قائمة الموقع

الشهيد "يوسف شويدح".. رحل دون وداع والدته وعائلته الأخير

2024-08-12T09:18:00+03:00

"والله ما ودّعت يوسف ولا عانقته لما استشهد"، تلك الكلمات الممزوجة بالقهر خرجت من حنجرة الحاجة نعيمة شويدح (65 عاماً) وقلبها يعتصر ألماً على فلذة كبدها "يوسف" الذي ارتقى شهيداً خلال المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي في "مدرسة التابعين" بحي الدرج شرقي مدينة غزة أمس.

كان الصمت يُخيم على عائلة الشهيد يوسف شويدح (42 عاماً) التي نزحت قبل عدة أشهر إلى كلية فلسطين التقنية في مدينة دير البلح في المحافظة الوسطى، في أعقاب سماعها عن ارتكاب الاحتلال مجزرة في مصلى مدرسة التابعين بمدينة غزة.

وبعد نزوح لعدة مرات استقر "يوسف" في منزل يقع بمحيط مدرسة التابعين بحي الدرج لوحده بعدما نزحت عائلته إلى دير البلح- والدته وزوجته وأولاده الستة- منذ أكثر من 9 أشهر، إذ لم ينقطع طيلة تلك الفترة عن أداء صلاة الفجر جماعة داخل مُصلى التابعين، لكن لم يدر بخلده أن سجدته يوم السبت ستكون الأخيرة.

خفق قلب الأم "نعيمة" وأسرعت دقاته على غير العادة، فقد ساورها شعور بأن نجلها "يوسف" من بين هؤلاء الشهداء كونها تعلم أنه يرتاد مُصلى "التابعين" يومياً لأداء صلاة الفجر، فاجتاح الخوف والقلق ذاكرتها وقلبها معاً.

كـ "سرعة البرق" أمسكت الحاجة "نعيمة" هاتفها المحمول تتفقد اتصال "يوسف" المعتاد لها مع دخول وقت صلاة الفجر فلم تجده، فازداد القلق في قلبها أكثر، فأخذت تبادر بالاتصال عليه مرّات عدة لكن "دون إجابة من يوسف" هذه المرّة، كما تروي لمراسل "فلسطين أون لاين" عبر سماعة الهاتف.

كانت الحاجة "نعيمة" تخفف من وطأة القلق التي سيّطرت عليها بوضع مبررات لعدم رد نجلها "يوسف" على مكالماتها بقولها "يمكن جواله صامت"، إلى أن تجاوزت عقارب الساعة العاشرة صباح السبت، إذ بهاتفها المحمول يرّن، فأمسكته ويديها ترتجفان من القلق، فيقول المُتصل "يوسف استشهد"، حسبما تقّص اللحظات الأولى لسماع نبأ استشهاد فلذة كبدها.

تقول بصوت حزين امتزجت معه الدموع: "كانت أكبر صدمة في حياتي هي استشهاد ابني يوسف".

لم تتمالك أعصابها وهي تحكي عبر سماعة الهاتف فانهارت بالبكاء وعاودت تردد "لو أني شوفته قبل ما يستشهد أو ودعته بعد ما استشهد"، تصمت قليلاً ثم تتنهد وتعاود الحديث "قلبي مثل النار لأنه يوسف استشهد وأنا بعيدة عنه".

 تحاملت الحاجة "نعيمة" على نفسها وبدت أكثر تماسكاً وأخذت تسرد مناقب نجلها وهي تقول "يوسف الله يرحمه كان حنون كثير وعزيز على قلبي وكل الناس تحبه، وطلب الشهادة ونالها والحمدلله (..) شهادته بتشرف وأنا افتخر أنه استشهد وهو ساجد".

ما يطفأ نار قلبها أن جثمان "يوسف" كاملاً وليس مقطعاً كما باقي شهداء المجزرة الذين تناثرت أشلاء أجسادهم في عدة أماكن، بعد أن التهمتها النيران إذ تحكي "هذه كرامة من الله أن بقي جثمانه كاملاً".

 تعود الوالدة المكلومة بذاكرتها المُنهكة إلى الوراء قليلاً وتستذكر آخر اتصال دار بينها وبين نجلها "يوسف" قبل استشهاده بيوم واحد، فيقول لها "ديري بالك على الأولاد يمّا وما تطلعي من عندهم".

وتتساءل "نعيمة" بُحرقة "لماذا كل هذه المجازر بحق شعبنا؟ هذا احتلال إسرائيلي مُجرم، والله بكفي واتعبنا كثير".

والشهيد يوسف شويدح هو واحد من شهداء المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق مصلين يؤدون صلاة الفجر بمدرسة التابعين في حي الدرج شرقي مدينة غزة وأدت لاستشهاد أكثر من 100 مواطناً حتى الآن، فيما لا يزال البحث متواصلاً عن انتشال جثامين لشهداء آخرين.

اخبار ذات صلة