواد الخام، وتوقف الإنتاج في بعض المصانع الكبيرة، خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة والأدوية، مما أثر على قدرتها التنافسية في السوق الدولية.

وتواجه الشركات الإسرائيلية تداعيات الحرب المستمرة على قطاع غزة  فمن المتوقع أن تغلق 60 ألف شركة   حسبما نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن شركة المعلومات التجارية "كوفيس بي دي آي".

  إذ تضررت عشرات آلاف الشركات بسبب ارتفاع الفائدة وكلفة التمويل، ونقص القوى العاملة، والانخفاض الحاد في حجم الأعمال والعمليات، وتعطل الخدمات اللوجستية والإمدادات، وعدم كفاية المساعدة الحكومية،  

من جانبه، أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أن الأنشطة المالية والعقارية في دولة الاحتلال شهدت تباطؤ في النمو حيث أنها الأكثر مساهمة في الناتج المحلي الإسرائيلي بنسبة 23.8%.

وأوضح موسى لـ "فلسطين اون لاين"، أنه تراجعت قيمة الشيقل الإسرائيلي إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات بسبب الخوف من استمرار الحرب وتزايد الإنفاق العسكري العملة فقدت أكثر من 10% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي في الأسابيع الأولى بعد  الحرب، وأن التراجع في العملة زاد من الضغوط التضخمية، حيث ارتفعت أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود.

وأشار إلى، أن البنك المركزي الإسرائيلي تدخل عدة مرات من خلال رفع أسعار الفائدة، وهي استراتيجية استهدفت تعزيز قيمة الشيقل والسيطرة على التضخم، إلا أن هذه السياسات لم تنجح بشكل كامل في وقف نزيف العملة، نظراً لاستمرار الوضع الأمني المتدهور.

وحسب بيانات مالية إسرائيلية ، اضطر البنك المركزي الإسرائيلي إلى الإعلان عن برنامج لبيع ما يصل إلى 30 مليار  دولار في سوق النقد الأجنبي بهدف الحد من تراجع قيمة الشيقل.

كما تضرر قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي يشكل 19.2% من الناتج المحلي الإسرائيلي والسبب حسب الاختصاصي الاقتصادي موسى تباطؤ الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة تفوق 56% الى جانب تجنيد ما بين 10-15% من العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات في قوات الاحتياط.

وأضاف موسى أن الحرب تسببت في تراجع إنتاج الغاز، فقد علقت شركة "شيفرون" صادراتها من الغاز عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط إلى مصر، وتكبدت دولة الاحتلال خسائر بمئات ملايين الدولارات أسبوعيا، إذ انخفض إنتاج الغاز بنسبة 30%.

وتابع أن هذا التراجع أثر في إمدادات الطاقة المحلية وزاد من تكلفة الإنتاج الصناعي، وبلغت خسائر قطاع الغاز 2.5 مليار دولار منذ بدء الحرب، مما يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، كما أن انخفاض إنتاج الغاز أدى إلى زيادة تكلفة الكهرباء بنسبة 10%، وأثر ذلك سلبًا على الصناعات المعتمدة اعتمادا كبيرا على الطاقة.

وبين أبو موسى ان الخدمات السياحية في دولة الاحتلال تلقت ضربة موجعة  تمثلت في الغاء وتعليق العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها إليها وأن هذه الضربة اتسعت مع توسيع المواجهة بين دولة الاحتلال وحزب الله اللبناني.

ولفت إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أزمة جديدة بسبب تهديدات الحوثيين في اليمن باستهداف السفن الإسرائيلية أو المرتبطة معها. وتسببت الهجمات في ارتفاع تكاليف تأمين النقل، ومن ثم زيادة أسعار المنتجات في السوق الإسرائيلية.

وحسب بيانات مالية ارتفعت تكاليف التأمين بنسبة 25%، وزادت أسعار الشحن بنسبة 15%، بينما بلغت خسائر قطاع الشحن البحري 500 مليون دولار في النصف الأول من عام 2024، مع توقعات بزيادة التكاليف إذا استمرت التهديدات.

وحسب بينات صادرة عن وزارة المالية الإسرائيلية ارتفع الدين العام الحكومي في دولة الاحتلال الى 1.12 ترليون شيقل في العام 2023، وظهرت أعباء الحرب جلية على مشروع قانون الموازنة العامة المعدلة للعام 2024 ومشروعات القوانين المرافقة لها.

ونوه الاختصاصي موسى ان نفقات الحرب المستمرة تركت اثار سلبية على وزارة المالية في حكومة بنيامين نتنياهو، متوقعا ان يستمر العجز في موازنة العام الحالي لتسجل أكثر من 130 مليار شيقل على الأقل.

وحسب معهد أبحاث السياسيات الاقتصادية الفلسطيني(ماس) إذ بلغ عجز ميزانية الحكومة في العام 2023 ما مقداره 78.3 مليار شيكل.

وبين المعهد ان الاستهلاك الحكومي ارتفع في سبيل توفير مدفوعات السكن البديل للأشخاص الذين يتم اجلاؤهم من مستوطنات غلاف غزة والمستوطنات المحاذية لحدود جنوب لبنان الى جانب التعويضات التي تدفعها الحكومة الى المصالح التجارية المتضررة ونفقات إعادة تأهيل ضحايا الحرب.

وحسب المعهد فقد نما الاقتصاد الإسرائيلي في عام 2023بمعدل 2% فقط مقارنة بمعدل نمو 6.5 % في العام 2022.

اخبار ذات صلة