قائمة الموقع

حرب غزة لم تمحُ من أذهان الفلسطينيين ذكرى حرق الأقصى

2024-08-21T14:30:00+03:00

لم تفلح الحرب الإسرائيلية الدموية والمستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، بغسل ذاكرة الفلسطينيين لإحياء ذكرى حرق المسجد الأقصى. الذكرى التي خلدها التاريخ لتبقى ناقوسا يدق في أذهان أحرار العالم، لتذكرنا بالمخاطر التهويدية التي تحاول دولة الاحتلال فرضها على المدينة المقدسة. 

ودعت حركة المقاومة الإسلامية حماس جماهير شعبنا وأمتنا والأحرار في كل العالم إلى النفير العام والاحتشاد في كل الساحات، وجعل يوم الجمعة القادم 24 آب/ أغسطس يوماً حاشداً وفاعلاً للانتصار والدّفاع عن غزَّة والقدس والمسجد الأقصى المبارك. 

أكدت حماس، في الذكرى الخامسة والخمسين لجريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك، أن طوفان الأقصى وحّد شعبنا ورسّخ بوصلتنا نحو تحرير الأرض والمقدسات، ولا شرعية ولا سيادة للاحتلال على شبر من المسجد الأقصى المبارك. 

وقالت: "سيبقى شعبنا العظيم مع مقاومته الباسلة في قطاع غزَّة والضفة والقدس والداخل المحتل وفي مخيمات اللجوء والشتات متمسكاً بأرضه وحقوقه وثوابته، وسيظلّ درعاً حصيناً للدفاع عن الأرض والذّود عن المقدسات حتى التحرير والعودة". 

وفي ٢٣ أغسطس عام ١٩٦٩، قام المتطرف الإسرائيلي "دينس مايكل" بإشعال النار في الجامع القبْلي في المسجد الأقصى المبارك ما أدى إلى حرق أجزاءً مهمة منه، ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة الراهنة، وتسير مخططات الاحتلال ضد المسجد الأقصى بشكل خاص والقدس المحتلة بشكل عام بوتيرة متصاعدة بهدف تحقيق حلم "القدس الكبرى" وإقامة "الهيكل المزعوم" على أنقاض الأقصى. 

وقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس في ذلك الوقت، بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد، كما تعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة للبلدية الإسرائيلية التأخير حتى تنال النيران من أكبر قدر ممكن من المعالم الإسلامية في المسجد الأقصى. 

وأهم الأجزاء التي طالها الحريق داخل مبنى المصلى القبْلي، منبر "صلاح الدين الأيوبي" ومسجد "عمر"، ومحراب "زكريا"، ومقام الأربعين وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق. 

كما امتد الحريق ليطال عمودين رئيسين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، وكذلك القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها، والمحراب الرخامي الملون، والجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها. 

وطال الحريق المدبر أيضا ثمان وأربعين نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجبص لمنع دخول الأشعة المباشر إلى داخل المسجد، وجميع السجّاد العجمي. 

كما طال الحريق مطلع سورة الإسراء المصنوعة من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترًا إلى الجهة الشرقية، وكذلك الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة. 

اليوم وبعد مضي 55 عاماً، لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخطط منظم ومدروس، من أجل ترسيخ فكرة تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً بين اليهود والمسلمين بل والسيطرة عليه بالكامل، من خلال دفع جماعات المستوطنين المتطرفة لاقتحام المسجد صباح كل يوم بحماية جيش الاحتلال، بهدف استفزاز مشاعر المسلمين وفرض واقع الاقتحام والتقسيم. 

مرحلة التأسيس 

ويقول الباحث والمختص في شؤون القدس عيسى زبون: "إن حرق المسجد الأقصى أسس لمرحلة تهويد القدس بعد أن كشف هذا الحادث الخطير مدى صمت العرب ونومهم العميق عما يجري في القدس، الأمر الذي شرع المخططات من بينها التهويد والاستيطان والاقتحامات والحفريات وغيرها". 

