قائمة الموقع

أسرى من غزَّة يَروُون شهادات جديدة حول "فظائع التَّعذيب" في سجون الاحتلال

2024-08-02T17:24:00+03:00
أسرى من غزَّة يَروُون شهادات جديدة حول "فظائع التَّعذيب" في سجون الاحتلال

أدلى أسرى فلسطينيون من قطاع غزة كانوا محتجزين لدى قوات الاحتلال، قبل الإفراج عنهم، أمس الخميس، بشهاداتهم عن هول ما عانوه من تعذيب "وحشي"، وتحقيق يجبرهم القول بما لم يقترفوه هروبًا من أساليب الضغط الممارسة بحقهم، في سجون الاحتلال ومعتقل "سديه تيمان".

وفي شهادته، قال الأسير الفلسطيني المفرج عنه أحمد أحمد إن قوات الاحتلال اعتقلته عند معبر كرم أبو سالم (جنوب) "وهناك عصبوا أعيننا وبدأت جولات التعذيب التي شملت ضرب وتنكيل وتجويع بشكل لم نكن نتخيله مطلقا".

وأضاف أحمد -الذي اعتقل لمدة 46 يومًا قضاها متنقلًا بين سجن عوفر والنقب وسجن آخر في القدس- "كان الجيش يجبرنا على الجلوس قرفصاء معصوبي الأعين ويمنعنا من الحركة أو الحديث مع أي شخص".

وعن جولات التحقيق قال "كانوا يسألوننا عن أنفاق المقاومة ويتهموننا بأننا من حماس ويهددوننا بالقتل إن لم نتحدث، والبعض لم يستطع تحمل التعذيب، فاعترف بأشياء لم يرتكبها فقط لوقف التعذيب".

تفاصيل أخرى رواها عرب حول أساليب التعذيب، أوضح إبراهيم سالم -الذي اعتقل من مستشفى كمال عدوان شمال القطاع في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي- أنه تعرض خلال اعتقاله "لتعذيب وتجويع وتحقيق صعب بشكل يومي".

وقال "تركت زوجتي وأبنائي مصابين في العناية المركزة بمستشفى كمال عدوان ولم أكن أعرف مصيرهم"، مضيفًا أنه تنقل من سجن إلى آخر "ولم نعرف طعم النوم، حيث نقضي أوقاتا طويلة جالسين على ركبنا".

وتابع "تعرضنا لشتى أنواع التعذيب وتركزت التحقيقات حول مكان وجود قائد حماس في غزة رغم أننا لا علاقة لنا بذلك".

وأوضح أن جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي أجبروه على ارتداء زي عسكري لكتائب القسام، وحاولوا إنزاله في نفق لكنه رفض، فعذبوه بشكل قاس على كرسي كهربائي وبدؤوا بعمليات الضرب والتنكيل.

اقتادونا عراة

أما محمد جبر من شمال غزة -الذي اعتقل من حاجز صلاح الدين- فيقول "اقتادوني إلى أماكن مجهولة فيما كنت معصوب الأعين ومقيد اليدين، وتعرضت للضرب الشديد لمدة 8 أيام وأنا عارٍ".

وأضاف "تعرضت لجروح وتم خلع ظفر أحد أصابع قدمي، ولم أتلقَ أي علاج، وفقدت 40 كيلوغراما من وزني".

وتابع "كان وضعي الصحي صعبا للغاية، فأنا مريض بالسكري وضغط الدم، ولم أتلقَ العلاج".

وخلال الشهور الماضية أطلق الجيش الإسرائيلي سراح بعض المعتقلين الفلسطينيين من غزة على دفعات متباعدة، ومعظمهم عانوا من تدهور في أوضاعهم الصحية.

شهيد في سدي تيمان

في الأثناء، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني مساء أمس الخميس استشهاد المعتقل إسلام السرساوي (42 عامًا) من حي الشجاعية في غزة -والذي اعتقل خلال الاقتحام الأخير لمستشفى الشفاء- نتيجة تعرضه للتعذيب داخل معسكر سدي تيمان، وهو واحد من بين عشرات المعتقلين الذين استشهدوا في سجون ومعسكرات الاحتلال ويواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم.

