قائمة الموقع

ادّعاءات الاحتلال حول المناطق الإنسانية كذبة وجريمة كبيرة بحق الإنسانية

2024-08-28T15:22:00+03:00

منذ إعلان الاحتلال الصهيوني عن قرار إخلاء وترحيل المواطنين الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة من بلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة مروراً بمدينة غزة وضواحيها وصولاً إلى وادي غزة وسط القطاع، لم تكُف آلة الإعلام الصهيوني بكل أبواقها المساندة لآلتها العسكرية الجوية والبرية والبحرية عن بث ادعاءات لا مكان لها من الصحة على أرض الواقع، وهو ما يتعلق بالمناطق الإنسانية، والتي سبق وأطلق عليها "مناطق آمنة" فهي عكس ذلك تماماً فليست هي بالآمنة وليست هي بالإنسانية.

فقد كَذَب الاحتلال وصدق كذبته هو والكثيرون من داعميه بأن المناطق التي حددها لنزوح الغزيين هي مناطق إنسانية، حيث أن المصطلح نفسه وحده كفيل بنفي معناه، فالمناطق الإنسانية وفق القانون الدولي تخضع لمواصفات لا يتوفر منها شيء في المناطق المُعلنة إسرائيلياً على أنها إنسانية.

وبتعريف سهل ومُبسط للمناطق الإنسانية، أو المناطق الآمنة، فهي مناطق يتم إقامتها لحماية المدنيين خلال الحروب وفقًا للقانون الدولي الإنساني، تُحدد هذه المناطق بطرق مختلفة لتوفير حماية خاصة للسكان المدنيين المعرضين للخطر، وتُمنع فيها الأعمال العدائية.

إن هذه المناطق تنقسم إلى ثلاث مناطق، أولها المناطق غير المحمية والتي يُمنع فيها القتال لحماية المدنيين والممتلكات المدنية، وثانيها المناطق المحايدة التي تُستخدم لإيواء الجرحى والمرضى، وثالثها المناطق الآمنة التي تُنشأ بقرار من مجلس الأمن لتوفير حماية دولية للمدنيين.

وبالنظر إلى المسميات الثلاثة، فإن الشعب الفلسطيني في غزة يُقيم في مناطق لا تشملها القوانين الدولية وهذا بحد ذاته خرق للقانون الدولي الذي لم يحم الشعب الفلسطيني في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها.

إن 90% من المناطق التي يُطلق عليها الاحتلال مصطلح "إنساني" لا تتوفر فيها البنية التحتية، فهي عبارة عن كُثبان رملية بمساحات كانت واسعة قبل النزوح، وتقلصت إلى 10% بعد تكرار قرارات الإخلاء لمختلف المناطق، وبالتالي فهي لا تتمتع ببنية تحية سواء شوارع مُعبدة أو شبكات مياه نظيفة سواء للشرب أو لاستخدامات أخرى، ولا توجد شبكة صرف صحي، فهي مجرد قطعة أرض جرداء .

إن هذه الأرض الجرداء التي أُطلق عليها زوراً وبُهتاناً "مناطق إنسانية" وهي لا تمت للإنسانية بأي صلة، فمقومات الحياة الإنسانية فيها معدومة تماماً، فلم يقم الاحتلال وأعوانه وداعميه كقوة احتلال متجددة في المنطقة بتجهيزها بالحد الأدنى من المقومات الإنسانية، هي فقط أعلنت عنها ودعت المواطنين للتوجه إليها والإقامة فيها بعدما قامت باجتياح خانيونس والمكوث فيها قرابة الأشهر الأربعة، ومن ثم توجهت إلى رفح ولا زالت تتواجد فيها منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، حيث أعدمت كل مقومات الحياة في المينتين الأكبر في المنطقة الجنوبية لقطاع غزة.

ومع اقتراب نهاية الشهر الحادي عشر من حرب الإبادة الجماعية التي تقترفها العصابات الصهيونية وقرب دخولها إلى الشهر الأخير من العام، تزداد الأوضاع الإنسانية سوء ويزداد السوء ليطال كل مناحي الحياة، حيث تحول قطاع غزة الأكثر كثافة سكانية في العالم قبل وأثناء وبعد الحرب، تحول إلى أشبه بمقبرة للأحياء، دُفن في خيامها وما تبقى من منازل لم تصل إليها آلة الدمار الصهيونية بعد.

إن ما يُطلق عليه زوراً وبهتاناً بالمنطقة الإنسانية، أصبحت عبارة عن مَكَب للإنسانية إلى جوار مكبات النفايات المنتشرة بين مكان سكن البشر، والتي هي أزمة في ظل أزمات كثيرة، فلم تعد هذه المنطقة بكل ما ينقصها من مقومات، لم تعد قابلة للحياة الطبيعية.

فقد تم تجريد الإنسان الفلسطيني في غزة من كل مقومات إنسانيته، فهو يسكن ويعيش ويأكل وينام ويتنفس في خيمة تحولت إلى خرقة بالية مع مرور الزمن بفعل عوامل التعرية صيفاً وشتاء، يعيشون بأقل من الحد الأدنى للإنسانية، فلا المكان يتسع للجلوس ولا للنوم ولا لأي وضعية من الممكن أن تضُيف لحياة النازح الفلسطيني شيء إيجابي في ظل هذا الكم الكبير من المنغصات.

اخبار ذات صلة