قائمة الموقع

حصار عائلة "المنسي" شرق خان يونس .. 8 أيام بالخوف والجوع

2024-08-05T11:55:00+03:00

رتبت أم مصعب المنسي من منطقة عبسان الكبيرة شرق محافظة خان يونس أغراضها وأوشكت هي وأطفالها على مغادرة مركز الإيواء بعد نشر الاحتلال أوامر إخلاء، ليبدأ القصف المدفعي والأحزمة النارية بعد نصف ساعة من أمر الإخلاء، وكلما حاولت الخروج كانت أصوات الانفجارات والقصف تمنعها من ذلك خوفًا على أطفالها.

قبل نشر أمر الإخلاء غادر زوجها يحيى المنسي المركز إلى السوق، استعدادًا ليوم جديد يحضر فيه المتطلبات اليومية المرهقة في ظل الحرب، ولم يكن يدري أن هناك أمرًا جديدًا سيكون أثقل منها، ليجد الدنيا انقلبت في لحظة، حاول الاتصال بزوجته والذهاب إليهم لكن القذائف والقصف المستمر والخوف الذي تملك زوجته حال دون التقائهم.

مع تقليص المنطقة الآمنة في خان يونس حاول الاقتراب، ولكن التحرك كان صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر، وكان القصف يستهدف أغلق مناطق المحافظة، فانتظر أن يأتوا مع أفواج النازحين مع صعوبة الاتصالات التي لم يتمكن من التحدث مع زوجته.

لم يعط الاحتلال الأهالي شرق المحافظة فرصة لنقل أمتعتهم وأغراضهم فنزح آلاف الناس ركضًا أو مشيًا وبصعوبة استطاع البعض توفير وسيلة نقل، تحت القصف المدفعي ونيران الدبابات والطائرات المسيرّة (كواد كابتر) فاستشهد نحو 300 مواطن أثناء النزوح، بينما بقيت المنسي وأطفالها الأربعة مصعب ديمة ومحمد وأحمد داخل مركز الإيواء مفضلة العيش تحت الحصار على أن تغامر بهم بين الموت، رغم مرارة الخيارين.

حصار شديد

"تفاجأنا بعد نصف ساعة من أمر الإخلاء بدخول الدبابات وإطلاق نار كثيف ومدفعية وقصف جوي بأحزمة نارية حولنا في مركز الإيواء الذي تحاصرنا بداخله ولم نستطع الخروج منه بسبب شدة القصف والاستهداف المباشر للناس التي حاولت الخروج والنزوح غربًا وبقينا محاصرين لثمانية أيام" تقص المنسي لـ "فلسطين أون لاين" ما عاشته خلال الحصار.

تقول: "كان الحصار شديدًا، نسمع صوت الدبابات من حولنا وهي تطلق النار بشكل عشوائي وكان هناك بعض الإصابات داخل المدرسة وحولها ممن حاول العودة لمراكز الإيواء، لم تفارق الطائرات المسيرّة أجواء المركز وكان هناك ندرة في الطعام والماء بشكل كبير".

خلال الأيام الثمانية، عاشت المنسي على بعض المعلبات الموجودة معها مسبقًا، ولجأت لخيارات صعبة باستخدام الطعام "كنا نقتصد بقدر  المستطاع الكميات الموجودة لأننا لا نعرف هل سيستمر الحصار والتوغل لأيام طويلة أم لا؟".

مضتْ الأيام بالخوف والجوع وعدم الأمان، لم تشعر هي وأطفالها بالأمن ولم يزرهم النوم، فكلما كانت تحاول عيونهم أن تغفو في مركز معتم بعد نفاد شحن الهواتف وبطاريات الطاقة البديلة غرقوا في العتمة، وكان الضوء الوحيد قادم من وميض الانفجارات التي لم تتوقف للحظة، فضلًا عن وميض ارتطام رصاص الآليات بجدران المنازل، وضوء الطائرات المسيرّة التي لم تفارق سماء المركز لثانية.

تصف ما عاشته "كانت أيامًا صعبة جدًا، لم نعش مثلها لم تتوقف أصوات الانفجارات لحظة واحدة والإستهدافات متواصلة ليلًا ونهارًا، كنتُ أخشى أن تقترب الدبابات من المركز وتفتشنا أو تقوم بارتكاب جرائم إبادة كما فعلت بمراكز أخرى اجتياحات جيش الاحتلال لمحافظات أخرى".

مشاهد مؤلمة

تستحضر المنسي مشاهد صعبة لم تفارق ذاكرتها أثناء الحصار "أكثر شيء مؤلم كان انتشال الشهداء من الشوارع بعد استهدافهم في أول لحظات دخول الدبابات وكيف تحولت لحظة النجاة إلى وداع سريع لم يحظ الشهداء وذويهم بفرصة للحزن، وطوال أيام الاجتياح كانت الناس تحاول الخروج لانتشال أبنائها وذويها من الطرقات القريبة".

لا زال صدى أزيز الرصاص وصوت الانفجارات يتردد بذاكرتها "كنتُ في حزن شديد وقلق مستمر من أن يحدث لنا كما حدث لهم وتحدث مجزرة اذا اقتربت منا الدبابات والجنود، فكنا نعيش هذا الشعور المهول والمكلل بالخوف الشديد بأن يحدث مكروه لأطفالي الأربعة".

توارت مخاوفها وقلقها أمام صبرها وتماسكها الذي تظاهرت به أمام أطفالها لبث شعور الطمأنينة في قلوبهم، تذكرهم بقصص الأبطال من شهداء الشعب الفلسطيني وفي زمن النبي تقرأ عليهم الذكر والقرآن، ولجأت لطرق أخرى بإشغالهم باللعب وسط أصوات القصف والطائرات فكان الصوت الناتج عن اللعب يغلب صوت الطائرات والانفجارات.

أما زوجها فيستذكر تلك الأيام التي لا يتمنى أن يعود إليها مجددا "أيام حصارهم مرت علي وكأنها سنوات من التعب والقلق والخوف عليهم وعقلي لم يتوقف عن تخيل كل السيناريوهات التي يمكن ان تحدث معهم".
 

اخبار ذات صلة