فلسطين أون لاين

"المدُّ البحري" يدقُّ ناقوس خطر الشّتاء على خيام النّازحين في خان يونس

...
خان يونس/ على البطة

اضطر نبيل بكير، وأفراد أسرته لإخلاء خيامهم المنصوبة على شاطئ بحر خان يونس، وتمضية الليل في العراء وفي وضع كثبان رملية لمنع إغراق الخيام؛ بعد مد بحري محدود الليلة الماضية.

بكير (57 عامًا) نازح من مدينة غزة، لم يجد خيارًا قبل أشهر سوى نصب 4 خيام له ولأفراد أسرته التي تضم 27 فردًا على بعد أمتار قليلة من شاطئ بحر القرارة جنوب ميناء القرارة بنحو 100 متر، ليجد نفسه مع اقتراب الشتاء بحاجة للبحث عن مكان جديد.

وتؤوي منطقة المواصي وشاطئ بحر خان يونس مئات آلاف النازحين من محافظات خان يونس ورفح وغزة وشمالها، ولم يعد فيها متسع لنصب خيام جديدة.

وقال بكير لـ"فلسطين أون لاين" إنه يقيم في الخيام مع اثنين من أبنائه المتزوجين وشقيقته وحماه وحماته، وتنقلوا بين أكثر من منطقة حتى لم يجدوا خيارًا سوى شاطئ البحر رغم خطر الغرق بالمياه أو الاستهداف من الزوارق الحربية "الإسرائيلية".

وأوضح أن معاناته التي يعيشها منذ النزوح الأول من بيته في غزة تجددت مع مد البحر ليلًا، حيث وصلت مياه البحر إلى حدود الخيم، واضطر مع أبنائه لتمضية الليل في إقامة سواتر رملية لمنع المياه من التسرب الى الخيم، وهو حل مؤقت لن يكون له معنى أو قيمة حال كان المد كبيرا كما هو متوقع في فصل الشتاء.

معاناة بسبب المدّ البحري

لساعات الفجر استمر المد البحري وعند الصباح تراجعت المياه ليعود المد مجددًا قبل ظهر اليوم الأحد مهددًا بإغراق مئات الخيم المنصوبة على شاطئ البحر.

وأطلق المكتب الإعلامي الحكومي نداء استغاثة إنساني عاجل لإنقاذ مليوني نازح في قطاع غزة قبل فوات الأوان بالتزامن مع قدوم المُنخفضات الجوية ودخول فصل الشتاء واهتراء خيام النازحين.

وقال المكتب في بيان له، يوم السبت: إن أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يوماً بعد يوم، حيث بلغ عدد النازحين بشكل عام من 1,9 مليون نازح إلى 2 مليون نازح في محافظات قطاع غزة.

وأضاف: لدينا في قطاع غزة 543 مركزاً للإيواء والنُّزوح نتيجة ارتكاب الاحتلال "الإسرائيلي" جريمة التهجير القسري وهي جريمة ضد الإنسانية من خلال إجبار المواطنين على النزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكنية الآمنة وهي جريمة مخالفة للقانون الدولي.

وأكد بكير أنه مع أول مد خفيف لم يعد الوضع يحتمل للبقاء على شاطئ البحر؛ لذلك لا بد من البحث عن بديل سريع، مشيرًا إلى أنه يبحث عن أرض بعيدًا عن الشاطئ قبل قدوم المنخفضات.

ونبّه إلى أنه ليس من السهل توفير قطعة أرض بديلة بسبب مئات آلاف الخيام المنصوبة للنازحين.
 
غير بعيد عنه كانت أم سعيد تلملم أغراضها من خيمتها البالية فيما يسعى أبناؤها لإيجاد مكان جديد ليقيموا خيمتهم عليه.

تقول أم سعيد، لـ"فلسطين أون لاين": نحتاج أي مكان لإيوائنا في الشتاء، حتى قماش الخيمة لا يصمد أمام رياح الشتاء ومطره القادم.

