فلسطين أون لاين

"مذبحة الفجر" تُبقي "أمينة" وحيدة دون زوج أو ابن

...
غزة/ خاص فلسطين أون لاين

على مقربة من مكان ارتقاء نجلها "برهام" وزوجها "زياد" وسلفها "إيهاب" –شقيق زوجها- جلست أمينة الجعبري، شاردة الذهن تستذكر حديثهم معها قبل استشهادهم بساعات، قائلة: "وكأنهم كانوا على علم بدنو أجلهم فكانوا يوصوني بألا أحزن إن أصابهم مكروه".

لم تتمكن الجعبري، ليلة السبت الماضي، من النوم وهي تفكر بحديث ابنها وزوجها التي تغيرت ملامحهم، وبدت وجوههم مشرقة والابتسامة لا تفارقهم، ما جعلني أشعر بأن شيء سيحدث. 

وما هي إلا ساعات حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر فما أن تجمّع المصلون في مصلى مدرسة التابعين بحي الدرج شرقي مدينة غزة، وبدأ الإمام بقراءة سورة الفاتحة، حتى انهالت عليهم صواريخ الغدر الإسرائيلي ليرتقي على الفور 100 نازح ويصاب العشرات بجروح وصفت ما بين المتوسطة والخطيرة، وفق وزارة الصحة.

دمار هائل

وبحزن تقول الجعبري لمراسل "فلسطين أون لاين": ما أن تجمع المصلون لأداء صلاة الفجر حتى أطلقت طائرات الاحتلال ثلاثة صواريخ على المدرسة اثنين منها استهدف المصلين في الطابق الأرضي وآخر أطلق على الطابق الثالث ما أدى لارتقاء هذا العدد الكبير في صفوف النازحين.

وتضيف "أمينة": إنها هرعت من الطابق الثالث باتجاه الطابق الأرضي لتطمئن على زوجها وابنها، متجاوزة أكوام الحجارة والركام والغبار الذي ملأ المكان لتجد والدها التسعيني ملقى على باب المصلي والركام يغطي رجليه فبدأت بإزالة الركام عنه والتحدث معه لكنه كان فاقدًا للوعي فشاهدت زجاجة من المياه بالقرب منه لتبدأ بغسل وجهه ورأسه إلى أن استفاق من غيبوبته.

وتكمل الأربعينية "أمينة" وقد اغرورقت عينيها بالدموع: "دخلت إلى المصلى بعد أن تخطيت الركام بصعوبة لأجد عشرات الجثث المتراصة والتي ملأت أرض المصلى وإلى جانب تناثر في المكان والنار تلتهم عددًا منها.

لم تدر الجعبري، من أين تبدأ ، والقول لها، فأخذت تقلب الجثث وتنظر اليها إلى أن وصلت إلى جثة نجلها "برهام" وقد قطعت رجليه لتطلق صرخة قوية ملأت المكان "ابني" وتضمه إلى صدرها وقد فارق الحياة بعد أن مزقت صواريخ الاحتلال جسده، وإلى جانبه زوجها "زياد" وشقيقه "إيهاب" وقد تغيرت ملامحهم بفعل القصف الشديد والشظايا التي اخترقت أجسادهم فاختلطت دمائهم وأشلائهم ببعضها.

سرعان ما تمالكت الأم نفسها، وأخذت تساعد أقاربها ومعارفها في التعرف على أبنائهم والوصول إليهم لتجد أحدهم وقد غطي الركام جسده، وآخر بترت يديه، وقد فارق الحياة.

مركز إيواء

وتؤكد الجعبري أن جيش الاحتلال لا يفرق في حربة المستمرة على القطاع، بين كبير أو صغير فجميعهم في عين الاستهداف، فوالدها التسعيني أصيب برضوض في رجليه وبات غير قادرًا على السير عليهما، إلى جانب شكواه من ضعف في حاستي السمع والنظر بفعل قوه الانفجار الذي هز المكان.

واتخذ عدد من أفراد عائلة الجعبري، التي تقطن في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وفق قولهم، منذ تسعة أشهر، مدرسة التابعين، مكان للإيواء بعد أن دمر جيش الاحتلال منازلهم خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة، والذي بدأ في السابع من أكتوبر الماضي.

واستشهد أكثر من 100 نازح وأصيب عشرات آخرين، فجر السبت الماضي، في مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصفه لنازحين خلال تأديتهم صلاة الفجر في مدرسة التابعين بحي الدرج بمدينة غزة.

وباستهداف مدرسة "التابعين" يرتفع عدد مراكز الإيواء التي قصفها جيش الاحتلال في مدينة غزة، خلال أسبوع واحد 6 مدارس ما أدى لوقوع أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى.