"من رحم المعاناة يولد الأمل" .. فالحياة رحلة مليئة بالعقبات التي تحاول دومًا الهزيمة والدفع لرفع راية الإستسلام، ولكن الأمل هو ما يمنح القوة والعزيمة على قهر اليأس والضعف، والاستمرار من أجل البقاء وتحقيق التفوق والنجاح.
وهذا ما ينطبق على اللاعب الفلسطيني، خاصة ابن قطاع غزة، الذي أبدع في الملاعب العربية، رغم ما تعرض له خلال الحروب والحصار المستمر منذ ما يقارب 18 عامًا.
اللاعب طارق أبو غنيمة مهاجم فريق شباب رفح السابق، خرج من وسط الركام ومن بين أنقاض غزة الصامدة، التي دمرها الاحتلال الصهيوني، متحديا الجميع رغم أنه عاش أهوال صعبة من قصف وتدمير وتشريد لعدة شهور، قبل أن يغادر قطاع غزة عبر معبر رفح قبل إغلاقه، ويلتحق بفريق البرانس الليبي، ويحقق نتائج لافتة وأرقام مذهلة.
أبو غنيمة هداف بطولة الدوري في غزة، لعب 11 مباراة مع فريقه الجديد في مرحلة الإياب من الدوري الليبي، وسجل 13 هدفًا دون علامة الجزاء، وهو ما يعد رقمًا مميزًا، ويثبت أن اللاعب الفلسطيني قادر على الإبداع في كل مكان يتواجد فيه.
ويقول أبو غنيمة لـ" فلسطين أون لاين": "اللاعب الفلسطيني وابن غزة خاصة لديه طموح وإصرار وتحدي على تخطي الصعاب، ولا يقبل إلا أن يكون شخص يحدث الفارق ومبدع أينما تواجد، رغم ما حل ويحل به من مصائب".
وأضاف: رغم انشغالي بالتفكير بأهلي في غزة، إلا ذلك لم يمنعني من إظهار قدراتي مع فريقي الليبي، وإثبات أن اللاعب ابن غزة، قادر على التألق في كل الظروف".
وبعد تألق أبو غنيمة، تعاقد معه نادي المقاولون العرب، أحد أعرق وأقدم الأندية المصرية لمدة موسمين، لتدعيم خط هجوم الفريق، وهو ما يثبت أن لاعبي غزة مميزين رغم الظروف القاهرة التي تعيشها منذ عام بشن حرب إبادة حرقت الأخضر واليابس.
وعلى غرار أيو غنيمة، أفلت اللاعب الدولي إبراهيم أبو عمير من الموت بعد استهداف مدينته رفح بالصواريخ والقذائف التي استهدفت مدينته رفح، والتحق بفريق الوفاق أجدابيا الليبي في إبريل الماضي، وتألق في صفوفه وحقق انجازًا تاريخيًا بمساهمته بصعود فريقه لدوري الدرجة الممتازة، في أول رحلة احتراف خارجية للاعب المنتخب الأولمبي وخدمات رفح السابق.
أبو عمير رغم عدم جاهزيته النفسية والبدنية، نجح في حجز مكان أساسي له مع الفريق، وتألق وأبدع كمدافع شرس ذو إمكانيات بدنية وفنية عالية وشارك في 11 مباراة من أصل 13 تواجد فيها مع الفريق.
تألّق أبو عمير دفع الجهاز الفني للمنتخب الأولمبي الفلسطيني بقيده ضمن القائمة الآسيوية الموسعة الأولية، وربما يكون اللاعب الوحيد من غزة المتوقفة فيها الرياضة منذ عام تقريبا.
تألق اللاعبين الغزيين لم يكن في الملاعب الليبية فحسب، بل أيضًا في الملاعب المصرية المكتظة بعدد كبير من النجوم، اللاعب خالد النبريص الذي غادر مدينته خانيونس من بين الدبابات "الإسرائيلية"، ومن تحت أزيز الطائرات، ووصل لمدينة الإسماعيلية موقّعًا على عقد انتقاله للدراويش أحد أبرز أندية الدوري الممتاز في مصر.
رغم ما تعرضت له عائلة النبريص من هدم لمنزلها وتشريد أهلها، لكن ذلك لم يمنع ابنها خالد من إبراز موهبته مع فريق الإسماعيلي، حيث تواجد في التشكيلة الأساسية بمعظم المباريات، وسجل عدة أهداف حاسمة ساهمت بوصول الفريق لأدوار متقدمة من بطولة كأس مصر.
ورغم ابتعاد ابن مخيم البريج عبد الرحمن وشاح عن الملاعب لمدة عام تقريبًا، لكن نجوميته وموهبته دفعت فريق الأهلي الأردني للتعاقد معه، ليكون امتداد لمن سبقه من لاعبي غزة في الملاعب الأردنية، على مدار عقود سابقة.
تألق النبريص ومن قبله أبو عمير وأبو غنيمة، والتحاق وشاح بالفريق الأردني، أثبت للجميع أن اللاعب الغزي لديه طموح ولا تحده الظروف، ومليئ بالعزيمة والإصرار، ومبدع في كل الميادين ومن بينها ميدان الرياضة.