قائمة الموقع

"يتجوَّلون في ممرَّات المستشفيات وحيدين".. تقرير يرصد شهادات أطبَّاء حول مصير الأطفال الأيتام بغزَّة

2024-08-22T16:53:00+03:00
"يتركون يتجوَّلون في ممرَّات المستشفيات وحيدين".. تقرير يرصد شهادات أطبَّاء حول مصير الأطفال الأيتام بغزَّة

رصد تقريرأعدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأطفال الأيتام الوحيدون في غزة ممن قتل والديهم أو اعتقلوا في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها الحادي عشر وخلفت أكثر من 120 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وفقاً لأرقام وزارة الصحة.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، قدّر خبراء أمميون أن ما لا يقل عن 19 ألف طفل يعيشون الآن منفصلين عن والديهم في قطاع غزة، سواء مع أقاربهم، أو مع مقدمي الرعاية الآخرين، أو بمفردهم.

التقرير الذي اعتمد علي خبراء استخدموا أسلوب إحصائي مستمد من تحليل الحروب الأخرى، أشار إلى أن الرقم الحقيقي لهؤلاء الأطفال الأيتام ربما يكون أعلى من ذلك.

فالحروب الأخرى لم تشمل هذا القدر من القصف والنزوح في مثل هذا المكان الصغير المزدحم، الذي يضم عدداً كبيراً من السكان من الأطفال، بحسب ما ذكره جوناثان كريكس، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للطفولة.

ففي خان يونس، أقيم مخيم يديره متطوعون لإيواء أكثر من ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما. وهناك قسم مخصص للأطفال "الناجين الوحيدين"، وهم الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، باستثناء أحد أشقائهم.

وبحسب التقرير، كانت 41% من الأسر التي استطلعت وكالة الأمم المتحدة للطفولة آراءها في غزة ترعى أطفالاً ليسوا من أطفالها في شهر أبريل/نيسان الماضي.

وقال التقرير:"إن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم، وتحرم الآباء من أطفالهم، وتقوض النظام الطبيعي للحياة، وتدمر الوحدة الأساسية للحياة في غزة. كما تتسبب في خلق أعداد هائلة من الأيتام وسط حالة من الفوضى التي لا تستطيع أي وكالة أو مجموعة إغاثة إحصاءها".

ونقل التقرير عن طواقم طبية قولها إن الأطفال يُترَكون يتجولون في ممرات المستشفيات بعد نقلهم إلى هناك وهم ملطخون بالدماء وحيدين. كما تأوي وحدات حديثي الولادة أطفالاً لم يأت أحد ليطالب بهم.

وكانت طبيبة أطفال أمريكية عالجت مرضى في غزة أثناء الحرب قد نقلت شهادتها عن الأهوال التي شهدتها في القطاع إلى أنصار الحزب الديمقراطي خلال ندوة عقدت ضمن فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة شيكاغو.

وتناولت شهادة الطبيبة تانيا حاج حسن الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، وعانوا من إصابات بالغة، وغيرهم ممن تُرك الكثيرون منهم بلا أسر، حتى بات مصطلح "الطفل الجريح بلا أسرة على قيد الحياة" شائعاً، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وتحدثت تانيا عن صبي صغير جاء إلى غرفة الطوارئ بإصابات بالغة في نصف وجهه ورقبته بينما كان يقول لها إنه يتمنى لو مات هو أيضاً لأن كل من يحبهم في الجنة.

ونقل تقرير نيويورك تايمز عن الدكتورة ديبورا هارينجتون، طبيبة التوليد البريطانية التي تطوعت في غزة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قولها إن بعض الأطفال ولدوا أيتاماً بعد وفاة أمهاتهم الجريحات أثناء الولادة.

وفي كثير من الأحيان، ينفصل الأطفال عن آبائهم عندما تعتقل قوات الاحتلال والديهم، أو عندما يهرع الأطفال إلى المستشفيات بمفردهم وسط حالة الارتباك التي تخلفها الغارات الجوية.

