"حل اللجنة الإدارية".. فزاعة المصالحة التي تغنت بها حركة "فتح" واعتبرتها سبباً في اتخاذ رئيس السلطة محمود عباس، جملة من الاجراءات العقابية بحق قطاع غزة وساكنيه، لتلقي الكرة في ملعب حركة حماس من خلال تحميلها مسؤولية ما حصل.
حركة "حماس" بدورها أعادت الكرة من جديد إلى ملعب الرئيس عباس وحركة فتح من خلال إعلانها فجر الأحد 17-9-2017 عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، داعية حكومة الحمد الله للقدوم إلى القطاع لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.
وبزوال الذرائع بدا من البديهي أن تزول "التراتبات" العقابية التي اتخذتها السلطة بحق قطاع غزة، إلا أن حركة فتح عادت بفكرة جديد، تقوم على ربط رفع الإجراءات العقابية عن القطاع، بتوصيات اللجان المختصة والحكومة، لتبدو حركة حماس وكأنها أمام اختبار فرضته حركة "فتح"، وستقيم نتائجه حركة "فتح" أيضاً، في ظل غياب فصائلي وغياب للراعي الأصيل للمصالحة الفلسطينية وهو جمهورية مصر العربية.
"فلسطين" التقت عددا من الفصائل الفلسطينية، لتقف على حقيقة هذه الزوبعة التي أثارتها حركة فتح في فنجان المصالحة، والتي أجمعت على رفضها "لتسويف" رفع عقوبات السلطة على غزة.
الشعب سيحكم
"بالرغم من استلام الحكومة لمهامها، إضافة إلى تسلمها معابر قطاع غزة (أمس)، إلا أنها لا تزال تربط رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، بتوصيات اللجان الحكومية، والتي قد تعيد قطار المصالحة إلى نقطة البداية، وهو ما لم ولن تسمح به حركة حماس" كما أكد لنا النائب عن كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية يحيى موسى.
وقال موسى في حديث لصحيفة "فلسطين":" ببساطة شديدة إن المصالحة تسير وفق ارادة شعبية خالصة والتاريخ سيذكر أن حماس وحدت الشعب الفلسطيني"، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يراقب سلوك حركة "فتح" والذي يبدو متثاقلاً ويسعى إلى خلق أعذار ووضع معوقات، على حد تعبيره.
وأضاف:" إن قطار المصالحة انطلق وعلى الجميع ألا يتخلف عنه ولن نقبل أن تستمر حالة الانقسام والتجاذبات وتعطيل مشروع تحرير فلسطين ومشروع إعادة بناء مؤسساته لأي اعتبارات فئوية أو حزبية أو مصالح شخصية ".
وبين موسى أن حركته لن تتوانى عن الدفع قدماً في سبيل إنجاح وإتمام المصالحة الفلسطينية، ملفتاً إلى أهمية دور راعي المصالحة – جمهورية مصر العربية- وضرورة أن تفعل اجراءاتها وخطواتها وحضورها المكثف في جميع خطوات المصالحة لضمان تطبيقه.
وعلق على تراجع حركة "فتح" عن رفع العقوبات حال حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، بقوله:" إن مصداقية حركة فتح أمام الجماهير على المحك، فالمواطن ينتظر منها قراراً مسؤولا يعبر عن الواجب الوطني ويعبر عن مسؤولية وطنية" .
وأوضح موسى أن حركة "فتح" ترفض الاعتراف بأن ما فرضته على قطاع غزة هي "عقوبات"، مشدداً على أن اتفاق القاهرة لم ينص في أي بند من بنوده على أي شرط لرفع العقوبات والتي كان رفعها بعد حل اللجنة الإدارية بديهيا.
ونقلت صحيفة "فلسطين" عن مصادر خاصة، في خبر نشرته يوم السبت الماضي، أن حركة "فتح" أرادت أن تفاوض حركة حماس في ملف رفع العقوبات إلا أن حماس رفضت ذلك جملة وتفصيلا واعتبرت رفع العقوبات بديهي بعد حل اللجنة وذلك استناداً لتصريحات سابقة للرئيس عباس.
بالنسبة إلى موسى فيقول: "من المعيب أن يتم ذكر شروط لرفع العقوبات عن قطاع غزة وكأنه ليس جزء من الوطن"، مؤكداً على أن حركة "حماس" لن تسمح بالعودة لمربع الصفر مهما كانت توصيات اللجنان المشار إليها.
وتابع:" الآن حكومة الوفاق هي المسؤولة عن الوزارات والشعب ينتظر ماذا ستفعل وسيحكم على أدائها وعلى الرئيس أبو مازن نفسه انطلاقا من الاجراءات العملية التي ستخفف عن شعبنا، فهل يتحمل بالمسؤولية؟".
