أصبحت سعاد نصر الله، تعيش هاجسًا يوميًا للتخلص من الحبوب التي تظهر على أجساد أطفالها الثلاثة.
فمنذ أكثر من شهر، تتنقل نصر الله، بين المراكز الصحية في مدينة غزة، بحثًا عن أدوية تساعد في شفائهم، ولكن دون جدوى، لعدم سماح قوات الاحتلال وصول تلك الأدوية لقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتعمّدت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة، تدمير شبكات المياه والصرف الصحي والبنية التحتية ومنع إدخال الأدوية والأغذية ما أدى إلى أنتشار الأمراض والأوبئة خاصة بين فئة الأطفال وكبار السن.
أمراض معدية
وتقول نصر الله لمراسل "فلسطين أون لاين": "بمجرد أن تبدأ الحبوب في الظهور على أجساد أطفالي ويقترب موعد شفائهم، تظهر حبوب جديدة من نوع آخر، فأضطر إلى الانتقال من مكان لآخر بحثًا عن العلاج المناسب لهم".
وأوضحت نصر الله، التي نزحت إلى حي الشيخ رضوان برفقة عائلتها، أن ابنها أحمد، البالغ من العمر سبع سنوات، امتلأ جسده قبل أيام بحبوب حمراء منتفخة انتشرت في كافة أنحاء جسمه، وعند توجهها إلى إحدى العيادات الطبية في الحي، أخبرها الطبيب بأن ابنها يعاني من مرض جلدي يعرف باسم "جدري الماء".
وذكرت أن الطبيب قدم لها روشته بعدد من الأدوية اللازمة بالإضافة إلى بعض النصائح والإرشادات للتعامل مع هذا المرض المعدي الذي أصاب العديد من الأطفال في المدينة جراء ارتفاع درجات الحرارة واستخدام المياه الملوثة في الاستحمام، إلى جانب لعب الأطفال بالرمال المليء بغبار صواريخ الاحتلال.
وتحاول نصر الله، وزوجها جاهدين توفير أبسط مقومات الحياة لأطفالهم، مثل الطعام الصحي والمياه النظيفة، ولكن دون جدوى. فجيش الاحتلال "الإسرائيلي" يحاول الضغط على سكان غزة والشّمال لدفعهم للتوجه إلى الجنوب من خلال عدم توفير الأدوية والطعام الصحي والمياه العذبة، مما يضعهم في حالة إعياء مستمرة.
وفي إحدى زوايا العيادة، كانت أماني ماضي تمسك بيد نجلها علاء، البالغ من العمر ثلاث سنوات، بانتظار دخولها إلى الطبيب لفحص الحبوب التي انتشرت على رجليه، وبعد دقائق من زيارة الطبيب، أوضحت ماضي، لمراسل "فلسطين أون لاين" أن الحبوب الحمراء على رجلي ابنها سببها التلوث الجوي والصواريخ التي أطلقها جيش الاحتلال خلال حربه المستمرة على القطاع.
ولفتت إلى أنه لا يكاد يمر أسبوع دون أن تتوجه لزيارة الطبيب، برفقة أحد أولادها الخمسة الذين يشتكون من نفس المرض وهو انتشار حبوب حمراء غريبة على أجسادهم.
انتشار المرض
من جهته أكد مدير مستشفى كمال عدوان، في بيان له، من انتشاء واسع للأمراض الجلدية في القطاع خاصة بين الأطفال.
وذكر أن الالتهابات الجلدية في القطاع، آخذة في الارتفاع خاصة بين فئة الأطفال، مرجعًا ذلك بسبب انتشار الحشرات والقوارض والبعوض وتسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفية وارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه النظيفة الصالحة للشرب، و العجز التام في توفير العلاجات والأدوية ومنع الاحتلال "الإسرائيلي" دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للقطاع.
وكانت مؤسسات صحية محلية ودولية حذرت في بيانات سابقة لها، من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين جراء التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة وعدم توفر مياه نظيفة.
فيما حذرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها، من خطر موت عدد أكبر من سكان القطاع، في ظل ارتفاع درجات الحرارة والاكتظاظ في خيام النزوح وتراكم مياه الصرف الصحي، وانتشار الحشرات التي تنقل الأمراض والعدوى بين فئة الأطفال وكبار السن، والتي ستؤدي لتسجيل وفيات.