وقال الأطباء إنهم عالجوا العديد من الأطفال الأيتام حديثاً، وكثير منهم من مبتوري الأطراف.

وقال الدكتور عرفان جالاريا، جراح التجميل من ولاية فرجينيا والذي تطوع في مستشفى غزة في فبراير/شباط: "لم يكن هناك أحد ليمسك بأيديهم، ولم يكن هناك أحد ليخفف عنهم" أثناء العمليات الجراحية المؤلمة.

وأشار التقرير إلى أنه رغم محاولة عمال الإغاثة البحث عن عائلات هؤلاء الأطفال الوحيدين، إلا أن انهيار الأنظمة الحكومية التي كان من الممكن أن تساعد في عمليات التتبع والبحث يعوق عمليات البحث في ظل انقطاع لأنظمة والاتصالات وأوامر الإخلاء المتواصلة التي تفرق العائلات.

"كانت أمي كل شيء بالنسبة لي" ..

حتى أن بعض الأطفال الصغار يعانون من صدمة شديدة لدرجة أنهم يصابون بالخرس ولا يستطيعون إعطاء أسمائهم، مما يجعل من مهمة الوصول إلى عائلاتهم أمراً مستحيلاً، وفقاً لجمعية قرى الأطفال، وهي منظمة مساعدات تدير داراً للأيتام في غزة.

 منة الله صلاح، 11 سنة، التي تتحدث باستمرار عن والديها. لقد تيتمت في ديسمبر/كانون الأول، وهي تقلد طريقة ضحك أمها، وغمزاتها، ومشيها. وهي ترتدي حذاء والدتها الرياضي وقميصها المفضل، رغم أنهما كبيران للغاية.

قالت: "كانت أمي كل شيء بالنسبة لي"، وبدأت الدموع تنهمر من عينيها، ولم تتمكن من الاستمرار.

ومن بين الأطفال الخدج الذين وصلوا إلى المستشفى الإماراتي في مدينة رفح الجنوبية في نوفمبر/تشرين الثاني طفلة تبلغ من العمر ثلاثة أسابيع ولم تكن أسرتها معروفة.

وذكرت أمل أبو ختلة، ممرضة حديثي الولادة في المستشفى، أن ملفها أفاد بأنها عُثر عليها بجوار مسجد في مدينة غزة بعد غارة جوية أسفرت عن قتل العشرات. وأطلق عليها الموظفون اسم "مجهول".

انزعجت أبو ختلة من قسوة هذا الاسم، فقررت أن تطلق عليها اسمًا مناسبًا: ملاك. اتصلت بالصحافيين في شمال غزة لمعرفة العائلات التي فقدت أفرادًا في غارة بالقرب من المكان الذي عُثر فيه على ملاك، ثم سألت المرضى الذين يحملون تلك الألقاب عن طفلة مفقودة. ولكن لم يحالفها الحظ.

وفي يناير/كانون الثاني، أخذت أبو ختلة "ملاك" إلى منزلها خوفاً عليها من تطور حالتها، حيث تجمع أفراد الأسرة وأصدقاؤها وتبرعوا لها بالملابس والحليب الصناعي والحفاضات.

يوفر المخيم المقام لدعم الأيتام بعض الوجبات والنقود مع كفاح الجميع من أجل البقاء في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية.

وحتى لو تمكنوا من الوصول إلى وقت السلم، فإن المأوى والمياه النظيفة والرعاية الصحية العقلية والجسدية ستكون موضع شك، ناهيك عن فرص تعليمهم ووظائفهم وزواجهم.

وقال محمود كلخ، وهو عامل في مجال الأعمال الخيرية ومؤسس مخيم الأيتام، إنه حتى بالنسبة للأطفال الذين لا يزال لديهم آباء وأمهات، فإن غزة بعد الحرب ستكون مكانًا صعبًا للنمو.

وأضاف "فماذا عن هؤلاء الأطفال الذين ليس لديهم مصدر دخل أو معيل بعد أن فقدوا آباءهم أو أمهاتهم؟".

اخبار ذات صلة