وكانت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح دلال سلامة، قالت لقناة "فلسطين اليوم" أول من أمس، إن رفع الإجراءات عن قطاع غزة مرتبط بما ستقدمه اللجان المختصة من اقتراحات وتوصيات "لحكومة التوافق" الفلسطينية.
بدوره، علق د. موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على "تويتر" أول من أمس بالقول: إن "حجم التصريحات السلبية من قبل مسئولين في السلطة في قضايا لم تبرم بعد، سواء في موضوع الموظفين أو المعابر أو سلطة الاراضي أو الأمن، لا تبشر بخير".
ضرورة وطنية
بدوره، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل على وجود اجماع فصائلي على إنجاز المصالحة بصفتها ضرورة وطنية تحمل خطورة استراتيجية، مشيراً إلى أن تطبيق المصالحة سيتم على مراحل كانت أولها اللجنة حل اللجنة الإدارية والتي كان يجب أن يقابلها رفع العقوبات عن قطاع غزة.
وأعرب في حديث لصحيفة "فلسطين" عن استغرابه من استمرار هذه العقوبات رغم تراجع حماس وحلها للجنة الإدارية، مشيراً إلى وجود اجماع فصائلي على ضرورة إلغاء العقوبات عن قطاع غزة فوراً لا سيما بعد حل حماس للجنة الإدارية.
وأكد المدلل على أن اتفاق القاهرة لم ينص في أي بند من بنوده على رهن رفع العقوبات بتوصيات أي لجنة كانت، "لأنه من البديهي رفع هذه العقوبات في حال حل اللجنة الإدارية، وهذا ما وعد به أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح بأن تزال العقوبات فور حل اللجنة الإدارية بغزة، ولم يفوا به حتى اللحظة".
غير مقبول
فيما علق عضو اللجنة المركزية للديمقراطية محمود خلف، على الأمر قائلاً: "إن أي تصريحات سلبية تدفع الأمور للخلف غير مقبولة ولا تتناسب مع أجواء المصالحة وخطوات انهاء الانقسام".
وأكد في حديث لـ"فلسطين": "إن الاجراءات التي فرضت على غزة جاءت في أعقاب الحديث عن حل اللجنة الإدارية وأنه في الوقت الذي تحل فيه هذه اللجنة ترفع هذه الاجراءات بشكل تلقائي".
واعتبر خلف أنه من غير المبرر ابقاء الاجراءات ضد قطاع غزة لاسيما وأن الوضع الإنساني والاقتصادي في قطاع غزة يعيش مرحلة سيئة جدا، جزء منها بسبب هذه الإجراءات التي فرضت على قطاع غزة.
وأكد على أنه لم يأتي على ذكر هذا الشرط في اللقاء الأخير في القاهرة بين فتح وحماس ، وأن الأمر ترك لاتخاذ إجراءات من قبل الحكومة والرئيس عباس من أجل التخفيف من معاناة أهلنا في قطاع غزة.
وأوضح خلف أن مبررات فرض العقوبات زالت بحل اللجنة الإدارية، "وبالتالي يجب التراجع عنها منذ لحظة توقيع الاتفاق، وهذا شأن حكومي كما أنه يخص الرئيس عباس وليس "تفاوضي" بين الفصائل".
عثرات وبطء
الفصائل الفلسطينية والتي تقف شاهدة على ما يحصل، هي الأخرى لم تجد مبرراً لتسويف الحكومة وحركة "فتح" في ملف رفع العقوبات عن قطاع غزة، وهو ما أكده الكاتب والمحلل السياسي د. ذو الفقار سويرجو.
وقال سويرجو في حديث لصحيفة "فلسطين":" من المتوقع منذ البداية أن يكون هناك الكثير من العثرات والبطء في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة"، مشيراً إلى التصريحات الصحفية التي صدرت بعد اعلان اتفاق المصالحة والتي بثت مشاعر سلبية في الأجواء.
وأضاف: "إن التصريحات التي لا تصب في الصالح العام ولا في سرعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من أجل سرعة الخروج من الحالة الفلسطينية المزرية، تعبر عن نوع من السادية السياسية وحب الانتقام وكأن هناك منتصراً ومهزوم".
واستطرد سويرجو: "إن كان هناك مهزوما فهو الشعب الفلسطيني، وإذا أردنا أن ننصره علينا أن نرفع هذه العقوبات عن كاهله"، معتبراً أن عملية الربط بين تمكين الحكومة ورفع العقابية عن قطاع غزة بهذه الطريقة مزعج للمواطن.
وناشد الرئيس محمود عباس أن يباشر فوراً برفع العقوبات عن قطاع غزة وعدم الربط بين ملفات التمكين (بمفهومها النسبي) والذي من شأنه أن يرجئ رفع معاناة المواطنين بسبب العقوبات.