وبينت الهيئة والنادي أنه باستشهاد المعتقل السرساوي "يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 257، منهم 20 معتقلا ارتقوا منذ بدء حرب الإبادة وهم ممن تم الإعلان عن هوياتهم، بالإضافة إلى عشرات المعتقلين الشهداء من غزة ويواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم".

والأسبوع الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن 48 أسيرًا فلسطينيًا قتلوا داخل سجون الاحتلال "الإسرائيلي" منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، بينهم 36 أسيرًا من معتقلي قطاع غزة أعدموا في معتقل "سديه تيمان" في صحراء النقب.

وأمس الإثنين، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية نقلًا عن أطباء وشهود عيان، أن الأسرى الفلسطينيون في معتقلات الاحتلال ومعسكراته السريَّة يتعرضون لانتهاكات مميتة وبأساليب تعذيب "وحشية" في السجون الإسرائيلية، حتى الموت.

 وفق شهادات أسرى وجنود، قال التقرير، إن أحد السجناء الفلسطينيين توفي إثر تمزق في الطحال وكسر في الأضلاع بعد أن ضربه حراس السجن الإسرائيليون، ولقي سجين آخر نهاية مأساوية بسبب حالة صحية مزمنة لم يتم علاجها، فيما صرخ ثالث طلبًا للمساعدة لساعات قبل أن يموت.

وقد روى شهود عيان تفاصيل وفاة السجناء وأكدها أطباء من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في "إسرائيل" (PHRI)، الذين حضروا عمليات التشريح، والتي تم مشاركة نتائجها مع العائلات.

وتقول تقارير حقوقية وإعلامية إن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا في هذا السجن انتهاكات حقوقية فظيعة في حق المعتقلين، وأذاقوهم فيه مختلف أصناف التعذيب والإهانة.

و"سدي تيمان" سجن في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بُعد 30 كيلومترا من قطاع غزة في اتجاه مدينة بئر السبع. أنشأه الجيش الإسرائيلي مباشرة بعد بداية عدوانه على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب عملية طوفان الأقصى، ونقل إليه العديد ممن اعتقلهم في غزة، بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023 بدأت أول التقارير عن هذه الانتهاكات تظهر، إذ تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية آنذاك عن حالات تعذيب للأسرى في هذا المعسكر، ثم تلتها فيما بعد تقارير إعلامية وحقوقية أخرى في السياق نفسه.

فظائع أشدّ من "غوانتنامو"

تتكشف مستوى الجرائم المرعبة بحقّ معتقلي غزة تصاعديًا في معسكرات الاحتلال، وتحديدًا معسكر (سديه تيمان)، وتشكّل المعطيات الحد الأدنى من مستوى الجرائم المتواصلة بحقّ معتقلي غزة، وذلك في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقّهم، منذ بداية العدوان والإبادة الجماعية.

وشكل معسكر (سديه تيمان) بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، عنوانًا بارزًا لعمليات التّعذيب غير المسبوقة بكثافتها، خاصّة أنّ معظم الجرائم التي كُشف عنها، ارتبطت باسم هذا المعسكر، وكان آخرها ما كشف عنه الإعلام العبري، عن تفاصيل مروعة وجرائم طبيّة يتعرضون لها المعتقلون المرضى والجرحى في إحدى المنشآت التابعة للمعسكر.

ويقول المحامي خالد محاجنة، "أثناء سفري إلى المعتقل، برفقة المحامية المتمرنة مرح أمارة، وعندما وصلت إلى مشارف مدينة رهط بالنقب، تلقيت اتصالا من إدارة المعتقل وأبلغوني أنه يُحظر الدخول إليه بمركبات مدنية، وطلبوا مني إيقاف سيارتي والسير على الأقدام، وبعد السير لأكثر من 10 دقائق، اعترضني وزميلتي جيب عسكري بداخله 3 جنود، وطلبوا منا الصعود، ثم ذهبنا باتجاه المعتقل".

ويضيف "بعد سفر بالجيب لمدة 20 دقيقة تقريبا، دخلنا المعتقل، ورغم أني أعمل منذ عقد ونيف في قضايا متعلقة بالأسرى وأزورهم في السجون الإسرائيلية، فإن هذه أول مرة أرى فيها مثل هذا السجن".

