توقعت دراسة أجرتها مجلة "فورين أفيرز" الأميركية مستقبل مظلم ينتظر "إسرائيل"، بعد الحرب على قطاع غزة، عنوانه التمرد "اليميني" وعزلة دوليَّة قد تصل إلى "خسارة للحلفاء".
وقالت المجلة الأمريكية، إنّ الهجوم الذي شنّته المقاومة الفلسطينية في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023، "ضرب إسرائيل في وقت كانت الأخيرة تعيش حالةً من عدم الاستقرار الداخلي الهائل".
وأشارت "فورين أفيرز"، إلى دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وحلفائه من "اليمين المتطرف"، نحو مشروع قانون التعديلات القضائية، بهدف الحد بشكل كبير من إشراف المحكمة العليا على الحكومة.
وأثارت التعديلات القضائية التي اقترحها نتنياهو احتجاجاتٍ ضخمةً في "إسرائيل"، على نحو كشف عن "مجتمع منقسم بعمق" فيها، كما أوردت المجلة.
واليوم، فقد أدت الحرب على قطاع غزة إلى "تكثيف الانقسامات السياسية داخل إسرائيل"، بحسب المجلة، التي أكدت أنّ "إسرائيل تمضي في مسار غير مستدام، من المرجح أن يؤدي إلى هروب رأس المال وهجرة الأدمغة وتعميق التوترات الداخلية".
دولة عاجزة
وقال التقرير: "إن الحرب في غزة، حيث قُتلت القوات الإسرائيلية نحو 40,000 شخص، وفقاً لتقديرات متحفظة، كشفت عن دولة تبدو عاجزة أو غير راغبة في دعم الرؤية الطموحة التي تضمنها إعلان الاستقلال".
واعتبر التقرير أن "إسرائيل"، في مسارها الحالي، تنحرف نحو اتجاه غير ليبرالي إلى حد كبير. ذلك أن التحول اليمينيّ المتطرف الذي تشهده إسرائيل حالياً، والذي يتبناه الساسة فضلاً عن العديد من ناخبيهم، قد يؤدي إلى تحول إسرائيل إلى نوع من الدولة الدينية القومية العرقية، التي يديرها مجلس قضائي وتشريعي يهودي ومتطرفون دينيون من اليمين.
واستعرض التقرير عدداً من السياسيين القوميين المتشددين الذين يدعون صراحة إلى دولة يلعب فيها الدين دوراً كبيراً ومن بينهم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وأفي ماعوز، وهم جميعاً لاعبون رئيسيون في حكومة نتنياهو الائتلافية.
ووصف التقرير هذه الشخصيات بأنها تمثل شريحة جديدة نسبياً ولكنها تحظى بنفوذ متزايد.
وقال التقرير إن "إسرائيل" التي يهيمن عليها اليمين المتطرف قد أصبحت بالفعل معزولة على نحو متزايد على المستوى الدولي، وتسعى العديد من المنظمات الدولية إلى اتخاذ تدابير قانونية ودبلوماسية عقابية ضدها.
لقد وجهت قضية الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية ورأيها الأخير بشأن عدم شرعية الاحتلال، وطلبات المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، والعديد من المزاعم ذات المصداقية بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، ضربة قوية لمكانة إسرائيل العالمية.
وحتى مع دعم الحلفاء الرئيسيين، فإن التأثير التراكمي للرأي العام السلبي، والتحديات القانونية، والتوبيخ الدبلوماسي من شأنه أن يعمل على تهميش إسرائيل بشكل متزايد على الساحة العالمية.
ومع أن التقرير توقع أن إسرائيل غير الليبرالية سوف تظل تتلقى الدعم الاقتصادي من عدد قليل من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلا أنه أشار إلى أنها سوف تكون معزولة سياسياً ودبلوماسياً عن معظم بقية المجتمع العالمي، بما في ذلك أغلب بلدان مجموعة الدول السبع. وسوف تتوقف هذه البلدان عن التنسيق مع إسرائيل في المسائل الأمنية، وعن المضي قدماً في عقد اتفاقيات تجارية مع إسرائيل، وشراء الأسلحة.
ومن المرجح أن ينتهي الأمر بإسرائيل إلى الاعتماد كلياً على الولايات المتحدة وتصبح عُرضة للتحولات في المشهد السياسي الأمريكي في وقت يتساءل فيه عدد متزايد من الأمريكيين عن دعم بلادهم غير المشروط للدولة اليهودية.
حرب أهلية
وإذا ما تمكن نتنياهو وحلفاؤه من تحقيق أهدافهم، فإن الديمقراطية الإسرائيلية سوف تصبح جوفاء وإجرائية، مع تآكل الضوابط والتوازنات الليبرالية التقليدية بسرعة. وهذا من شأنه أن يضع البلاد على مسار غير مستدام من المرجح أن يؤدي إلى هروب رأس المال وهجرة الأدمغة وتعميق التوترات الداخلية.
ومع تزايد الاستبداد في إسرائيل، فإن هذا التحول غير الليبرالي لن يخفي الانقسامات المتنامية داخل المجتمع الإسرائيلي. وسوف تفقد الدولة بشكل متزايد احتكارها للاستخدام المشروع للقوة، وقد تشتعل الانقسامات إلى حد الحرب الأهلية، وفق التقرير.
ورسم التقرير صورة قاتمة لما قد تبدو عليه إسرائيل التي قد تتحول إلى نوع من الكيان المقسم إلى أجزاء حيث تعمل العناصر اليمينية الدينية والقومية على بناء دولتها الفعلية، على الأرجح في مستوطنات الضفة الغربية. أو قد تشهد تمرداً للمتطرفين الدينيين والقوميين المتطرفين من شأنه أن يقسم إسرائيل في حرب أهلية عنيفة بين جناح اليمين الديني المسلح وأجهزة الدولة القائمة.
وقال التقرير إنه حتى مع عدم اندلاع الحرب الأهلية، فإن هذا الوضع سوف يظل غير مستقر، وسوف ينهار الاقتصاد، وتصبح إسرائيل دولة فاشلة.
وفي حين أنّ "إسرائيل ستكون معزولةً سياسيةً ودبلوماسياً عن معظم بقية المجتمع الدولي، بما في ذلك معظم بلدان مجموعة الدول السبع"، وفقاً لما رأته المجلة، فإنّها ستظل تتلقى الدعم الاقتصادي "من عدد قليل من البلدان، بينها الولايات المتحدة".