أقرّ القائد السابق لفرقة غزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، اللواء غادي شامني، بأنّ حركة حماس "تفوز بهذه الحرب"، في حين "تخسر إسرائيل، وبصورة كبيرة، على الرغم من تحقيق نجاحات تكتيكية".
وأكد شامني بحسب ما نقلته عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أنّ حماس استعادت مناطق من قطاع غزة في غضون 15 دقيقةً كما نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين حاليين وسابقين اعتقادهم بأنه "من غير المرجح أن تهزم حركة حماس في هذه الحرب".
من جهته، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن تصريحات القائد السابق لفرقة غزة في الجيش الإسرائيلي تؤكد ما تضمنته رسالة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار الأخيرة لزعيم جماعة أنصار الله (الحوثيون) عبد الملك الحوثي.
وفي تحليل للمشهد العسكري أوضح الدويري أن هذه التصريحات تندرج تحت عنوان "نصر تكتيكي وهزيمة إستراتيجية"، مع تحفظه على وصف ما يحدث بأنه نصر تكتيكي للاحتلال، مضيفا أن شواهد التاريخ تقدم أمثلة مشابهة لهذا الوضع.
واستشهد الدويري بمثالين تاريخيين لتوضيح وجهة نظره، الأول هو الحرب الأهلية الأميركية بين عامي 1863 و1865، إذ كسب الانفصاليون معظم المعارك على مدار عامين، لكنهم خسروا المعركة الأخيرة واستسلموا.
أما المثال الثاني الذي ذكره الدويري فهو حرب فيتنام، إذ انتصرت أميركا في معظم المعارك التكتيكية، ولكنها خرجت في النهاية مهزومة.
إسقاطات تاريخية
وأشار الدويري إلى أن هذه الإسقاطات التاريخية يمكن ملاحظتها في الوضع الحالي في غزة، مستدركا "لن نقول إن إسرائيل كسبت في كافة المعارك التكتيكية، لكنها استطاعت أن تدخل إلى غزة من أقصاها إلى أقصاها، ومع ذلك لم تستطع أن تسيطر بشكل كامل لأن طبيعة المعارك مختلفة".
وأكد الخبير العسكري أن المعارك الحالية في غزة غير متناظرة، وهي مزيج فريد من حرب العصابات وحرب الأنفاق وحرب المدن، مشيرا إلى أن "هذا الخليط لم يحدث في التاريخ".
وأضاف أن حديث المسؤول العسكري الإسرائيلي جاء ليؤكد ما تضمنته رسالة السنوار الأخيرة من التأكيد على أن المقاومة مستعدة لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد تنتهي بهزيمة إستراتيجية أكيدة للاحتلال.
وكان المسؤول العسكري الإسرائيلي السابق قد صرح كذلك في حديثه للصحيفة الأميركية بأن حماس تستعيد المدن بعد ربع ساعة من انسحاب الجيش الإسرائيلي منها، مضيفا أن قدرة إسرائيل على الردع تتراجع إلى الصفر.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين حاليين وسابقين اعتقادهم بأنه "من غير المرجح أن تهزم حركة حماس في هذه الحرب".
وكان السنوار قد أكد في رسالته للحوثي أمس الاثنين أن المقاومة بعد قرابة عام من الحرب المتواصلة لا تزال بخير، وأن "ما ينشره العدو من أخبار ومعلومات يأتي في إطار الحرب النفسية"، مؤكدا أنها تعد نفسها لمعركة استنزاف، و"ستكسر إرادة العدو السياسية كما كسرت إرادته العسكرية".
وفي وقت سابق، صرّح عضو لجنة الخارجية والأمن في "كنيست" الاحتلال، عاميت هاليفي، بأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يهزم كتيبةً واحدة، ولا حتى سريّة واحدة في رفح جنوبي قطاع غزّة، مشدداً على أنّ "إسرائيل" بعيدة كل البعد عن تدمير حماس وهزيمتها.
ونقل موقع القناة "السابعة" العبريَّة، عن هاليفي قوله إنّ "الجيش" الإسرائيلي يدّعي أنّه قتل نحو أكثر من 2000 مقاتل (للمقاومة) في رفح جنوبي القطاع، مع العلم أنّ الرقم أقل بكثير وهذا الرقم المبالغ فيه، فهو لا يصل إلى 25% من القوّة المقاتلة.
كما أشار هاليفي إلى أنّ "إسرائيل" دمّرت نسبة ضئيلة جداً من مدينة رفح السفلى (أنفاق المقاومة تحت الأرض)، لذلك قامت المقاومة بإغلاقها وسيكون من السهل عليها استخدامها لاحقاً.
ولفت إلى أنّ كمية السلاح لدى (المقاومة) في رفح هائلة، وبالتالي فإنّ حجم الأسلحة الذي عثر عليه "الجيش" الإسرائيلي صغير جداً مقارنةً بمخزون (المقاومة)، مشدداً على أنّ "إسرائيل" بعيدة كل البعد عن تدمير حماس وهزيمتها.
وتابع أنّ "كل جندي دخل خان يونس للمرّة الرابعة أو حي الزيتون للمرّة الخامسة يعلم أنّ شيئاً لم يهزم، ومع طريقة العمل الحالية لشعبة العمليات لن يحسم الأمر أبداً، لأنّه مقابل كل شخص يقتل (يستشهد) يولد إثنان، ومقابل كل جريح يتم تجنيد 3 مقاتلين جدد، ومقابل كل قطعة سلاح يستولي عليها الجيش الإسرائيلي يتمّ إنتاج خمسة قطع أخرى في أقبية قطاع غزّة".
وأردف هاليفي أنّ الطريقة التي يتبعها "الجيش" الإسرائيلي في "حرب فتحات الأنفاق"، كما وصفها رئيس "الشاباك"، لا يمكن من خلالها هزيمة "حماس" على المستوى الكمي، أي من حيث عدد المقاتلين في قطاع غزّة والأسلحة التي يمتلكونها، لذلك لا يوجد إنجازات استراتيجية لـ "إسرائيل" بل هي في نفق لا نهاية له، بحسب الإعلام الإسرائيلي.
ورأى عضو لجنة الخارجية والأمن في "كنيست" الاحتلال أنّ المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي يضلل الرأي العام ويعلن عن "الانتصارات" من باب العزف الختامي، مؤكداً أنّ "النصر أصبح خلفنا إلى حدٍ كبير".
وفي تقرير سابق، اعترف ضابط في جيش الاحتلال "الإسرائيلي" أن كتائب القسّام تنفّذ عمليات نوعية على محور "نتساريم" تؤدي إلى إيقاع القوات بين قتلى وجرحى.
وقال الضابط في مقابلة مع القناة 12 العبرية، لا أفهم ما الذي يفعله "الجيش" في محور نتساريم جنوب مدينة غزة عدا حماية نفسه؟
وأكد أن مجاهدي القسّام ينفّذون عمليات على المحور، بينما بقيَ جنود الاحتلال في المنتصف غير قادرين على البلع أو التقيؤ في نفس الوقت، وفقًا لوصف الضابط.
وتابع "مقاتلو حماس اكتسبوا المزيد من الجرأة وينفذون عمليات غير معقدة على المحور ويقتلون الجنود".
وشدد الضابط "الإسرائيلي، على أنه ينبغي عدم تصديق بيانات المتحدث باسم "الجيش" حول توسيع المحور لأن ما يفعله هو محاولة لحماية القوات فقط.
وأكد أن "الجيش" يهدم المزيد من المنازل حوله حتى يتيح المجال للقوة البقاء في المكان، ولكن وفي النهاية تتراجع القوة إلى الخلف وتتعرض لهجمات من المقاتلين الذين تعلّموا أساليب عملنا.
ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إصابة ضابط بانهيار فتحة نفق وسط قطاع غزة.
وفي التفاصيل، قال الجيش في منشور على منصة "إكس" أمس: " خلال عملية استكشاف وتدمير نفق تحت الأرض وسط قطاع غزة، انهارت فتحة نفق واحتجز ضابط من الجيش الإسرائيلي داخلها".
وأضاف: "تم إنقاذ الضابط من الفتحة وتحويله لمزيد من العلاج الطبي في المستشفى"، فيما لم يفصح الجيش عن خطورة حالة الضابط المصاب.