وأوضح زبون لـ"فلسطين أون لاين" أن حرمة الأقصى باتت مباحة بشكل كامل للاحتلال ولمستوطنيه، حيث تمارس بحقه أعمال الاستفزاز والتدنيس وتمارس في باحاته الرقص وشرب الخمر من قبل المستوطنين، فيما يواجه المقدسيون سياسة القمع الإسرائيلية المتبعة من أجل تقويض صمودهم ودفاعهم عن الأقصى. 

وأضاف: "كما يواجه الأقصى من أسفله حفريات إسرائيلية قديمة ومستمرة في الإنشاء، تهدف إلى إخلال أساساته وتقويضها، ما يزيد من فرصة هدم الأقصى تلقائياً وبشكل غير مباشر، من أجل إقامة الهيكل المزعوم". 

ومن جهة ثانية، تحدث زبون عن اعتداءات المستوطنين في القدس على المقدسيين وممتلكاتهم ومقدساتهم، ورأى أن في ذلك إشارة على ازدياد وتوسع سلطة المستوطنين على سلطة الاحتلال والتي بدورها بقدم لهم الدعم والحماية الكاملة من أجل تنفيذ مخططاتهم الإرهابية ضد أهدافاً فلسطينية.

وقال: "في سنوات كانت جرائم المستوطنين تتم بسرية تامة، خوفاً من ردة الفعل الفلسطينية وازدياد العمليات الفدائية ضد المستوطنين، ولكن اليوم تصاعدت هذه العمليات لتصبح منظمة وممولة ومحمية من الجيش الصهيوني نفسه، بسبب عدم إطلاق يد المقاومة في الضفة والقدس وقمعها من قبل السلطة الفلسطينية". 

وبيّن زبون أن كافة ما يجري في القدس هدفه الرئيس هو زيادة مستوى الخناق على المقدسيين، الأمر الذي يساهم في تهجير الفلسطينيين من المدينة المقدسة، وإضفاء الصبغة اليهودية عليها، وتحقيق حلم "القدس اليهودية الكبرى".

تهويد واستيطان 

من ناحيته، ذكر الخبير المقدسي حسن خاطر، أوجه أخرى لسياسة الاحتلال الإسرائيلي في ضم القدس وفصلها عن الضفة الغربية، من بينها زيادة الاستيطان، ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وإقامة الحدائق التوراتية والمشاريع اليهودية كالكنس والمقابر اليهودية. 

وقال خاطر لـ"فلسطين أون لاين": "أشكال التهويد في القدس لا يمكن حصرها، فهي ذات أشكال مختلفة ومتعددة وجميعها تهدف لإنهاء الوجود الفلسطيني في القدس، وإحلال المستوطنين مكانهم، وتحويل القدس إلى مدينة يهودية بامتياز". 

وأوضح الباحث في مجال الاستيطان أن سلطات الاحتلال سعت منذ احتلال القدس عام 1967، إلى سلخها عن الضفة الغربية وضمها إلى (إسرائيل)، وتهجير الفلسطينيين منها عبر سياسة شراء البيوت ومصادرتها والتهويد المستمر.  

وبين أن بناء المستوطنات هي تأكيداً للتصريحات الأخيرة من قبل قادة الاحتلال الإسرائيلي، بأن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لـ(إسرائيل)، مضيفاً "الاحتلال يسعى إلى خلق واقع جديد في مدينة القدس المحتلة، بالإضافة إلى تغيير الواقع الديموغرافي للمدينة".  

وأكد خاطر أن (إسرائيل) تستمر في مصادرة أراضي القدس من أجل توسيع المستوطنات وربطها ببعضها البعض، لتشكل جداراً استيطانياً يهدف إلى فصل غرب الضفة عن شرقها.  

ودعا خاطر دول العالم العربي والإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي الى التدخل العاجل لإنقاذ أولى القبلتين من خطر التهويد والاستباحة لساحاته الطاهرة.

اخبار ذات صلة