أدلى أطباء أجانب وصلوا إلى قطاع غزة، شهاداتهم حول أنواع الإصابات التي تتركها أسلحة جيش الاحتلال الإسرائيلي، على أجساد أطفال غزة، وتتحول مع مرور الوقت كـ "قنبلة متفجرات" مسببة دمارًا هائلاً للجرحى.
وقال أطباء متطوعون في مستشفيين في غزة، لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إن معظم عملياتهم كانت لأطفال أصيبوا بقطع صغيرة من الشظايا التي تترك جروح بالكاد يمكن تمييزها، لكن تسبب دماراً هائلاً داخل الجسم، وأوضحت منظمة العفو الدولية أن هذه الأسلحة تبدو مصممة لزيادة أعداد الضحايا إلى أقصى حد.
وبحسب الصحيفة، لاحظ الأطباء تكرار ظهور نمط من الجروح الدقيقة التي تتوسع إلى أضرار بالغة في الأعضاء الداخلية، ما يستلزم إجراءات جراحية معقدة وطويلة لإصلاح الأضرار. مما يضاعف من معاناة الأطفال والأسر التي تعاني بالفعل من الظروف القاسية للصراع.
وبالعودة إلى الشهادات، أشار أحد الجراحين، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن "تأثير هذه الشظايا داخل الجسم يشبه تأثير التفجيرات الصغيرة، حيث تسبب كل قطعة صغيرة أضراراً ضخمة في محيطها".
من جانبه أكد فروز سيدهو، جراح الإصابات من كاليفورنيا، والذي عمل في مستشفى أوروبا بجنوب غزة، إلى أن الأطفال الذين تعرضوا لإصابات بسبب هذه الأسلحة سيحتاجون إلى رعاية مستمرة لسنوات قادمة، وهو ما يبدو مستحيلاً في قطاع غزة، مما يجعل شفاءهم الكامل صعب التحقيق.
وذكرت الغارديان أن غزة تواجه الآن واحدًا من أعلى معدلات البتر بين الأطفال بسبب هذه الأسلحة، مع نقص كبير في العقاقير والموارد الطبية، مما يحد من قدرتهم على تقديم العناية اللازمة للإصابات الحادة.
وفي تقارير سابقة، قال أطباء بريطانيون عملوا بمستشفى شهداء الأقصى بغزة إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات التي مرت عليهم خلال حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى من دون معدات طبية.
وروى الأطباء الذين تمكنوا من دخول قطاع غزة، والعمل في مستشفى شهداء الأقصى لمدة أسبوعين، ظروف عملهم تحت وطأة القصف الإسرائيلي، والإصابات المروعة التي كانت تصل إلى المستشفى، وكان أغلبها أطفالا ونساء.
مع ما رجحته دراسة نشرتها مجلة "ذا لانسيت العلمية" البريطانية، أن يصل عدد ضحايا حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الماضي، إلى 186 ألفًا>
وفسرت المجلة البريطانية دراستها، أنه في الصراعات والحروب الأخيرة، تراوحت أعداد الوفيات غير المباشرة حوالي 3 إلى 15 ضعفاً من أعداد الوفيات المباشرة.
وقالت "ذي لانسيت"، حتى لو انتهى الصراع على الفور، فسوف يستمر وقوع العديد من الوفيات غير المباشرة في الأشهر والسنوات التالية لأسباب مثل الأمراض الإنجابية والأمراض المعدية وغير المعدية.
وباستخدام تقدير أعداد السكان في قطاع غزة لعام 2022 البالغ 2,375,259 نسمة، فإن ذلك يعني أن عدد الضحايا من الوفيات المباشرة وغير المباشرة سيبلغ 7.9٪ من إجمالي عدد السكان في القطاع.
وقال التقرير إن تحليلات مستقلة تدعم بيانات وزارة الصحة في غزة، بحيث تقارن هذه التحليلات التغيرات في عدد الوفيات بين الأرقام التي أعلن عنها موظفو وكالة الأمم الأونروا بتلك التي أبلغت عنها الوزارة، والتي وجدت أن ادعاءات تلفيق البيانات غير دقيقة.
يأتي ذلك بينما أصبحت عملية جمع البيانات صعبة بشكل متزايد بالنسبة لوزارة الصحة في غزة، بسبب تدمير جزء كبير من البنية التحتية. واضطرت الوزارة إلى تعزيز تقاريرها المعتادة بمعلومات من مصادر إعلامية موثوقة ومن المستجيبين الأوائل.
وفي السياق، صحيفة وول ستريت جورنال، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة الرئيس جو بايدن أعطت الضوء الأخضر لإرسال قنابل بوزن 500 رطل إلى "إسرائيل".
وأفاد مسؤول أمريكي للصحيفة بأن واشنطن ستستمر في تأجيل شحن القنابل الكبرى التي تزن 2000 رطل، معربة عن مخاوف من استعمالها في عمليات قريبة من رفح جنوبي قطاع غزة.
وقبل أيام، قال مسؤولان أمريكيان مطلعان على قائمة محدثة لشحنات الأسلحة إن إدارة بايدن أرسلت إلى إسرائيل أعدادا كبيرة من الذخائر، منها ما يزيد على 10 آلاف قنبلة شديدة التدمير بزنة ألفي رطل وآلاف من صواريخ هيلفاير، منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.
وأضاف المسؤولان لوكالة رويترز أنه بين بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي والأيام القليلة الماضية، نقلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة (إم كيه-84) من زنة ألفي رطل، و6500 قنبلة من زنة 500 رطل، وثلاثة آلاف صاروخ هيلفاير جو-أرض دقيق التوجيه، وألف قنبلة خارقة للتحصينات، و2600 قنبلة صغيرة القُطر تُسقَط جوًّا، وذخائر أخرى.