قائمة الموقع

​بالحناء "فاطيما الغول" تربط الماضي بالحاضر

2017-10-15T07:45:19+03:00
فاطيما الغول

صنعت عالمًا خاصًّا بها في طفولتها الهادئة، أساس عالمها هذا كان الألوان واللوحات والرسومات، وكانت تنتظر حصة التربية الفنية بصبر نافد، فبريق موهبة الرسم كان يلمع في الأفق، وسعت بمفردها إلى تنمية موهبتها بالممارسة وقوة الملاحظة والتجربة، ولكن بسبب الظروف الحياتية اضطرت إلى ترك الرسم، ثم عادت إليه بقوة بعدما لم يحالفها الحظ في الحصول على وظيفة، فاتجهت إلى الفن التشكيلي باستخدام الحناء، وبها عملت على ربط الماضي بالحاضر.

لقتل الفراغ

"فاطيما الغول" البالغة من العمر ٣٧ عامًا أنهت دراسة التعليم الأساسي في جامعة القدس المفتوحة، تركت الفن مدة طويلة تجاوزت سنوات دراستها وتعليمها وزواجها وتربيتها لأبنائها، وكان السبب الأول لعودتها إلى عالمها الفني هو عدم حصولها على وظيفة.

قالت لـ"فلسطين": "ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب أفقدني الأمل في الحصول على وظيفة، فاتجهت نحو موهبتي، وكنتُ على يقين أنها ستسعفني في أزمتي، واخترت النقش بالحناء للأقارب والأصدقاء، وسيلة لقتل وقت الفراغ، دون عائد مادي".

وفي عام 2007م بدأت مشاركاتها في المعارض لنقش الحناء، حتى أصبح مهنة أساسية لها تحقق منها دخلًا جيدًا.

وأضافت الغول: "المشاركة في المعارض فتحت لي آفاقًا جديدة في الفن، وأخذتني نحو الفن التشكيلي، وكان ذلك من طريق المصادفة، فقد شاركتُ في معرض "المرأة والطفل" في قاعة رشاد الشوا عام ٢٠١٣م بنقش حناء للفتيات، والتقيت منسق المعرض سهيل عطا الله، الذي كان يبحث حينها عن فنان يجسد له فكرته، وهي رسم لوحات قماشية بالحناء، تبرز على وجه الخصوص المدن والمعالم الفلسطينية، لربط الماضي بالحاضر، وتأكيد الحق الفلسطيني في المدن المسلوبة".

لبراعتها في النقش للفتيات وجدها عطا الله الشخص الذي يستطيع تنفيذ الفكرة، وعن ذلك قالت: "بدأنا سلسلة طويلة من التجارب على القماش ونوع الحناء، وطريقة الرسم المناسبة، وكيفية حفظ اللوحات من التلف لتتبادلها الأجيال على مر الزمن، وبذلك تصبح اللوحة تراثًا يخلد لكل الأجيال، وذات قيمة عالية فنيًّا وماديًّا".

وبينت أن سبب استخدامها مادة الحناء هو أنها على دراية تامة بطبيعة المادة، ومكوناتها، وطرق استخدامها، إلى جانب أن الحناء تُعدّ تراثًا من الآباء والأجداد، مضيفة: "الحناء مادة غير مألوفة في الرسم، فلا أستخدم سوى قرطاس الحناء، أي أنها الأداة الوحيدة التي أرسم بها اللوحات، وهذا وحده أعده إنجازًا وتميّزًا لي"

وتابعت: "استخدمت الحناء في رسم المدن الفلسطينية لتضفي على اللوحة قيمة وثقلًا فنيًّا عاليًا بطريقة مبتكرة خارجة عن المألوف، أيضًا الحناء تعطيها لون الطوب القديم الأصلي، فتبدو للناظر كأنها مُصوَّرة منذ عدة سنوات".

وأشارت الغول إلى أنها "الأولى على مستوى الشرق الأوسط والعالم، التي تستخدم مادة الحناء في الرسم".

أقل تقدير

وتختار الغول المدن والمخيمات الفلسطينية والمعالم الدينية المهمة تاريخيًّا ودينيًّا مواضيع لرسم لوحاتها، فهذا _برأيها_ "أقل تقدير لفلسطين، لتأكيد حق الفلسطيني في ملكية الأرض، مهما حاول الاحتلال الإسرائيلي طمس وتغيير معالمها، أو بيعها للاستثمار الأجنبي".

ولفتت إلى أنها عندما تختار رسم معلم تاريخي أو ديني تحرص على تجريده من أي إضافات جديدة أضافها الاحتلال، وإرجاع المعلم إلى أصوله التاريخية حسب الحقبة التاريخية التي بُني فيها.

ومن العقبات التي تعثرت بها الغول في طريقها صعوبة اختيار القماش ونوع الحناء، وطريقة الرسم بالقرطاس، وإخراج اللوحة بشكل مميز، لافتة إلى أن الرسم بالحناء يحتاج لدقة شديدة في العمل، و"مزاج عالٍ جدًّا"، وذلك لأن "لا مجال للخطأ، إذ لا يمكن مسح الخطأ أو إزالته، لو حصل".

عملت بلوحاتها على إيصال رسالتها كأي فنان فلسطيني، "هي موهبة أخرجتني من رحم معاناة المرأة الفلسطينية، وأحاول أن أعبّر عن ذلك باللوحات وفكرتها، فلعلي أكون بذلك قدمت شيئًا قليلًا من واجبي في الدفاع عن قضيتنا، وتسليط الضوء على همنا الفلسطيني المشترك" قالت.

وتطمح الغول إلى المشاركة بلوحاتها في معارض بالقدس المحتلة والضفة الغربية، وكل المدن الفلسطينية، وكذلك المشاركة في معارض عربية وعالمية.


اخبار ذات صلة