ويقول محاجنة إن سجن "سدي تيمان" بدا وكأنه معسكر أو ثكنة عسكرية وليس سجنا عاديا، إذ كانت العديد من الدبابات والمدرعات والمعدات العسكرية منتشرة في كل مكان، وكان هناك جنود ينتشرون بين كثبان الرمال.

ويصف محاجنة المعتقل قائلا إنه "يمتد على مساحات واسعة، وإنه مقسم إلى 4 أقسام للاحتجاز واعتقال الأسرى الغزيين، وفي كل قسم هناك 4 بركسات من صفيح وزينك، هي أشبه بالحظيرة، وفي كل واحدة يتم احتجاز 100 أسير في ظروف غير إنسانية وبلا مقومات للحياة".

وأشار مرصد حقوقي إلى أن معسكر "سديه تيمان"، الذي يديره الجيش "الإسرائيلي"، ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة، ويُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة، "تحول إلى سجن غوانتنامو جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج".

كما وأفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأنه تلقى شهادات جديدة عن تعرض معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة -بمن فيهم نساء وأطفال- لعمليات تعذيب قاسية ومعاملة تحط بالكرامة الإنسانية، بما في ذلك التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به، مطالبا بتحرك دولي عاجل لوقف تلك الانتهاكات.

ومن ضمن التفاصيل التي ظهرت في تحقيق نشره الإعلام العبري وفقًا لشهادة أحد أطباء الاحتلال، أن معتقلين تعرضًا لعملية بتر في أطرافهما، جراء إصابات نتجت بسبب عمليات التقييد المستمرة بحقهما، حيث يُبقون المعتقلين المرضى إلى جانب عمليات التقييد المستمرة لأطرافهم، معصوبي الأعين.

وبحسب إفادات أسرى مُفرج عنهم، فإنّ 95% منهم يجهلون الأماكن التي كانوا يتواجدون داخلها طوال فترة اعتقالهم، فهم مكبلون بالأصفاد ومعصوبو الأعين طوال الوقت، ولا يُسمح لأي من المؤسسات الحقوقية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحصول على أية معلومات حولهم.

الإهمال الطبي سياسة "انتقامية"

وفي 4 أبريل/نيسان 2024، وصف طبيب "إسرائيلي" يعمل في مستشفى ميداني في منشأة يحتجز فيها جيش الاحتلال معتقلين من قطاع غزة، الظروف المأساوية التي يعيشونها، والتي وصلت إلى التسبب في قطع أطرافهم، مشيرًا إلى ارتكاب مخالفات قانونية ومهنية كبيرة.

وذكرت صحيفة هآرتس التي كشفت التفاصيل، أن أقوال الطبيب الإسرائيلي الذي يعمل في المستشفى الميداني في معتقل "سديه تيمان" في صحراء النقب وردت في رسالة بعث بها الأسبوع الماضي، إلى وزير الأمن الإسرائيلي ووزير الصحة أوروئيل بوسو، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا.

وجاء في رسالته: "في هذا الأسبوع فقط، خضع مريضان لبتر ساقيهما بسبب إصابة بدأت بسبب تقييدهما. وللأسف، نتحدث عن حدث روتيني".

وتابع الطبيب رسالته التي تحتوي على تفاصيل صادمة: "منذ الأيام الأولى لتشغيل المنشأة الطبّية وحتى اليوم، أواجه معضلات أخلاقية صعبة. والأكثر من ذلك، أكتب لأحذّر من أن خصائص أنشطة المنشأة لا تتوافق مع أي بند من البنود المتعلّقة بالصحة، في قانون سجن المقاتلين غير الشرعيين".

وأشار إلى أن المستشفى لا يتلقى إمدادات منتظمة من الأدوية والمعدات الطبية، وأن جميع المرضى المعتقلين مكبّلون من أطرافهم الأربعة بغض النظر عن مدى خطورتهم، وتتم تغطية أعينهم ويتم إطعامهم بالقش.

وأوضح أنه "في ظل هذه الظروف، فعلياً، حتى المرضى الشباب والأصحّاء يفقدون الوزن، بعد حوالي أسبوع أو أسبوعين من المكوث للعلاج".

وبحسب الطبيب، فإن أكثر من نصف المعتقلين المرضى في المستشفى الميداني، موجودون هناك بسبب إصابات تطوّرت أثناء الاعتقال، عقب تقييدهم المستمر. وقال إن القيد يسبب إصابات خطيرة "تتطلب تدخلات جراحية متكررة".

