قائمة الموقع

الدية العشائرية.. لإغلاق ملف نفين عواودة أم للقصة بقية؟

2017-10-18T07:12:00+03:00
نفين عواودة (أرشيف)

أثارت قضية المدرسة نفين عواودة (36 عامًا) التي عثر على جثتها مقتولة أسفل البناية السكنية التي تقطنها في مدينة بيرزيت بمحافظة رام الله، منتصف يوليو/ تموز الماضي بعد اختفائها لخمسة أيام، مفاجآت لمن وصفتهم بمنشوراتها بالفاسدين ونشرت وثائق عنهم على صفحتها الشخصية على "فيس بوك"، بعد الحكم العشائري بدية مقدارها مليون و275 ألف دينار أردني إضافة إلى 17 كيلو ذهب، مع النفي للجاني 15 عامًا.

وورد في تفاصيل الدية أن تدفع عائلة القاتل 20 ألف دينار مقابل مراقبة القاتل وتخطيطه لعملية القتل، و30 ألفًا لإصراره على تنفيذ جريمته، و40 ألف دينار لخطفها، وثلاث ديات عقوبة لقتلها قيمة كل دية مائة ناقة أي ما يعادل 17 كيلو ذهب خالص، فضلًا عن مبالغ أخرى تمَّ فرضها عقوبةً لحملها للطابق السادس والتشهير بها في الإعلام وعدم نقلها للمستشفى، وخسائر أهلها في أثناء البحث عنها، وتشريح جثمانها في مستشفى فلسطيني ومستشفى في الداخل المُحتل، وهو ما أكد صحتها والدها ياسر عواودة لصحيفة "فلسطين".

وعزا عواودة سبب ضخامة المبلغ المالي إلى ما وصفه بفظاعة الجريمة التي ارتكبت، وفق ما يتم التعارف عليه من أحكام عرفية وعشائرية خاصة أن هناك حادثة مشابهة قبل خمسين عاما حكمت بذات المبلغ، مبينًا أن الوجهاء منحوا عائلة المتهم بالقتل مهلة 40– 50 يومًا لتأمين المبلغ المالي.

إغلاق القضية

وقال عواودة لصحيفة "فلسطين"، إن الجهات الرسمية شارفت على إغلاق ملف مقتل ابنته بوجود قاتل واحد دون شركاء، بانتظار استكمال إجراءات المحاكم وحكم القضاء الذي يأخذ وقتًا، مستدركًا: "لكن هذا لا يلغي البحث عن الحقيقة والتأكد من كل شيء".

وتابع عواودة: "ما لم تظهر أي معلومة جديدة في القضية، فإن حكم العشائر طريق السلام بعيدًا عن التعصب، فخيار العطوة أو "المنشد" يماثل حكم محكمة العدل العليا، الذي لا يقبل الاستئناف ولا يحق لأحد الاعتراض على ما يصدر منها".

ويعرف المَنشَد بأنه الحُكم الذي يلجأ له أهل المتضررة، وهو حق يطبق على المذنبين بحق النساء سواء هتك عرض أو اعتداء أو تشهير، وعند العرب دية الرجل 100 ناقة ودية المرأة 400 ناقة، وهي شروط تعجيزية الهدف منها الردع، وتُخفف بعدَ ذلك عن طريق الوجاهات ورجال الإصلاح.

وبشأن رواية الأجهزة الأمنية، اتهمها العواودة بوجود ثغرات كثيرة وأسئلة تحتاج إلى توضيح، بها تناقضات متعددة، مؤكدًا وجود قصور وعدم التصرف بمهنية من جهات أمنية معينة رفض الكشف عن اسمها.

وجمع عواودة بين تناقضات مختلفة سادها التحقيق الأول في القضية الذي انحصر على أنها "انتحار"، قائلًا إن "الجثة وجدت مغطاة، لكن تقرير المباحث الجنائية ادعى أنها عملية انتحار، والتقرير الطبي الشرعي في مستشفى أبو ديس شرق القدس أظهر أنها ارتطمت بجسم صلب، تسبب بوفاتها وليس بسبب السقوط من علو، وأن مكان وجود الجثة لا يتناسب مع زاوية السقوط".

وكان المتحدث باسم أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة عدنان الضميري، أعلن في الخامس من سبتمبر/ أيلول عن ملابسات مقتل المواطنة نيفين عواودة التي عُثر على جثتها مساء 15 يوليو الماضي ببلدة بيرزيت.

وذكر الضميري أن قاتل عواودة هو شاب عشريني من محافظة رام الله يعمل سائقًا على طريق رام الله- بيرزيت، ونفذ جريمته بدهسها على طريق المزرعة الغربية شمال رام الله.

لكن عواودة نبه إلى أن التحقيق تجاهل معلومات مندوب الدفاع المدني الذي قام بمعاينة الشقة، وأكد وجود رائحة كريهة بداخلها، متهمًا الأجهزة الأمنية بأنها لم تأخذ تلك الملاحظة المهمة بعين الاعتبار في التحقيق الأول، إلى أن تمَّ العثور على القاتل بعد ذلك.

بداية القضية

وبدأت مشكلة "نفين عواودة" قبل أربعة أعوام عندما اكتشفت فسادًا إداريًا وماليًا في المدرسة الثانوية التي تعمل بها وتقع في منطقة دورا بالخليل، وحاولت مواجهة الأمر الذي ما لبث أن فجر خلافًا بينها وبين إدارة المدرسة التي بدورها وبدعمٍ من مجموعة من أمناء حركة فتح وضباط الأمن الوقائي، قاموا بتهديدها، كما تحدثت عواودة عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ما دفعها بتقديم شكاوى إلى وزارة التربية والتعليم، ووحدة مكافحة الفساد، وهيئة القضاء العسكري.

مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش، يؤكد من ناحيته أن القضية لم تغلق، وأن الهيئة ما زالت بصدد إجراء تقرير تقصي الحقائق في مقتل نفين.

وقال الأطرش لصحيفة "فلسطين": "إن القضية يكتنفها الغموض، ونحن قابلنا المتهم بالقتل لكننا لم نأخذ الإفادة والتفاصيل الكاملة حتى الآن"، موضحًا أن تقرير الهيئة المستقلة يدور مع الشخص الذي اعترف بالتهمة، وفي ظروف مقتل عواودة ولجوئها إلى المؤسسات، باعتبار أنها تفاصيل بحاجة إلى إجابات.

وأعرب عن أمله أن يقول القضاء كلمته، وأن تكون الصورة واضحة في قادم الأيام.

من جانبه، طالب الناشط الحقوقي بمدينة الخليل عيسى عمرو، بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من خارج الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تحقق في القضية من الألف إلى الياء، خاصة أن بعض الجهات الأمنية ورد اسمها في شكاوى نفين التي قدمتها، بعد أن وجهتها لعدة جهات رسمية ولم تقم بحل مشكلتها وحمايتها من القتل.

وقال عمرو لصحيفة "فلسطين": "منذ اليوم الأول لمقتل نفين، طالبنا بالتحقيق مع جميع الأسماء الذين كانوا يهددون عواودة، لكن النيابة لم تقم بتسجيل أي إفادة"، مضيفا: "التحقيق غير واضح، ويجب أن يكون هناك شفافية كاملة في القضية".

وعبر عن استغرابه من المبلغ الكبير الذي ورد في العطوة العشائرية في الحكم بقضية نفين، مبديًا عدم اقتناعه برواية أجهزة أمن السلطة التي تتحدث عن قاتل واحد.

اخبار ذات صلة