يتجول المواطن خالد داوود (52 عاماً) بين "بسطات" سوق الشيخ رضوان وسط مدينة غزة بحثاً عن بعض الخضروات والفواكه ليسد بها رمق أفراد عائلته التي لم تدخل بيتهم منذ عدة شهور لكن "بلا فائدة".
ومنذ عدة أيام لم ينقطع "داوود" عن التوجه إلى السوق أملاً في شراء بعض الخضروات والفواكه، خاصة بعد توارد أخبار عدّة تفيد بالسماح لإدخالها إلى سكان محافظتي غزة والشمال، كونها لم تطرق أبواب ساكنيها منذ أكثر من 7 شهور متواصلة.
ويقول داوود لمراسل "فلسطين أون لاين" الذي تجوّل في سوق الشيخ رضوان "المؤقت": "نسمع منذ أيام أن الاحتلال سيسمح بإدخال الخضروات والفواكه إلى مناطق شمال غزة، لذلك أتوجه إلى السوق أملاً الحصول عليها لسد رمق العائلة".
ويضيف داوود الذي يُعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، "أصبح الحصول على الخضروات والفواكه أشبه بحلم صعب المنال في مناطق شمال قطاع غزة، خاصة أننا اعتدنا على فقدانها منذ إطباق الاحتلال حصاره على مناطق الشمال في نهاية شهر أكتوبر".
تزداد الغصّة في قلب "داوود" حين يعود من السوق بـ "خُفي حُنين"، حينها لا يملك إجابة لأطفاله الذين ينتظرون عودته من السوق بعد جولة تستمر عدة ساعات "دون جدوى".
ويتساءل بحرقة "لماذا هذا العقاب والحرمان من الخضروات والفواكه لسكان شمال غزة، خاصة أن الجسم يحتاج لها بشدة؟ ألا يكفي القصف والقتل والتهجير والدمار للسكان مرات عديدة؟".
ويستصرخ "داوود" كل الضمائر الحية في العالم بضرورة التدخل والضغط على الاحتلال الإسرائيلي للتراجع عن سياسات العقاب الجماعي التي ينتهجها بحق سكان شمال قطاع غزة، والسماح بإدخال المواد الغذائية والخضروات والفواكه والأدوية وغيرها من السلع الأساسية.
الشاب فادي جمعة (36 عاماً) كان يوزع نظراته نحو "بسطات" السوق ذاته علّ إحداها تلتقط "حبات من الخيار والطماطم وأصناف أخرى من الخضروات مفقودة، لكن "دون أي نتيجة".
حالة من خيبة الأمل سيطرت على الشاب "جمعة" الذي لم يستطيع تلبية ذاك الطلب الذي يردده على أسماعه طفليه يومياً بالإضافة إلى أصناف من الفواكه، فيقول: "منذ أشهر لم أستطع شراء أي صنف من الخضروات لأطفالي".
ويؤكد أن منع ادخال أصناف الخضروات والفواكه انعكس سلباً على صحة طفليه وأدى إلى نقصان أوزانهم، الأمر الذي يزيد مخاوفه على حياتهم في ظل استمرار هذا الحال.
ويأمل "جمعة" بتحقيق حلم عائلته بالحصول على أصناف البندورة والبطاطا والخيار وغيرها التي حُرمت منها منذ شهور طويلة في خضم استمرار العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وأدى منع الاحتلال إدخال السلع الأساسية والخضروات والفواكه إلى مناطق شمال قطاع غزة إلى تفشي شبح المجاعة بين السكان ما تتسبب بأمراض عديدة أبرزها سوء التغذية التي أصابت آلاف الأطفال، وأسفرت عن وفاة أكثر من 30 طفلاً.
وعلى ضوء إغلاق الاحتلال للمعابر ومنع إدخال السلع الأساسية والخضروات بات سكان شمال قطاع غزة يعتمدون على تناول المُعلبات كوجبات رئيسية والتي تشهد أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها.
لم يختلف الحال كثيراً لدى المواطن أشرف عايش (46 عاماً) الذي نزح إلى مخيم جباليا شمالي القطاع بعدم أصبح بيته الكائن في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة غير صالح للسكن جراء الأضرار التي لحقت به من القصف الإسرائيلي.
ويرتاد "عايش" سوق معسكر جباليا يومياً أملاً في الحصول على بعض الخضروات والفواكه التي لطالما يطلبها منه أفراد أسرته البالغ عددها سبعة بينهم أربعة أطفال.
ويقول لموقع "فلسطين أون لاين": "لم تدخل الخضروات والفواكه إلى بيتي منذ أكثر من 7 أشهر، حيث بات الحصول عليها أمراً شبه مستحيلاً"، مشيراً إلى ارتفاع أسعار بعض الأصناف القليلة الموجودة في الأسواق.
ووفق عايش، فإن إحدى "البسطات" يتوفر لديها بعض حبات الباذنجان، حيث يبلغ تكلفة الكيلو الواحد منه أكثر من 50 شيكلاً ما يعادل (15 دولاراً)، وهو ما وصفه بـ "السعر الخيالي" ولا يستطيع شرائه بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها.
ويأمل عايش، أن يتم السماح بإدخال الخضروات والفواكه في الوقت الراهن، في سبيل الحفاظ على صحة السكان لا سيّما الأطفال الذين بات معظمهم يعاني من سوء التغذية بفعل شح السلع الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات وغيرها.
وتواصل قوات الاحتلال إغلاق معبر "كرم أبو سالم" منذ بدء اجتياحها لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة في السابع من شهر مايو/ أيار الماضي، حيث تتمركز دباباتها وآلياتها العسكرية أمام المعبر، في حين أنها تواصل توغلها من المناطق الشرقية إلى الغربية في رفح، كما تواصل إغلاق حاجز بيت حانون "إيرز" شمال القطاع.