الدستور الأردنية
-1-
على مدار سنوات راقبت تصريحات رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأكثر أهمية وخطورة، وهو القلق من مستقبل وجود كيانه، وبوسعي القول وأنا مرتاح تماما، أن هذا الكائن يشغله بشكل جدي مستقبل هذا الكيان، ولا يصرح عادة فيما يدور بينه وبين نفسه بكل ما يشعر، وبالطبع ما يدور في نفوس كثيرين من «سكان» هذا الكيان الطارئ، وإن كانت طريقة التعبير عن هذه «الهواجس» تختلف من شخص لآخر!
أكثر التصريحات تعبيرا عن هذه الهواجس جاءت قبل أيام قليلة في سياق جلسة دينية مغلقة في بيت نتنياهو، ولم تكد تسترعي انتباه الكثيرين، وقد لاحظت شيئا عجيبا، إذ تم شطب الخبر الخاص بهذه التصريحات من موقع «إسرائيلي» يبث باللغة العربية، بعد نشره بفترة، وقبل الشطب، لاحظت أن الموقع حاول أن يلتف على التصريحات، و»يفسرها» بطريقة ملتوية، توحي أن قلق نتنياهو ليس حقيقيا، وأن تصريحاته نقلت بطريقة ليست دقيقة، ثم ما لبث الموقع أن أزال الخبر كله، مع تبريراته، في العرف الصحفي، حينما تزيل خبرا فهذا يعني أنك لا تريد لقارئك أن يعرف شيئا عنه، والأكثر أهمية أنت تعتقد أنه «يسيء» لك أكثر مما يفيد، لذا فمن الأفضل «دفن» القصة، وعدم إثارتها بالكامل، وهذا ما حصل مع الموقع المسمى «المصدر» حيث انتزع الخبر من جذوره، وإن كان بحث غوغل يحتفظ برابط الخبر قبل إزالته، وحين تحاول الدخول إليه يقول لك الموقع: الصفحة غير موجودة، جربوا الدخول إلى هذا الرابط:( هل تنبأ نتنياهو بزوال دولة (إسرائيل)؟ - المصدر ) وستجدون أن الصفحة أزيلت تماما، رغم أن صيغة السؤال، والخبر بالكامل، حاول أن يقنع القارئ العربي أن نتنياهو لم يتنبأ بزوال (إسرائيل) والحقيقة أنه فعل، فمجرد التفكير في هذا الأمر، تصريحا أو تلميحا، يعني أن هاجسك الداخلي يقول لك هذا، حتى لو كذبت على نفسك وعلى الآخرين، والحقيقة أن أحدا من زعماء العالم لا يمكن أن يتحدث عن زوال «دولته» إلا إذا كان هذا فعلا ما يشغل باله، أو حتى ما هو متيقن منه، هل سمعتم زعماء فرنسا أو البرتغال أو جزر القمر، أو توغو، أو «أهمل» دولة في المحيط الهادي، يتحدث عن إمكانية زوال دولته مثلا؟ هذا لا يحدث عادة، إلا إذا كانت مخاوفه حقيقية، ومستقرة في أعمق أعماقه، ولو عدنا لسنوات حكم هذا النتنياهو لرصدنا تصريحات مشابهة، وإن كانت أقل تصريحا، فقد رصدت قوله غير مرة أن «أعداء إسرائيل» يريدون إزالتها، وتساءل مرات عدة، خاصة بعد وقوع عمليات فدائية موجعة، قائلا انه لا يوجد لدينا بلاد غير هذه البلاد نذهب إليها، إن طرح سؤال الوجود من حيث المبدأ يعني أن وجودك ليس مسلما به، وهذا ما صرح به أخيرا!
-2-
ماذا قال نتنياهو في تلك الجلسة المعلقة في بيته؟ قال «إن مملكة الحشمونائيم نجت فقط 80 عاما، وأنه يعمل على ضمان أن (إسرائيل) سوف تنجح هذه المرة والوصول إلى 100 سنة». ووفق مؤرخي (إسرائيل) فإن المملكة الحشمونية (هشمونائيم) كانت دولة يهودية عاشت 77 عاما، وكانت نهايتها مع غزو المنطقة من قبل الإمبراطورية الرومانية. وحسب من حضر الجلسة، فإن ما قيل لفت انتباه الحضور، ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مشارك بالندوة قوله عن أبرز تصريحات رئيس الحكومة: «قال نتنياهو إن وجودنا ليس بديهيا وأنه سيبذل كل ما في وسعه للدفاع عن الدولة». وأضاف: «المملكة الحشمونية دامت 80 عاما وإن علينا بدولة (إسرائيل) أن نتخطى ونمر هذه الفترة»!
ولنا عودة، إن شاء الله لهذا الموضوع!