أكد الدكتور ماهر عبد القادر، الخبير في الشؤون الأميركية أن التعنت "الإسرائيلي" واستمرار دعم إدارة بايدن لحكومة نتنياهو هو السبب في فشل الوصول لاتفاق "صفقة تبادل" ووقف الحرب على قطاع غزة.
وقال عبد القادر وهو رئيس الكونجرس الفلسطيني الاميركي في مقابلة مع فلسطين أون لاين: إن إدارة بايدن تدعم الاحتلال بكل الصور، مشددًا على أن هذه الدعم تسبب في فرملة وفشل أي اتفاق حتى الآن.
وبيّن أنه رغم تعنت الاحتلال الإسرائيلي تلتزم الولايات المتحدة تجاه "إسرائيل" بكامل الضمانات، وتقدم لها الدعم بكل أشكاله منذ قيامها وحتى يومنا هذا، وبغض النظر عن الحزب الحاكم جمهوري كان أم ديمقراطيا.
وفيما يلي نص المقابلة:
س. نحن على بعد أيام من مرور عام على حرب الابادة الاسرائيلية في قطاع غزة.. هل للدعم الغربي "لإسرائيل" دور في استمرار حرب الابادة؟
الدول الغربية خاصه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وغيرهم يقدمون دعمًا غير محدود "لإسرائيل" ومنذ تأسيسها، زاد هذا الدعم غير الأخلاقي خلال هجوم الكيان الصهيوني على غزة والفلسطينيين في الضفة وأماكن أخري والذي خلّف استشهاد عشرات الآلاف، وجرح عشرات الآلاف وتدمير البنية التحتية ويتساءل كثيرون "لماذا يدعم هؤلاء القادة وهذه الدول جرائم الحرب ضاربين عرض الحائط بالقانون الدولي.
الأسباب هي نفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والغرب والذي يستغل نفوذ الحركة الصهيونية المسيحية، والقوة المالية والإعلامية لليمين المتطرف المتصهين بالإضافة لغياب الدور العربي والإسلامي المؤثر في الساحة الدولية.
س. تعددت مقترحات الاتفاقيات دون أن تنجح في الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب.. لماذا برأيك؟
حالة تشاؤم تسيطر على مصير مسار مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، مع تبادل الفرقاء الاتهامات لفشل المفاوضات والتي أصبحت «تتعقد»، كونها خرجت من ساحة النقاشات إلى محاولات لتحميل أطراف مسؤولية تعثرها. إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «العاجزة» عن الضغط على نتنياهو، والتي تغرق الكيان الصهيوني بالمساعدات المالية والسلاح والدعم اللا محدود في الساحة الدولية والأمم المتحدة هي أحد الأسباب الرئيسية لفشل المحادثات. سبب آخر ان نتنياهو يعرف ان إنهاء الحرب ستحيي قضيه الفساد ضده وستؤدي به الي السجن، إصراره أن أي اتفاق لن يري النور كون امريكا دوما تعد بإلقاء اللوم على «حماس» هي من تعرقل الاتفاق كون هذا أقل تكلفة، في ظل الانتخابات الأميركية وامام المشرعين الأمريكيين والاعلام الامريكي.
س. الإدارة الأميركية وسيط أساس بين "إسرائيل" وحماس وتقدمت بعدة مقترحات للاتفاق لكن لم تصل جهودها لنتائج على الأرض.. لماذا برأيك تعثرت جهود البيت الأبيض؟
إدارة بايدن تدعم الاحتلال بكل الصور، هذه الدعم تسبب في فرملة وفشل أي اتفاق حيث رغم تعنت الطرف "الإسرائيلي" تلتزم الولايات المتحدة تجاه "إسرائيل" بكامل الضمانات، وتقدم لها الدعم بكل أشكاله منذ قيامها وحتى يومنا هذا، وبغض النظر عن الحزب الحاكم جمهوري كان أم ديمقراطيا.
