قائمة الموقع

​الحرمان أسلوبٌ تربوي ناجع إن طُبّقَ بإيجابية

2017-10-18T07:22:27+03:00

بعض أولياء الأمور ينظرون للتربية الصحيحة على أنها توفير كل الحاجات الأساسية والكمالية لطفلهم، حتى لا يحتاج شيئا، وبذلك يوفرون حياة رغيدة له، وهم لا يدركون بأنه يصنعون منه شخصا اتكاليا لا يدرك قيمة ما يملكه، لأن كل ما يطلبه يُقدم له على طبق من ذهب.

في علم النفس هناك ما يعرف بـ"الحرمان"، وهو الحرمان بمعناه الإيجابي لا السلبي، والمقصود به عدم تلبية كل طلبات الطفل ورغباته، مع إشراكه، في بعض المهن والأعمال الشاقة ليُدرك قيمة المال المُوفر له، وفي ذلك صقلٌ لشخصيته، ليصبح قادرا على مواجهة مصاعب الحياة.

الوسطية

قال الأخصائي النفسي والاجتماعي الدكتور إياد الشوربجي إن تربية الطفل يجب أن تكون متوازنة ومعتدلة، بلا إفراط ولا تفريط في الأشياء المتاحة، فالوسطية والاعتدال هما الأساس، ويجعلان الطفل يتكيف مع كل الظروف التي تطرأ على حياته، فالحالة المادية الجيدة للشخص لا يُضمن استمرارها طوال حياته.

وأضاف لـ"فلسطين" أن الطفل الذي يعتاد على تلبية كل طلباته لن يشعر بالمسئولية، ويصبح ذا شخصية اتكالية لا تتحمل المسئولية في المستقبل، بالإضافة إلى شخصيته تكون ضعيفة لا تستطيع مواجهة الظروف الصعبة والتكيف معها.

وبيّن الشوربجي أنه يجب على الوالدين ألا يلبيا كل حاجات الطفل، حتى وإن توفر لهما المال والإمكانيات، وذلك من أجل ضبط شخصيته، وتعويده على مبدأ أن ليس كل ما يُطلب يُلبى، خوفا وحرصا عليه من أن يقع في مشكلات في المستقبل يكون فيها وقع الصدمة عليه كبيرا، لافتا إلى أن الحرمان الإيجابي يمنح الطفل القدرة على خوض معتركات الحياة، ويعلّمه معنى التضحية وضرورتها، بالإضافة إلى شعوره بشعور المحرومين، وإدراكه أنه قد يُحرم مما تعود عليه، ومن هنا يتعلم الاقتصاد والتوفير.

وأوضح أن الأطفال لا يدركون العواقب، وقد يسيئون الظن في الوالدين، ويفسرون الحرمان بأنه مُتعمّد، وقد يشعر الطفل، بسبب الحرمان، بعدم الاستقرار وعدم إشباع حاجته، فيتأثر نفسيا واجتماعيا، وقد يفقد بعض الأطفال الثقة بالأبوين.

ولتفادي هذه التـأثيرات السلبية، نصح الشوربجي أن يكون الحرمان مضبوطا ومقننا، وبطرق مناسبة لشخصية الطفل وعمره.

تعليم عملي

ولفت إلى أن الأسلوب العملي جيّد في تطبيق الحرمان الإيجابي، ومن ذلك أن يصطحب الأب طفله لمكان عمله، ليخوض العمل بنفسه، فيعرف مقدار المعاناة التي يبذلها والده في كسب المال.

وأشار الشوربجي إلى أن بعض أولياء الأمور يوجهون الابن نحو العمل في بعض الأعمال الشاقة، بغرض إشعاره بقيمة الحياة الرغيدة التي يعيشها، ليشعر بمعاناة الآخرين، وتقوى شخصيته، ويتعود على هذه المهن التي قد يضطر للعمل فيها إن تبدّلت ظروف أسرته المادية.
اخبار ذات صلة