واشنطن- غزة/ نور الدين جبر:
قال الباحث في الشأن الأمريكي وشؤون الشرق الأوسط توفيق طعمة، إن الولايات المتحدة تتماهى مع دولة الاحتلال في المفاوضات المتعثرة لوقف إطلاق النار على قطاع غزة، واصفاً إياها بـ "العبثية"، وأكد في الوقت ذاته أن المُعطل لها هو رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ورأى طعمة خلال اتصال هاتفي مع موقع "فلسطين أون لاين"، أنه لا يوجد في الوقت الراهن مفاوضات حقيقية، إنما هي "متعثرة" لأن أحد أطرافها وهي حركة حماس شبه مغيّبة كونها ترفض الجلوس على طاولة المفاوضات بسبب التعديلات الأخيرة التي وضعها نتنياهو على المقترح الأمريكي الذي أقرّه مجلس الأمن ووافقت هي عليه.
وأكد أن الشروط الجديدة "التعجيزية" التي وضعها نتنياهو لا يُمكن لحماس والمقاومة الفلسطينية القبول بها، مضيفاً "نتنياهو لا يريد صفقة أو وقف لإطلاق النار ويضع العراقيل أمام أي مقترح جديد".
ووفق طعمة، فإن ما يجري في القاهرة حالياً هي أن الأطراف -مصر وإسرائيل- يفاوضون أنفسهم في ظل غياب حماس عن هذه المفاوضات.
يُذكر أن جهود الوسطاء في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار على مدار أكثر من 11 جولة تفاوض بسبب الشروط التي يضعها نتنياهو في كل مرّة آخرها تتعلق بالبقاء في محوري "نتساريم" و"فيلادلفيا"، رغم موافقة المقاومة الفلسطينية على الرؤية التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو/ تموز الماضي.
نتنياهو المُعطل
وشدد الباحث بالشأن الأمريكي على أن "نتنياهو هو المعطل لاتفاق وقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل، إذ يسعى لاستمرار العدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة إلى ما لا نهاية لتحقيق مصالحه الشخصية".
ويعتقد أنه "لو أوقف نتنياهو الحرب سيكون هناك تحقيقات عن اخفاقه في السابع من أكتوبر وفشل جيشه والمؤسسة الأمنية والعسكرية وعدم تحقيق أي أهداف من أهداف الحرب المستمرة لأكثر من 11 شهراً".
ووفق رأيه، فإن نتنياهو يواجه تهم بالفساد ستودي به إلى السجن، لذلك هو "يصارع حياته السياسية ويتهرب من كل هذه الاستحقاقات عبر استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة".
كما رأى أن نتنياهو والقادة المتطرفين في حكومته لا يُمانعون حرباً إقليمية.
تواطؤ أمريكي
ومنذ انطلاق جولات المفاوضات بات واضحاً الانحياز الأمريكي الأعمى لدولة الاحتلال، وفق طُعمة وآخرها جولة وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن إلى المنطقة، حيث كان من بين تصريحاته "أن الولايات المتحدة لا تقبل أي احتلال إسرائيلي طويل الأمد لقطاع غزة"، وهو ما فندّه طُعمة أيضاً.
وقال: "إن الموقف الأمريكي كان يعارض أي تواجد عسكري في قطاع غزة عند بداية الانتفاضة قبل قرابة 5 أشهر، ويؤيد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وعدم وجود أي منطقة عازلة في غزة".
واستدرك "الموقف الأمريكي تغيّر مع تغيّر المقترح الأمريكي المُعدل الذي عدّله نتنياهو ووافقت عليه الإدارة الامريكية، والذي يتضمن إضافات تعجيزية للمقاومة من الصعب القبول فيها أبرزها التواجد العسكري على محوري نتساريم وفيلادلفيا وغيرها".
وأضاف طعمة أن "الولايات المتحدة تتماهى وتتواطأ مع دولة الاحتلال في كل ما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار".
ورأى أن (إسرائيل) والإدارة الأمريكية يحاولان ايهام العالم أن محور "فيلادلفيا" هو المشكلة الكبيرة في ملف المفاوضات، لكن هناك قضايا لا تقل أهمية عن ذلك مثل الانسحاب الكامل من القطاع، معتبراً ذلك ضمن "محاولات نتنياهو إطالة امد الحرب".
وبيّن أن بلينكن خلال زيارته الأخيرة للمنطقة كان يتحدث نيابة عن الاحتلال، مشدداً على أن "الدور الأمريكي سلبي ومتماهي ومتخاذل مع الاحتلال".
وعن المكالمة الأخيرة بين بايدن ونتنياهو، رأى طعمة أن الأول يريد إظهار نوع من المرونة في قبول المقترح المعدل الذي ترفضه المقاومة في غزة.
وأوضح أن بايدن يحاول من خلال مكالمته إيهام المجتمع الأمريكي والناخبين أنه يريد السلام ووقف اطلاق النار لكن حقيقة الأمر عكس ذلك على الإطلاق، إذ أعطى نتنياهو الضوء الأخضر باستمرار العدوان على قطاع غزة.
وقال: "بايدن أصبح شخصية ضعيفة، حيث سينتهي دوره السياسي خلال الأسابيع القادمة وإلى الأبد، لذلك أصبحت الإدارة الأمريكية عاجزة عن فعل أي شيء سوى الدفاع عن (إسرائيل) وتزويدها بجميع أنواع الأسلحة".
عوامل مشجعة
واستعرض الباحث بالشأن الأمريكي، العوامل التي شجّعت الاحتلال على الاستمرار بحرب الإبادة ضد قطاع غزة، منها العقلية الصهيونية المتطرفة القائمة على تهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48.
ورأى أن التواطؤ الأمريكي والدولي شجعا (إسرائيل) على مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بغزة.
كما عدّ الصمت العربي على جرائم الاحتلال في غزة أحد العوامل المشجعة، واصفاً الدور العربي بـ "المتخاذل"، خاصة الدول المُطبعة مع الاحتلال. معتبراً أن الانقسام الفلسطيني ساهم في تمادي (إسرائيل) في عدوانها على غزة.
وأخيراً استبعد طعمة أي انفراجة في المستقبل القريب بشأن التواصل لاتفاق وقف إطلاق النار في ظل تعنت نتنياهو ووضع العراقيل أمام أي مقترح يتم تقديمه.