تتصاعد موجة الهجرة العكسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، وتآكل الردع بعد هجوم المقاوم فضلا عن توتر الأوضاع المستمر مع حزب الله جنوب لبنان، مما أدى لتصاعد أرقام المهاجرين.
وقالت وسائل إعلام عبرية، إنّ نصف مليون شخص غادروا "إسرائيل" في الأشهر الستة الأولى من الحرب، في وقتٍ أصبحت فيه الهجرة نحوها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب،
وفي شباط/فبراير، غادر نحو 20,000 شخص الأراضي المحتلة، وفي آذار/مارس غادر نحو 7,000، وبإضافة الوافدين والخارجين في نيسان/أبريل إلى العدد العام، فإن الفجوة لصالح عدد الخارجين وصلت إلى نحو 550,000 ألف شخص، وفق الإعلام الإسرائيلي.
وتعبر تصريحات رئيس الوزراء "الإسرائيلي" السابق نفتالي بينت، التي دعا فيها المستوطنين إلى عدم مغادرة البلاد، عن المخاوف الإسرائيلية من تبعات مغادرة دولة الاحتلال.
وأكد بينت أن "إسرائيل" تمرّ بأصعب فترة منذ تأسيسها، حيث إرباك الحرب، والمقاطعة الدولية، وتضرر الردع، وبقاء 120 "إسرائيلياً" في الأسر، وآلاف العائلات الثكلى، وآلاف المهجرين، وفقدان السيطرة على الاقتصاد والعجز.
فيما أشارت التقارير الإحصائية إلى تفاقم الهجرة العكسية من "إسرائيل" بعد اندلاع الحرب على غزة، فيما تم الإعلان عن تأسيس حركات وجمعيات شعارها "لنغادر معاً"، استقطبت عشرات آلاف المستوطنين "الإسرائيليين".
مرحلة اليأس
ووفق المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، يدلل تصاعد الهجرة العكسية أن مجموعة من قوى اليسار التي تؤمن بضرورة أن يعيش "المجتمع الإسرائيلي في دولتين متجاورتين" وصل لمرحلة اليأس من قوى اليمين المتطرف أو "المتخلف" حسب وجهة نظرهم.
وقال مجلي لموقع "فلسطين أون لاين": إن "الوضع أصبح لا يطاق للعيش في (إسرائيل) خاصة أن هناك حكومة تأتي بانقلاب أيدلوجي تغير قوانين دولة الاحتلال، بالتالي يعتبر المنتمون لأحزاب اليسار أنه لا مكان لهم ويتحدثون عن تنظيم حملة شعارها "لنغادر معا".
وأضاف "هناك من يغادرون لأنهم لم يعودوا يتحملون الإيمان بإمكانية التغيير للأفضل داخل دولة الاحتلال، وهناك من يتهربون من الخدمة العسكرية خاصة من فئة الشباب ولا يستطيعون تحمل عناء الحروب التي تجرها إليهم حكومة اليمين المتطرف، ويعيشون في توتر دائم بالتالي لا يشعرون بالانتماء لهذه الدولة".
ورغم هجرة نحو نصف مليون إسرائيلي منذ 7 أكتوبر، رأى مجلي أن هذا الهجرة ليست بأعداد ضخمة، مشيرا إلى أن 150 ألفا من مجموع النصف مليون مهاجر قرروا الهجرة الدائمة، وهي في النهاية نسبة قليلة بالمجتمع الإسرائيلي لكنها قد تقود وتشجع على مزيد من الهجرة العكسية.
وعن الأسباب التي دفعت هؤلاء للهجرة، يعتقد أن سياسة الحكومة المتطرفة الفاشلة في الحرب وتوفير الأمن وهمها الأساسي بالبقاء في الحكم هو أهم سبب أدى لهذه الموجة من الهجرة.
ويتأثر المهاجرون من دولة الاحتلال بالمقاطعة الدولية والعزلة التي تتعرض لها دولة الاحتلال، حيث يتعرضون، بحسب مجلي، للانتقاد والإهانة والشتم سواء في المطار أو محطات النقل والشارع والمترو فعندما يتم اكتشاف بأنه إسرائيلي يتم نبذه وهذا تعبير عن الأزمة الدولية التي تعيشها دولة الاحتلال.
ظاهرة مقلقة
فيما يؤكد العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة "عدم وجود أرقام دقيقة حول الأمر"، عادا ذلك ظاهرة مقلقة للحكومة الإسرائيلية.
وقال زحالقة لموقع "فلسطين أون لاين": "لا أحد يعرف إن كان من هاجروا سيبقون في الخارج أم سيعودون وإن كانوا امتلكوا أعمالا في الخارج وأن نتائج الحرب ستلعب دورا مهما في قرار عودته أم مغادرتهم الدائمة"، مؤكدا، أن النقطة الخطيرة أن نصف الإسرائيليين حصلوا على جواز سفر مزدوج إضافي.
وأوضح أن الإسرائيليين يفعلون ذلك لضمان السفر واستعماله في حال احتياجهم لذلك، مبينا، أن عملية الحصول على جوازات سفر تحدث منذ سنوات وهي عملية تراكمية لكنها زادت خلال الحرب الجارية على غزة.
وأشار لهجرة "أدمغة" بأعداد كبيرة من دولة الاحتلال، واصفا الهجرة بالضخمة وبأنها ظاهرة مقلقة للقيادة الإسرائيلية التي تلعب على وتر أن العالم يعادي السامية لمنع الإسرائيليين من الهجرة وتحذيرهم من تعرضهم للإهانة في أوروبا.
وقال: إن "الحصول على جواز سفر مزدوج هو من شروط الحياة في دولة الاحتلال"، لافتا إلى أن دولا مثل البرتغال ورومانيا فتحت أبوابها أمام الإسرائيليين للحصول على جواز سفر مزدوج.