فلسطين أون لاين

في أعقاب منع الاحتلال إدخالها ..

تقرير شحُّ المعروض يرفع أسعار الأحذية في غزَّة ويعيد إحياء "مهنة الإسكافيِّ"

...
شحُّ المعروض يرفع أسعار الأحذية في غزَّة ويعيد إحياء "مهنة الإسكافيِّ"
غزة/ رامي محمد:

في قلب سوق مخيم النصيرات، حيث يكتظ المكان بالسكان المحليين والنازحين، يبرز محل صغير يديره أبو أسامة، الإسكافي المعروف، المحل يشهد إقبالًا كبيرًا من الراغبين في ترميم أحذيتهم ونعالهم المتآكلة بعدما أصبحت الأسعار الجديدة باهظة ولا تُحتمل.  

يعمل أبو أسامة في هذا المحل برفقة ابنه، الذي لم يتجاوز عمره 12 عاما، وبالرغم من ضغط العمل الشديد الذي يمنعه حتى من تناول وجبة الغداء، إلا أن أبو أسامة يشعر بسعادة غامرة وهو يكسب بضع شواقل من كل زبون ينجز له مهمة إصلاح نعله أو حذائه.

منذ أن سيطرت سلطات الاحتلال على محور فيلادلفيا ومعبر رفح جنوب قطاع غزة، لم يتمكن تجار غزة من إدخال الأحذية والنعال الجديدة إلى القطاع، مما أدى إلى شح كبير في الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

 بعض الأحذية تجاوز سعرها مسجلاً الزوج الواحد 250 شيقلًا، بينما بلغ سعر النعل" الشبشب الواحد" 150 شيقلًا، مما دفع العديد من المواطنين للجوء إلى محلات الإسكافي كحل وحيد.

ولعل أبو أسامة كان من القلائل الذين حالفهم الحظ، حيث قام بتزويد محله بنظام طاقة شمسية قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، التي أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كافة محافظات القطاع

هذا النظام لم يكن مجرد استثمار، بل أصبح شريان حياة لمحله، حيث يمكّنه من تشغيل ماكينتين مخصصتين للعمل، إحداهما تتطلب طاقة كهربائية عالية وجهدا بدنياً كبيرا.

 

وفي ظل الإقبال الكبير على محله، يتناغم صوت المتجمهرين من النساء والرجال والأطفال، الذين يترقبون بفارغ الصبر إصلاح أحذيتهم، مع صوت المذياع الذي يديره ابنه الصغير متنقلاً بين الإذاعات المحلية التي تبث من الضفة الغربية وتنقل الأخبار، والإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية، ليضمن بقاء والده على اطلاع دائم بكل المستجدات المحلية والدولية.

يقول أبو أسامة لـ"فلسطين أون لاين": "لم أكن أتوقع أن أكون وجهة الناس بهذا الشكل، عادةً ما يكون موسمنا قبل الأعياد وبداية العام الدراسي، حيث كان الناس يلجؤون لإصلاح أحذيتهم ونعالهم وحتى حقائبهم المدرسية".

وأضاف." في السنوات الأخيرة، الأحذية والنعال المستوردة التي كانت تدخل إلى قطاع غزة قبل الحرب جعلت الكثيرين يعزفون عن ترميم أحذيتهم ونعالهم بسبب رخص أسعارها أما اليوم، في ظل الحرب وشح البضائع وارتفاع الأسعار، أصبح الناس مضطرين للانتظار طويلاً حتى أتمكن من إنجاز مهامهم، الطلب فاق التوقعات، والضغط على المحل لم يكن في حسباني."

من جانبه يقول الأربعيني أسعد أبو عويضة لفلسطين أون لاين: "جئت لإصلاح نعلي ونعال ابني لأنني ببساطة لا أستطيع تحمل تكلفة شراء الجديد، البائعون يطلبون 150 شيقلًا للنعال الخاص بي، وهو مبلغ يتجاوز قدرتي المالية، ولا أستطيع حتى العثور على نعال مناسب لابني، لذلك، قررنا إصلاح ما لدينا لحين يتمكن التجار من إدخال أحذية  ونعال جديدة بأسعار تناسب ظروفنا."

كان قطاع غزة يعتمد على استيراد الأحذية والنعال من الخارج وخاصة دولة الصين، التي كانت توفر خيارات متنوعة بأسعار معقولة وجذابة لمختلف الفئات، لكن مع استمرار الحرب التي أوشكت على دخول عاما كاملاً نفدت مخزونات الأحذية المتوفرة لدى التجار، حتى الأحذية الموجودة في المخازن والمحلات أصبحت صعبة المنال بسبب قصف مستودعاتها أو تعريض الاحتلال كل من يقترب منها للخطر.

من جانبه يقول بائع الأحذية غسان أبو سلطان: "نعاني حاليا من نقص كبير في المعروض، والارتفاع الحاد في الأسعار يعود بالأساس إلى قلة الكميات المتوفرة في السوق".

وأضاف أبو سلطان لفلسطين أون لاين" قبل سيطرة الاحتلال على معبر رفح ومحور فيلادلفيا، كان التجار قادرين على إدخال كميات كبيرة من الأحذية والنعال من الجانب المصري بأسعار مناسبة للجميع".

وتابع" في ذلك الوقت، كان الناس يتسابقون لشراء أكثر من زوج واحد، مدركين أن الحرب قد تتسبب في إغلاق المعابر وقطع الإمدادات، واليوم، مع ندرة الواردات وارتفاع الطلب، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، مما جعل من الصعب على الناس تلبية احتياجاتهم."

وفي مواجهة هذا الواقع الصعب، يبقى سكان قطاع غزة يحاولون التكيف مع الظروف القاسية التي فرضتها الحرب والحصار، بينما يرتفع الطلب على خدمات الإسكافي كحل مؤقت، يتجدد الأمل في أن يجد التجار قريباً طريقاً لإدخال الأحذية والنعال إلى الأسواق بأسعار معقولة، مما يخفف من معاناة الناس ويعيد بعض الاستقرار إلى حياتهم اليومية.