في المقابل، تتنصل الولايات المتحدة من التزاماتها تجاه حفظ وحماية الحقوق الفلسطينية، وبالتالي وعلى مدار عقود أثبتت أن الولايات المتحدة وسيط غير نزيه تجاه عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، وأن الدول العربية عمومًا لم يجيدوا التعامل مع السياسية الأمريكية تجاه القضايا العربية، وتحديدًا القضية الفلسطينية، كما لا يجب تناسي تأثير الصهيونية في الإعلام والسياسة وسيطرتها علي القيادات المتنفذة في الغرب وعليه يفشل البيت الأبيض في الوصول لأي اتفاق.
س. احتجاجات طلبة جامعات أميركية ضد العدوان على غزة كانت لافتة.. هل نشهد بداية تغييرات حقيقية في مواقف الأميركيين تجاه الصراع في الفلسطيني الإسرائيلي؟
الحراك الطلابي الرافض للحرب في قطاع غزة في العديد من جامعات النخبة في أمريكا يتسع ويترك آثارا ايجابيه لصالح فلسطين ولأول مره في التاريخ. هذا الحراك يثير غضب "إسرائيل" وخلفائها في الغرب. ويثير هذا الحراك الرافض للحرب جدلاً غير مسبوق خاصة مع محاولة الولايات المتحدة قمع "لأصوات التي تتحدث علنا ضد الممارسات الإسرائيلية". الإعلام والساسة الأمريكيون يعترفوا ان الحراك الطلابي بدأ يؤثر على الجمهور الأمريكي - الغربي حيث بدأ التساؤل لماذا ندعم اسرائيل دون شروط؟
س. هل تلمسون تغييرًا في الموقف من "إسرائيل" في الإعلام الأميركي؟
الحرب علي غزه وجرائم الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين والخلاف والجدل حول الموقف من إسرائيل ومن الحرب وما أحدثته يكتسب بعداً اجتماعياً في الولايات المتحدة، فقد ازدادت منذ الحرب الحوارات الحاده حوّل دور أمريكا والغرب في الصراع الشرق أوسطي.
الحرب في قطاع غزة أعادت الشرق الأوسط ضمن أولويات واشنطن، بعد محاولات حثيثة من الإدارات الأمريكية الثلاث الأخيرة (باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن) لتقليل انخراط بلادهم في صراعات الشرق الأوسط والتركيز على التنافس الاستراتيجي مع الصين وروسيا
إلا أن سياسات الحكومة الإسرائيلية؛ تتناقض كُلياً مع تطلعات الإدارة الأمريكية من جهة، ومع متطلبات الأمن القومي الأمريكي من جهة أخرى؛ حيث ترفض تل أبيب حكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، ومعارضة إنشاء دولة فلسطينية، مع خطوات لتقويض حل الدولتين، يعني أن قطاع غزة سيخضع للاحتلال الإسرائيلي، وستبقى الضفة الغربية على حافة الانهيار، ما يعني بقاء القضية الفلسطينية صراع يستنزف الولايات المتحدة.
بعد حرب غزة، هنالك تحولات مهمة تجاه القضية الفلسطينية، حيث تراجعت نسب التأييد لإسرائيل داخل الحزب الديمقراطي بشكل ملحوظ، خاصة في أوساط الشباب والأقليات العرقية والقوى التقدمية التي تمثل شرائح مهمة داخل الحزب، فيما تزايدت نسب الدعم لإسرائيل داخل الحزب الجمهوري مع تصاعد نفوذ التيار المسيحي الصهيوني داخل الحزب. في خضم هذا الجدل السياسي المجتمعي في الولايات المتحدة جاءت تصريحات بايدن التي يأمل فيها أن يأتي التغيير من إسرائيل نحو حكومة أكثر واقعية وتعاوناً من أجل أن يخرج من المأزق المتعدد الأوجه الذي وضعته فيه هذه الحرب.
س. هل حققت الرواية الفلسطينية للعدوان على غزة حضورا في الغرب وأميركا تحديدا؟
منذ حرب غزه والرواية الفلسطينية تلقي ترحيبا في الغرب حيث يتبنى جيل من الشباب إدانة الاحتلال والظلم الذي يمارسه الكيان الصهيوني مقرون بتمييز صارخ يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال المميت.
