في الوقت الذي يعمل أهالي بلدة سبسطية الأثرية شمال نابلس شمال الضفة الغربية؛ لوضعها على خريطة السياحة العالمية؛ تفاجؤوا صباح أول من أمس، بقيام مجهولين بنبش وتخريب أحد أهم مواقع بلدتهم الأثرية.
وندد رئيس بلدية سبسطية محمد عازم بأعمال التخريب التي لحقت بالآثار في ساحة البزيليكا في القرية، والتي تعتبر إحدى أهم الآثار الرومانية لما تحتويه من معالم أثرية تتكون من "مرقص ومحكمة وساحات وقاعات".
وقال عازم لـ"فلسطين": "إن مسلسل الاعتداءات على آثار سبسطية لم يتوقف، ففي النهار تتواصل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، ويواصل "أعوان الاحتلال" ولصوص الآثار السرقة والتخريب والتدمير في الليل، لإعطاء مبررات له كي يستولي على المكان الأثري.
وأكد أن الاعتداء والتدمير وقع على ساحة البزيليكا بعد يومين من تواجد المستوطنين وقوات الاحتلال في القرية، بحجة الأعياد اليهودية وفور انسحابهم وقع التدمير والتخريب.
وأوضح أن أعمال ترميم ساحة البازليكا، التي تم نبشها كانت مكلفة وشاقة، لنتفاجأ بلصوص الآثار وهم يخربون أهم المواقع فقط لبيعها للاحتلال ومستوطنيه للربح المادي على حساب الحضارة والتاريخ.
وأعرب عازم عن أسفه الشديد للتقصير الحكومي تجاه المواقع الأثرية في البلدة وعدم حمايتها أو ترميمها بالشكل المطلوب، مطالبًا الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤوليتها وتوفير حماية خاصة للآثار في سبسطية.
تاريخ سبسطية
وكانت بعثة من علماء الآثار في جامعة هارفرد، قد كشفت عام 1908، عن غالبية آثار سبسطية والتي كانت تحت الأرض مدفونة، حيث تشكل الآثار المكتشفة 20% فقط من مجمل الآثار، فيما تحتضن الأرض باقي هذه الآثار ولم يتم التنقيب عنها بعد لكلفتها العالية.
وعن تاريخ سبسطية يقول أحمد العلي من هيئة تطوير السياحة في سبسطية، لـ"فلسطين"، إن اسم البلدة يعود لكلمة يونانية أطلقت عليها أيام هيردوس، وتعرضت المدينة لاحقا لسلسلة من الحروب والتغيرات السياسية في ذلك الوقت، إلا أنها بقيت مركزا وعاصمة دينية وسياسية للرومان ومن بعدهم.
وتحتوي المدينة والتي صنفت الأولى من حيث التنوع الطبيعي في يونسكو عالميا، على آثار من كافة العصور البيزنطية واليونانية والرومانية والكنعانية، كما يقع في وسط البلدة مسجد بناه السلطان صلاح الدين الأيوبي عندما فتح مدينة القدس، وعلى قبر النبي يحيى عليه السلام.
أطماع المستوطنين
بدوره، يؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، أن بلدة سبسطية التي يسكنها نحو 3500 فلسطيني مصنفة مناطق "ج" و"ب"، حسب اتفاق "أوسلو" الموقع بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وهي تشكل محط أطماع للمستوطنين والاحتلال ولصوص الآثار.
وأوضح دغلس لـ"فلسطين"، أن المستوطنين يقومون بين فترة وأخرى باقتحام المنطقة الأثرية ببلدة سبسطية ويقومون بتأدية طقوس دينية، بزعم أنها "أراض إسرائيلية" وأنها تعود لأحد أنبيائهم في العصور الغابرة.
وعن مواقع سبسطية الأثرية يوضح منشور لبلدية سبسطية للترويج السياحي لها بأنها تحوي عددًا من المواقع الأثرية أهمها المقبرة الرومانية، وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد.
وفي القسم المصنف "ج"، تقع أهم المواقع الأثرية وهي ساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب. ويشبه مسرح سبسطية إلى حد كبير مسرح مدينة جرش الأردنية.
وبحسب وزارة السياحة الفلسطينية يعود تاريخ الموقع الأثري، إلى العصر البرونزي (3200 قبل الميلاد)، وخضعت المدينة لحكم الآشوريين ثم الفارسيين ومن ثم الرومانيين، وحكمها الملك هيرود عام ثلاثين قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي" أي "المبجلة" وغالبية المباني الحاضرة تعود لعهده.