بتر يد معتقل بسبب تقييد يديه بأصفاد بلاستيكية

وبالإضافة إلى أقوال الطبيب، شهدت ثلاثة مصادر لـ"هآرتس"، لم تسمّها الصحيفة، أنه في بداية الحرب، بُترت يد أحد المعتقلين، الذي أصيب بسبب تقييد يديه بأصفاد بلاستيكية لفترة طويلة.

ونقلت "هآرتس" عن مصدر لم تسمّه أن العديد من المعتقلين في حالة بدنية سيئة. وقد أصيب بعضهم في المعارك أو في الحرب، وفي بعض الأحيان كانت جراحهم تتفاقم بسبب ظروف السجن وغياب النظافة فيه، فيما يعاني البعض الآخر من أمراض مزمنة.

وقال المصدر إنه لعدة أشهر منذ بداية الحرب، كان هناك نقص في أدوية علاج الأمراض المزمنة في المنشأة، وكان بعض المعتقلين يعانون من نوبات صرع طويلة. وبحسب المصدر، ورغم أن العديد من المعتقلين يعانون من مشاكل طبية، إلا أن معظمهم لا يعالجون في المستشفى؛ بل يبقون في الأقفاص ويتلقّون العلاج من قبل مسعفين وليس أطباء.

وقالت مصادر تحدثت إلى "هآرتس" إن تزويد أدوية الأمراض المزمنة ارتفع منذ ذلك الحين.

كما ذكرت المصادر نفسها أن أيدي العديد من المعتقلين كانت مقطوعة وملوّثة بسبب القيود. ويدعم ذلك صور المعتقلين الذين أعيدوا إلى غزة وتظهر فيها الجروح في أيديهم.

إعادة معتقلين للمنشأة مباشرة بعد خضوعهم لعمليات جراحية صعبة

وذكر الطبيب في الرسالة أن المعتقلين لا يتلقّون العلاج المناسب، حتى لو تم نقلهم إلى المستشفى، مؤكدًا عدم إبقاء أي مريض يجري تحويله إلى المستشفى لأكثر من بعض ساعات.

ويضيف: "يحدث أن مرضى بعد خضوعهم للعمليات جراحية كبيرة، مثل جراحات البطن لبتر الأمعاء، يعودون بعد حوالي ساعة من استيقاظهم (من العملية)، إلى المنشأة الطبية في سديه تيمان، والتي يعمل بها في معظم ساعات اليوم طبيب واحد، يرافقه فريق تمريض، بعضهم مؤهل كمسعف فقط. هذا بدلاً من إبقائهم للمراقبة في قسم الجراحة".

وبحسب قوله، فإن الطبيب في المنشأة قد يكون طبيب عظام أو طبيب نساء، "وينتهي الأمر بمضاعفات وأحياناً حتى بوفاة المريض".

وكتب الطبيب في رسالته للمسؤولين أن إدارة الأمور على هذا النحو "تجعلنا جميعاً، الطواقم الطبية وأنتم، المستوى المسؤول عنا في وزارة الصحة ووزارة الأمن، شركاء في انتهاك القانون الإسرائيلي، وربما الأسوأ بالنسبة لي كطبيب، مخالفة واجبي الأساسي تجاه المرضى، أياً كانوا، كما أقسمت عندما تخرّجت طبيباً قبل 20 عاماً".

وأقيمت منشأة الاعتقال سديه تيمان بعد بدء الحرب مباشرة، وكان الهدف منها احتجاز عناصر المقاومة، بمن فيهم من شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى يتم نقلهم إلى السجون.

أبو غريب وغوانتانامو جديد

حذّر طبيب إسرائيلي من ظروف أسرى قطاع غزة في معسكر "سدي تيمان" التابع لـ "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، والذي يقع بين بئر السبع وقطاع غزة.

وكشف الطبيب الذي يعمل هناك، والذي طلب عدم كشف هويته، أنّ "المرضى داخل السجن ليس لديهم أسماء، وكلهم مقيدون إلى أسرتهم عراة ومعصوبي الأعين، بحيث لا يمكنهم التحرك"، مضيفاً أنّ ما يشهده الأسرى الفلسطينيون "أكثر بكثير من مجرد تعذيب جسدي ونفسي".

وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في وقت سابق، رسالة أرسلها طبيب إسرائيلي إلى وزير أمن الاحتلال ووزير الصحة الإسرائيلي، وصف فيها المستشفى الميداني في معسكر "سدي تيمان"، مشيراً إلى أنّ الاحتلال بترَّ ساقا أسيرين بسبب إصابات نتجت عن الأصفاد.

وكان أسير فلسطيني سابق، أُطلق سراحه وأُعيد إلى غزة، قد قال لإذاعة فرنسا الدولية: "في سدي تيمان، تعرضنا للتعذيب ولم تتم معاملتنا إلاّ لإبقائنا على قيد الحياة حتى يمكن استجوابنا".

وكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استشهاد 36 فلسطينيًا من قطاع غزة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية ومعسكراته السريّة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب ما نقلت عنه وكالة أسوشيتد برس السبت.

كما نقلت الوكالة عن "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل" قولها "إن البعض ماتوا بسبب الإهمال الطبي في السجون ومراكز الاحتجاز".

وبشأن الوضع في المستشفى العسكري الإسرائيلي في "سدي تيمان"، الوحيد المخصص لعلاج الأسرى من قطاع غزة لدى الجيش الإسرائيلي، قالت "أسوشيتد برس" إن الاتهامات بالمعاملة غير الإنسانية فيه تتزايد، ويُمنع الصحفيون واللجنة الدولية للصليب الأحمر من دخوله".

ووفقا لشهادة 3 عاملين في هذا المستشفى العسكري بينهم طبيب تخدير، فإن "معظم المرضى يرتدون حفاظات، ومقيدو اليدين والقدمين، ومعصوبو الأعين، داخل خيمة بيضاء في الصحراء، ولا يُسمح لهم باستخدام الحمام".

وقالت الوكالة إن الشهادات تؤكد أن الأسرى تجرى لهم عمليات جراحية دون مسكنات كافية، من قِبل أطباء مجهولين، وقال أطباء إنهم عالجوا العديد من الأسرى ممن بدا أنهم غير مقاتلين.

ونقلت عن جندي يعمل في المستشفى، قوله "إن المرضى تعرضوا لظروف مزرية، وكثيرا ما أصيبت جروحهم بالالتهابات".

وتضمن تقرير الوكالة لقاء مع خالد حمودة، وهو جراح فلسطيني من غزة، أمضى 22 يوما في أحد مراكز الاعتقال الإسرائيلية.

ونقلت عنه القول إنه لا يعرف إلى أين تم نقله لأنه كان معصوب العينين. لكنه قال إنه تعرّف على صورة "سدي تيمان"، وأنه رأى معتقلا واحدا على الأقل، وهو طبيب بارز في غزة يعتقد أنه كان هناك.

ويتذكر حمودة سؤاله لأحد الجنود الإسرائيليين عما إذا كان من الممكن نقل شاب يبلغ من العمر 18 عاما، ويبدو أنه يعاني من نزيف داخلي إلى الطبيب، فأخذ الجندي الفتى بعيدا، وأعطاه سوائل عن طريق الوريد لعدة ساعات ثم أعاده.

ويضيف حمودة "قلت لهم: يمكن أن يموت فقالوا لي إن هذا هو الحد الأقصى المتاح".

"عثر عليهما ميتين في نهاية الرحلة".. تفاصيل وفاة غزيين تحت التعذيب

يشار إلى، أن تحقيقا سابقًا، أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مارس/آذار الماضي، أكد مقتل 27 معتقلا فلسطينيا من غزة في منشآت عسكرية احتجزوا فيها منذ اندلاع الحرب على القطاع.

وأوضحت الصحيفة أن المعتقلين توفوا أثناء احتجازهم في قاعدة "سدي تيمان" العسكرية الواقعة شمال شرقي بئر السبع، وفي قاعدة عناتوت بالقرب من القدس، أو أثناء الاستجواب في مرافق أخرى للتحقيق داخل إسرائيل.

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "هآرتس"، ظروف وفاة فلسطينيين اثنين تم اختطافهما من قطاع غزة تحت التعذيب والاختناق أثناء نقلهما من خانيونس إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتل للتحقيق، وذلك على يد جنود جيش الاحتلال.