شجع علي ادانة الكيان الصهيوني وعملائه في الغرب الضغط الفارط لآلات الدعاية الإعلامية والمالية لأدوات الكيان في الغرب والتي تريد عنونه الوعي السائد والنمطي على ضمائر وعقول أجيال بأكملها.
فرض صمود الغزيين على العالم صياغة جديدة لمعادلة الصراع العربي الصهيوني، حيث ظهرت صحوة جيل جديد في الغرب وأمريكا لا يريد أن يرث شيئا من قناعات آبائه أو أجداده، وعوضت شرائح واسعة منه مصادر معلوماتها من وسائل الإعلام الرسمي التقليدي في مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة، لتطوي بذلك سجل أكاذيب الإعلام الصهيوني والغربي المضلل للرأي العام.
س.هل يقوم الفلسطينيون بالمطلوب منهم لإيصال صوتهم للشارع الغربي؟
العرب وبالأخص الفلسطينيين الأمريكان لعبوا ويلعبوا دورا مميزا في الساحة الأمريكية لتثقيف الشارع والساسة الأمريكيين بعدالة قضيه شعب فلسطين وان علي امريكا والغرب ان ينظروا بشكل منصف لمطالب العرب والفلسطينيين.
الكل يعرف أن بايدن قدم دعما سخيا لإسرائيل بالمال والأسلحة، فانفجرت الجامعات الأميركية بالاحتجاجات، وعمت التظاهرات مختلف الولايات والعاصمة واشنطن، مطالبة بوقف قتل الفلسطينيين في غزة وهذا كله نتاج التأثير القوي للجالية العربية ومؤسساتها الحديثة علي الساحة.
نعم بايدن والساسة الأمريكان أعطوا الأولوية للسياسة الخارجية التي تقوم على الدعم المطلق "لإسرائيل" على حساب المخاوف الانتخابية، مع اهتمام بالوضع الإنساني في غزة ولكن هذا يتغير ولكن بشكل بطيء.
أمريكا في السابق لم تشهد أي تحد أو اعتراض لسياساتها في الشرق الوسط، الجالية بعملها غيرت هذا المفهوم والمظاهرات في سوره أمريكا وجامعاتها دليل دامغ لهذا التغير.
س. العرب يراهنون على موقف الديمقراطيين في الادارة الاميركية.. هل خذل بايدن العرب بموقفه من العدوان على غزة؟
نعم، خذل بايدن قيادات العرب، الجمهور العربي يعي ومنذ زمن أن لا رهان على أمريكا الحليف العضوي للكيان الصهيوني. دور أمريكا بعد حرب غزه تراجع في العالم العربي حيث أشارت بعد الاستطلاعات أن نسبة 10% فقط إن لديها مواقف إيجابية من الولايات المتحدة، إلى جانب 87% كان لديها انطباع سلبي عن أمريكا. ولم تترجم المواقف السيئة من أمريكا لمكاسب للدول العربية، حيث لم تكن أمريكا الوحيدة التي تأثرت بالحرب، بل وحلفاؤها بالمنطقة. رهان الدول على بايدن وفشله في وقف الحرب ترك نفس الأثر السلبي على شعبيه قيادات هذه الدول.
س. الانتخابات الأميركية على الأبواب هل يمكن أن يتم الوصول لاتفاق لوقف اطلاق النار في غزة قبيل الانتخابات؟
"حرب غزة" وكل ما يتعلق بها من ملفات "لحقوق الإنسان" و"مأساة مقتل المدنيين" و"الرهائن (الأسرى) الإسرائيليين" لدى حركه حماس" و"استخدام الأسلحة الأميركية من القوات الإسرائيلية في الهجمات على غزة كانت ولا زالت من اهم الأمور في الانتخابات الرئاسية لهذا العام".
وانقسام الجمهور وكلا المرشحين حول "حرب غزة" يكشف عن "استقطاب أوسع بين الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين، إذ أن الكثيرون سئموا وضعا يعيشون فيه حيث هناك نوع من الخلل الوظيفي، أكان على صعيد الكونغرس أو الإدارة الأميركية أو حتى الأحزاب ذاتها أو تأثير اللوبي الصهيوني علي مجريات الحياه في أمريكا.