قائمة الموقع

حكاية أب فلسطينيّ تجسَّد مآسي "الإبادة الجماعيَّة" في غزَّة

2024-08-15T20:21:00+03:00
حكاية أب فلسطيني تجسد مآسي "الإبادة الجماعية" في غزّة

خانيونس/ تامر قشطة: 

في ظل صرخات الحر ب وانفجاراتها التي تملأ سماء قطاع غزة، تبرز قصة محمد أبو القمصان كرمز للألم والخسارة الإنسانية. 

محمد البالغ من العمر (33 عامًا)، يعيش حاليًا في صراع مرير مع الذكريات التي تتناثر كحطام بين أنقاض الحياة.

تزوج الأب المكلوم من زوجته، الدكتورة جمانة عرفات أبو القمصان، في يوليو/ تموز 2023. وكانا يخططان للسفر خارج غزة حيث يعمل الزوج في إحدى دول الخليج لكن اندلاع الحرب وإغلاق معبر رفح حال دون مغادرتهم القطاع. 

بعد اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع بأيام، نزح محمد وجمانة من مدينة غزة إلى رفح في جنوب القطاع، بناءً على مزاعم جيش الاحتلال بأنها مناطق أمنة. 

ورغم الأوضاع المأساوية، كانا يأملان في أن يقيما في منطقة أكثر أمانًا، ولكن قسوة الحرب لم تسمح لهما بذلك، لكنهما تمسكا بشغف الحياة بعدما أظهرت التحليل الطبية حمل الزوجة بتوءم في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. 

عشية اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح في السادس من مايو/ أيار الماضي، نزح الزوجان إلى مواصي خانيونس لأيام، ثم قررا الانتقال لصعوبة الحياة في الخيمة إلى دير البلح في وسط القطاع، حيث استأجرا شقة في الطابق الخامس في أحد أبراج القسطل التي تبعد عن الحدود الفاصلة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 198 حوالي 3 كيلو متر. 

في العاشر من الشهر الجاري، وُلد التوأم آسر وآيسل، لكن فرحة الوالدين لم تدم طويلاً. بعد ثلاثة أيام فقط، سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية على الشقة التي كانت تعيش فيها العائلة. 

كانت جمانة في غرفتها، حيث كانت تحتاج إلى الراحة بعد الولادة، وتعرضت هي والأطفال لقصف مدفعي إسرائيلي أدى إلى استشهادهم. كما استشهدت حماتها، ريم جمال البطراوي، (49 عامًا).

كان الزوج محمد أبو القمصان خارج المنزل يحاول الحصول على شهادات ميلاد أطفاله من مستشفى شهداء الأقصى. 

خلال تواجده في المستشفى، تلقى محمد اتصالاً من أحد الجيران يخبره عن قصف الشقة. هرع إلى ثلاجة الموتى، لكن أقاربه منعوه من رؤيته أجسادهم الممزقة، ولم يستطع سوى أن يحتضن كيس أبيض كان بداخله زوجته وتوأمة لبضع لحظات.

ووفقًا لإحصاءات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 2100 طفل رضيع فلسطيني ممن تقل أعمارهم عن عامين، ضمن نحو 17 ألف طفل قتلهم في قطاع غزة منذ بداية جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها (إسرائيل) منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.

ويقول الأورومتوسطي في تقرير له أصدره أخيرًا إن عدد الأطفال الفلسطينيين، سواء الأطفال الرُضع أو الأطفال عمومًا، الذين قتلهم جيش الاحتلال مفزع وغير مسبوق في التاريخ الحديث للحروب، كما يعبر عن نمط خطير وقائم على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين في قطاع غزة باستهدافهم وأطفالهم على نحو متعمد ومنهجي وواسع النطاق دون توقف منذ عشرة أشهر، وبأكثر الطرق وحشية وأشدها فظاعة.

محمد، الذي تزوج متأخرًا بسبب دراسته الجامعية، يعيش اليوم في خيمة بمواصي خان يونس مع شقيقته وأطفالها مع ألم لا يمكن وصفه، إذ تستمر معاناته كرمز للإنسانية في أوقات الحرب، حيث تظل القصص الفردية جزءًا مهمًا من الصورة الكبرى لمآسي حرب الإبادة الجماعية الأقسى في القرن الواحد والعشرين وفق ما وصفها مسؤولون في الأمم المتحدة.

اخبار ذات صلة