قال كاتب أمريكي إن استراتيجيات وقف إطلاق النار أثبتت فعاليتها بشكل كبير في إنقاذ الأسرى الإسرائيليين في غزة مقارنة بالاستراتيجيات العسكرية.
ويبرز الكاتب جون فيفر في مقال نُشر على موقع "Foreign Policy In Focus" أن الأرقام تتحدث بوضوح عن فاعلية هذه الاستراتيجيات. إذ أدت الهدنة المؤقتة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي في نوفمبر من العام الماضي إلى تحرير 109 أسرى إسرائيليين، مقارنة بالعمليات العسكرية التي أنقذت 8 أسرى فقط وأدت إلى مقتل ثلاثة "عن غير قصد".
كما يوضح فيفر أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد أسفرت عن استعادة جثث 34 أسيرًا آخرين، بينما لا يزال 33 أسيرًا في عداد المفقودين. وفقًا لأدنى التقديرات، فإن التكتيكات القائمة على وقف إطلاق النار كانت أكثر فعالية في إنقاذ أرواح الأسرى الإسرائيليين بعشرة أضعاف مقارنة بالتكتيكات العسكرية.
عندما اندلعت الحرب الأخيرة في غزة، كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسترجع ذكرى شقيقه الذي قاد عملية إنقاذ في مطار عنتيبي عام 1976، والتي أسفرت عن مقتله. ويقول الكاتب: كان الشقيق، يوني نتنياهو، رمزًا للأمل في إنقاذ الرهائن، وقد أثرت هذه الذكرى بشكل كبير على نتنياهو، الذي وجد نفسه الآن في خضم أزمة أسرى خاصة به. قرر نتنياهو اتباع سياسة القوة في محاولة لتحقيق أهدافه، متمثلاً في القضاء على حماس وإنقاذ 251 إسرائيليًا تم أسرهم في 7 أكتوبر، بالإضافة إلى تحسين سمعته السياسية المتردية".
ومع ذلك، لم تسير الأمور كما كان يأمل. الحرب لم تقضِ على حماس، وحتى جيش الاحتلال يحذر من أن هذا الهدف غير ممكن تحقيقه، كما يضيف الكاتب.
وأضاف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد أسفرت عن استشهاد ما يقارب 42,000 فلسطيني في غزة، كما أن سياسة التهجير في الضفة الغربية قد تصاعدت بشكل ملحوظ. والآن، تستعد (إسرائيل) لمواجهة حزب الله في لبنان، مع تصاعد التوترات بعد الهجمات المنسقة الأخيرة على أجهزة اللاسلكي التي اشتراها الحزب لتجنب المراقبة الإسرائيلية.
وأشار الكاتب إلى أنه نتيجةً لهذه الأوضاع، يبدو أن نتنياهو يحقق عودة سياسية، على الرغم من أن ائتلافه سيواجه الهزيمة أمام المعارضة إذا أجريت انتخابات اليوم. لا يزال حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، في صدارة الأحزاب في (إسرائيل) بهامش ضيق. يعتقد نتنياهو أن استراتيجيته في التحدث بقوة والبقاء قويًا وتجاهل النداءات من عائلات الأسرى والمتظاهرين ونصائح مستشاريه العسكريين قد تؤتي ثمارها. يبدو أن نتنياهو يفضل أن يكون ترامب في البيت الأبيض في نوفمبر، لكنه لا يخشى تغير السياسة الأمريكية إذا فازت كامالا هاريس، خاصةً إذا تمكن الجمهوريون من الفوز في مجلس الشيوخ.
في هذا السياق، ذكر الكاتب أنه من الضروري وضع قيود على المساعدات العسكرية لـ(إسرائيل). أظهر الموقف البريطاني الأخير أهمية تأثير قرارات الدول الكبرى، حيث قامت المملكة المتحدة بوقف بعض مبيعات الأسلحة لـ(إسرائيل)، وهو ما أثار استنكار نتنياهو. ولكن، كما يوضح فيفر، كانت هذه الخطوة رمزية إلى حد كبير، حيث أثرت فقط على عدد صغير من تراخيص التصدير، وبريطانيا توفر فقط 1% من واردات الأسلحة الإسرائيلية.
وينوه فيفر إلى أن "التحليلات تشير إلى أن التأثير الحقيقي على سياسات نتنياهو يأتي من الولايات المتحدة، التي توفر معظم الأسلحة لـ(إسرائيل). في أغسطس الماضي، أعلنت إدارة بايدن عن صفقة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لـ(إسرائيل)، رغم أن بايدن قد أوقف مؤقتًا تسليم القنابل الثقيلة. يجب أن تكون المساعدات العسكرية الأمريكية مشروطة بموافقة نتنياهو على اتفاق لوقف إطلاق النار. لكن، للأسف، لم تشترط الإدارة الأميركية على المساعدات توقيع نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يجعل نفوذ الولايات المتحدة أقل فعالية في التأثير على السياسات الإسرائيلية".
في ظل هذه الأوضاع، تتزايد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. قد أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا في يوليو بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني ويجب أن ينتهي. كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد نتنياهو. ووافقت الأمم المتحدة على عدة قرارات لوقف إطلاق النار، بما في ذلك قرار يدعو إلى توقف مؤقت خلال رمضان، والذي تم تجاهله. كما أن العديد من الدول الأوروبية، مثل النرويج وأيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا، اعترفت بدولة فلسطين، بينما تتحول تركيا من شريك تجاري رئيسي لـ(إسرائيل) إلى قائد لحملة المقاطعة الاقتصادية.
ويقول الكاتب إنه في النهاية، فإن وقف إطلاق النار في غزة ضروري ولكنه غير كافٍ. يجب على إدارة بايدن أن تربط المساعدات لـ(إسرائيل) بسياسات التهجير وتقديم دعم سياسي للفلسطينيين. الوقت يمر بسرعة، ويجب على بايدن استخدام كل نفوذه قبل أن يتم احتلال جميع الأراضي الفلسطينية. يتعين على إدارة بايدن أن تستثمر في دفع مفاوضات إقليمية تعالج الصراع الأساسي بين (إسرائيل) وإيران الذي يكمن وراء الصراع مع حزب الله.