وفي التفاصيل، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن تحقيق الشرطة العسكرية يكشف أن الغزيين - ولم تذكر اسمهما- اللذين ماتا أثناء الطريق إلى منشأة الاعتقال في سديه تيمان قد ضربا على أيدي الجنود، وأنهما لم يتضررا بسبب ظروف الطريق القاسية بحسب ادعاء القوة التي كانت تحرسهم. هذا ما قالته مصادر تحدثت مع الصحيفة.

وكشفت الصحيفة أنه تم التحقيق مع عدد من الجنود، لكن لم يتم اعتقال أي واحد منهم، مثلما في الـ33 حالة وفاة أخرى لسكان من القطاع الذين اعتقلوا في الحرب وتم إحضارهم إلى معتقلات الاحتلال.

وبحسب الصحيفة فإن "الاثنين تم اتهامهما بالإرهاب وتم أخذهما وهما حيين في شاحنة وتم تكبيلهما. هذه الشاحنة نقلتهما من خانيونس إلى منشأة الاعتقال قرب بئر السبع. وقد تم العثور عليهما ميتين في نهاية الرحلة".

وأوضحت أن "أدلة تم جمعها في التحقيق تناقضت مع ادعاء جنود الهندسة بحدوث أضرار لهما بسبب الطريق.. بل إنه تم ضرب المعتقلين في كل أنحاء جسديهما، وبحسب الأدلة فإن أحدهما أصيب في رأسه".

وتزعم الصحيفة أن الشرطة العسكرية تحقق في الأشهر الأخيرة في 25 حالة وفاة لفلسطينيين تم اعتقالهم كمقاتلين في القطاع.

وكانت مراقبة الأمم المتحدة لشؤون التعذيب دعت الاحتلال الإسرائيلي إلى التحقيق في ادعاءات خطيرة حول التعذيب والتنكيل بالفلسطينيين المعتقلين في السجون وفي منشآت الاعتقال العسكرية، بعد حصولها على شهادات عن ذلك من اللجنة العامة ضد التعذيب.

مصدر طبي قال إنه اطلع مؤخرا على عدد من حالات "الموت الفجائي" في السجون وفي منشآت الاعتقال، وأنه لم يكن هناك أي طريقة لتفسير سبب الموت. وبحسب قوله فإن إحدى هذه الحالات هي موت عز الدين البنا (40 سنة) الذي كان معاقا على كرسي متحرك وتم اختطافه من القطاع وتوفي في سجن عوفر في شهر شباط/ فبراير.

المصدر المطلع على تحليل جثة البنا عبر عن الدهشة حول التدهور السريع في وضعه الصحي بعد أن عاش 18 سنة وهو معاق، وقدر أنه لم يحصل على العلاج المناسب. أحد المحامين الذين زاروا العيادة في عوفر قال إن المعتقلين في المنشأة قالوا إن البنا كان يعاني من جروح قاسية و"سمع صوت احتضاره"، بحسب قولهم، لكنه لم يحصل على العلاج المطلوب.

وفي وقت سابق، أفادت وزارة الأسرى والمحررين بأن الغالبية العظمى من أسرى قطاع غزة يذهبون إلى المجهول داخل أقبية وسجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني منذ أكتوبر 2023م.

وبحسب الوزارة، يتواجد المعتقلون في معتقلات سرية مثل معتقل "سدي تمان" في النقب سيء السمعة والمعاملة القاسية التي يتعرضون لها، بالإضافة إلى كافة أنواع التعذيب الشديد والممنهج، خاصة في بداية أيام الاعتقال.

وتتوالى أجهزة الأمن مهمة استكمال التحقيق لأخذ المعلومات من المعتقلين في ظروف قاهرة تكون حاضرة عمليات الضرب والشبح وصنوف كثيرة من التعذيب بحيث تكون أجهزة أمن الاحتلال بحاجة لاعترافات ومعلومات بأي وسيلة ممكنة.

وأكدت الوزارة، أن ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال هو إمعان في الجريمة وهي جريمة مركبة بحق شعبنا وأسراه، مردفةً : "وهو يؤكد ما ذكرناه مراراً وتكراراً بأن الاحتلال يمارس القتل والإعدام والسادية بحق الأسرى، ويفرض عليهم شروطاً وظروفاً غاية في القسوة والإجرام، متجاوزاً بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية".

 

 

اخبار ذات صلة