ويقيم النازحون خيامهم في أراض حكومية أو خاصة ومن لديهم المقدرة المالية يتشاركون باستئجار قطعة أرض لنصب الخيام عليها، في حين تقيم بعض المؤسسات مخيمات لإيواء النازحين.

ومع مد بحري خفيف أصبح المئات من أصحاب الخيام والمعرشات المنصوبة على شاطئ البحر ولعدم قدرتهم على استئجار أماكن خاصة بهم، في حيرة من أمرهم.. فماذا نفعل مع ازدحام الأراضي بآلاف النازحين في بحر القرارة، تتساءل أم سعيد.

محمد أبو لحية يبعد قرابة ٣٠٠ متر عن ميناء القرارة واجه مع عائلته مد مياه البحر، وقال لـ"فلسطين أون لاين": اضطررنا للعمل على تثبيت الخيمة والشوادر تحسبًا من الغرق.

وأكد أنه لا مفر من مغادر منطقة الشاطئ قبيل قدوم الشتاء، مشيرًا إلى أن هذه الخيام مصنوعة من الخشب والنايلون والقماش، واهترأت مع حرارة الشمس ومع ظروف المناخ في قطاع غزة، وخرجت عن الخدمة بالكامل، خاصة بعد مرور 11 شهراً متواصلاً من النزوح وهذه الظروف غير الإنسانية.

خيام بالية

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي؛ فإن 74 % من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية والتي أفادت بوجود 100,000 خيمة من أصل 135,000 خيمة بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري عاجل نتيجة اهتراء هذه الخيام تماماً.

مشكلة أخرى يشير لها بكير وهي تكلفة نقل الخيمة وأمتعتها في حال وجد مكانا لنصيبها ليدخل في دوامة تفكير مرهقة وسط حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 11 شهرًا.

وتشكو أم سعيد من نقص الأموال لديها للانتقال مئات الأمتار بعيدا عن الشاطئ، مبينة أن الانتقال يعني بداية مشوار النزوح من جديد، وهذا يتطلب بدء البحث عن مصادر المياه ومصادر المساعدات وغيرها.


التحذير من كارثة إنسانية

ويحذر المكتب الإعلامي الحكومي من كارثة إنسانية حقيقية بفعل دخول فصل الشتاء وظروف المناخ الصعبة، وبالتالي سوف يصبح 2 مليون إنسان بلا أي مأوى في فصل الشتاء وسيفترش هؤلاء الأرض وسيلتحفون السماء، بسبب اهتراء خيام النازحين وخروجها عن الخدمة تماماً، وكذلك بسبب إغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وبسبب منع الاحتلال "الإسرائيلي" إدخال قرابة ربع مليون خيمة و"كرفان" إلى قطاع غزة في ظل هذا الواقع المرير.

وطالب المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والأممية والمؤسسات العالمية ذات العلاقة إلى الخروج عن صمتها وتقديم الإغاثة الفورية والعاجلة لمليوني نازح هم بأمس الحاجة إلى مأوى مناسب يقيهم من برد الشتاء وحرارة الصيف، وقبل ذلك الضغط على الاحتلال وعلى الأمريكان لوقف جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

1.2 مليون نازح في خانيونس

وتؤكد بلدية خانيونس وجود أكثر 1.2 مليون نازح ومواطن في خان يونس وأحيائها المختلفة وجميعهم مُعرضون لمخاطر الشتاء والمنخفضات الجوية.

وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والإغاثية التدخل الفوري والعاجل لإنقاذ المواطنين والنازحين من الأخطار المحدقة بهم مع دخول فصل الشتاء مخافة الغرق بمياه الأمطار.

ودعت المجتمع المحلي والتجمعات الشبابية والعائلية والمؤسسات الصديقة إلى مساعدة طواقم البلدية في حماية المواطنين والنازحين والتعاون ميدانيًا لدرء المخاطر التي قد تنجم عن تساقط مياه الأمطار.

ويجمع النازحون على أن الحل الحقيقي هو وقف الحرب وعودة كل السكان إلى مناطق سكناهم ونصب الخيام قربها حتى يتوفر البديل المناسب للإيواء.