كشف المحامي خالد محاجنة، ظروف احتجاز آلاف المعتقلين من قطاع غزة، بمعتقل سدي تيمان هو أحد السجون السرية في إسرائيل، واصفًا زيارته للمعتقل بأنها كانت ممزوجة بالحزن والغضب والعجز بسبب كل ما سمعه وشاهده من شهادة الصحافي محمد عرب.
يُذكر أن محاجنة هو أول محامٍ يدخل هذا المعتقل منذ أن بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقال المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأشار إلى أن معتقل "سدي تيمان" هو معسكر للجنود والجيش الإسرائيلي يحتجز فيه أكثر من 1000 معتقل فلسطيني من قطاع غزة. وهم محتجزون في أربع براكيات موجودة داخل المعسكر، وداخل كل براكة أكثر من 150 معتقلًا ينامون على الأرض بدون أغطية وبدون أي وسادات للنوم عليها.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 4000 فلسطيني تم اعتقالهم في "سدي تيمان"، حيث يعيشون في ظروف مهينة، ويتعرضون للكم والركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وأجهزة كشف المعادن اليدوية والصدمات الكهربائية أثناء استجوابهم.
ولفت إلى أن "إسرائيل" تتعامل بفظاعة وبشكل إجرامي مع هؤلاء المعتقلين منذ أكثر من 100 يوم، مشيرًا إلى أن محمد عرب، شأنه شأن باقي المعتقلين، مقيد اليدين ومعصوب العينين على مدار 24 ساعة.
وأضاف محاجنة أن الاحتلال يسمح لكل أسير فلسطيني معتقل في سدي تيمان بالاستحمام لمدة دقيقة واحدة، وكل أسير يتخطى هذه الدقيقة يتم معاقبته والاعتداء عليه بشكل صعب وفظيع.
وحسب ما سمعه من داخل المعتقل، قال محاجنة إن الاحتلال يمنع الأسرى من الحديث مع بعضهم البعض، كما أنهم ممنوعون من الالتفات، ويمنعهم من القيام بالواجبات الدينية بشكل نهائي.
وأشار إلى أن الأسرى يواجهون أبشع وسائل التعذيب والتنكيل، حيث تمعن إسرائيل في التنكيل بهؤلاء الأسرى، موضحًا أن كل هذه الإجراءات ليست فقط من أجل التحقيق وانتزاع معلومات أو تفاصيل تتعلق بالمقاومة الفلسطينية أو الحرب على قطاع غزة، وإنما فقط لأنهم من القطاع، بل بهدف الانتقام منهم وتحميلهم المسؤولية عما حصل في 7 أكتوبر.
وأكد محاجنة أن هذه الزيارة كانت بمثابة أمل لمحمد عرب، المعزول عن العالم الخارجي نهائيًا منذ أكثر من 100 يوم من اعتقاله. مضيفًا أن عرب روى خلال الزيارة، التي استمرت حسب التوقيت المحدد 45 دقيقة، العديد من التفاصيل الصعبة والفظيعة والبشعة التي تمارس بحق معتقلي قطاع غزة وبحقه تحديدًا.
وتابع محاجنة أن الاحتلال حقق مع الصحافي محمد عرب مرتين منذ اعتقاله؛ الأولى بعد أربعين يومًا من الاعتقال، واستمرت لساعات بتحقيق صعب جدًا، حيث مورس بحقه أبشع الوسائل في محاولة لانتزاع معلومات تتعلق بالمقاومة الفلسطينية وحماس تحديدًا.
وأردف أن وحدة التحقيق رفضت كل رواية محمد بأنه صحافي يعمل على نقل الحقيقة للعالم وما يعانيه أبناء شعبه الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المرة الثانية التي حقق فيها الاحتلال معه كانت منذ حوالي أكثر من شهر، حيث وجهت إليه تهمة الانتماء إلى تنظيم غير معروف.
ولفت إلى أن الاحتلال مدد اعتقال محمد عرب، كما مدد اعتقال أكثر من ألف أسير بدون وجود محامين وبدون محاكمات عادلة أمام المحاكم المركزية، معتبرًا هذا الأمر إجراءً تعسفيًا يثبت أن الهدف هو تمديد الاعتقال والاستمرار في احتجاز هؤلاء المعتقلين في ظروف غير إنسانية.
وروى محمد عرب للمحامي تفاصيل تتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأسرى، حيث قال إن هناك حالات اغتصاب وحالات تنكيل بالأسرى الفلسطينيين. مشيرًا إلى أن ستة أسرى تعرضوا لاعتداءات جنسية من الجنود الإسرائيليين بشكل مباشر أمام أعين باقي الأسرى، كما أن 6 آخرين استشهدوا أثناء التعذيب.
وبشأن الأدوات القانونية المتوفرة لمواجهة كل هذه الظروف، أوضح محاجنة أننا نتعامل في وضع صعب جدًا ولا يمكننا القيام بأي إجراء في المحاكم الإسرائيلية، ونحن أمام عجز تام كمؤسسات حقوقية ومحامين من أن نتعامل مع هذا الأمر.
وشدد على أن المؤسسات الحقوقية سوف تحارب في هذا الإطار، ولكنها لا تعول كثيرًا على المحاكم الإسرائيلية في إنصاف هؤلاء الأسرى، وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وأوضح محاجنة أن السلطات الإسرائيلية تمنع التواصل بين المعتقلين سواء مع عائلاتهم أو حتى مع المحامين، لتجنب الكشف عن الممارسات القمعية والإجرامية بحق الأسرى الفلسطينيين، وعدم فضح الممارسات الإسرائيلية أمام هذا العالم.
وخلص إلى أنه بعد هذه الزيارة سوف نقوم بإرسال رسائل لمصلحة السجون وللمسؤولين عن معسكر سدي تيمان من أجل فحص كل هذه المعطيات والمعلومات والشهادات التي سمعناها، ثم سنقوم بالتوجه للمحاكم الإسرائيلية العملية من أجل وضع حد لكل هذه الممارسات القمعية الإجرامية النازية بحق الأسرى الفلسطينيين وبالذات أسرى غزة.