قال مراقبون اقتصاديون إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تطبق نفس السيناريو الذي استخدمته في تدمير اقتصاد غزة على الضفة الغربية، من خلال استهدافها للبنية التحتية الحيوية، والمنشآت التجارية والصناعية، ومنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم، محذرين من كارثة اقتصادية وشيكة في ظل الصمت الدولي على ما ترتكبه الترسانة الحربية من بطش وتدمير.
تواصل سلطات الاحتلال منذ عدة أيام تنفيذ عمليات عسكرية في عدة مدن بالضفة الغربية أبرزها جنين وطولكرم ونابلس، مما أدى إلى شلل في القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
وتظهر البيانات الأولية أن هذه العمليات أسفرت عن خسائر مالية فادحة، إذ تعرضت العديد من المنشآت الصناعية والزراعية لأضرار جسيمة، فضلاً عن تعطيل الحركة التجارية.
قال الاختصاصي الاقتصادي د.نور الدين أبو الرب إن العدوان الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية يهدف إلى تقويض الاقتصاد الفلسطيني، وإبقائه هشاً وتابعاً للاقتصاد الإسرائيلي.
وأوضح أبو الرب لـ "فلسطين أون لاين"، أن العمليات العسكرية أدت إلى تدمير أراضٍ زراعية خصبة، وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي، وخلق حفر كبيرة في الطرقات العامة والفرعية، إضافة إلى تدمير المنازل .
وأضاف أبو الرب، أن استمرار العمليات العسكرية يؤدي إلى إغلاق المنشآت الصناعية والتجارية، ويمنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم، ما يترتب عليه خسائر مالية فادحة تقدر بزيادة نسبة البطالة.
وحذر من أن استمرار هذه العملية دون تدخل دولي سيؤدي إلى انهيار اقتصادي شامل في الضفة الغربية.
بدأت دولة الاحتلال باستقدام عمالة أجنبية للعمل في القطاعين الزراعي والإنشاءات، في وقت يلزم أكثر من أكثر من 150 ألف عامل فلسطيني في الداخل المحتل منازلهم منذ أحداث 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.
من جانبه، أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أن العملية العسكرية تأتي في وقت تعاني فيه الضفة الغربية من أوضاع اقتصادية صعبة أساساً، بسبب هيمنة الاحتلال وقرصنته لأموال المقاصة، حيث لم تتمكن السلطة من صرف رواتب كاملة لموظفيها، ما يزيد من الضائقة المالية التي تعيشها.
وأضاف موسى لـ "فلسطين أون لاين"، أن السلطة كانت تعتمد قبل العملية العسكرية على تغطية جزء من نفقاتها من الإيرادات المحلية، وبالتالي مع استمرار العملية العسكرية والإغلاقات، فإن هذه الإيرادات ستتراجع مما سيضع السلطة أمام أزمة مالية خانقة.
وأشار موسى إلى، أن تداعيات العملية العسكرية تمتد إلى الاستثمارات المحلية والوافدة، حيث سيضطر أصحاب رؤوس الأموال إلى سحب استثماراتهم أو التريث في تنفيذ مشاريعهم، خشية تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الضفة الغربية، وصولاً إلى سيناريو مشابه لما حدث في قطاع غزة.
ولفت موسى إلى، أن العملية العسكرية المتواصلة على جنين حرمها من الاستفادة من الأموال المتدفقة من فلسطيني الداخل الذين كانوا يأتون اليها لشراء احتياجاتهم في ظل غلاء الأسعار في دولة الاحتلال.
ونوه موسى إلى، أن سلطات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر وهي تضيق الخناق على اقتصاد الضفة الغربية حيث انها منعت الايدي العاملة من الوصول الى أماكن عملهم في الداخل المحتل الى جانب عراقيل تضعها على الحركة التجارية البينية والخارجية.
ومنذ نوفمبر 2023، لم تتسلم الحكومة برام الله أموال الضرائب "المقاصة" والتي تعد المصدر الأكبر للإيرادات المالية، بمتوسط شهري يتجاوز 200 مليون دولار. حسب بيانات صادرة عن وزارة المالية.
يعود سبب الخلاف إلى قيام تل أبيب باقتطاع قرابة 270 مليون شيقل تمثل مخصصات كانت تحول شهريا من الجانب الفلسطيني إلى قطاع غزة.
وتمثل أموال المقاصة ما نسبته 65 % من مجمل دخل حكومة رام الله ومن دونها لن تكون قادرة على توفير أجور الموظفين، ولا الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مؤسساتها الحكومية.
بينما النسبة المتبقية البالغة 35 % من مجمل دخل الحكومة، فيأتي من جبايات ضريبية محلية في الضفة الغربية، ومنح خارجية بمتوسط سنوي لا يتجاوز 300 مليون دولار.
ومنذ 2014 بدأت المنح الخارجية تتراجع بشكل متسارع بسبب خفض الدعم الأمريكي ثم وقفه نهائيا في 2017، وتراجع المنح العربية، لتستقر عند أقل من 500 مليون دولار في 2023.